لم نعد في هذه الدنيا نعرف لا من هم اليهود الحقيقيون ولا من هم المسلمون الحقيقيون، كل ما نعرفه هو أنه هناك يهود وهناك مسلمون... لكن أين هم لست أدري. لما كنا أطفالا صغارا كنا نسمع بأن اليهود يتواجدون في أمريكا واسبانيا وغيرهما من تلك البلدان التي تمتلئ بهم، وأن المسلمين يتواجدون في الدول العربية كالسعودية مثلا.
كبرنا مع هذا التصور وبدأنا نبحث عن ما يختلف فيه اليهود مع المسلمين. آباءنا لما سألناهم في الصغر بحثا عن الحقيقة، كانوا يخبروننا بأن اليهود لا يعبدون الله وأنهم يعبدون أشياء أخرى، كما أنهم لا يلبسون سوى الملابس الداخلية، التي لا تستر سوى الأعضاء الحساسة في جسم الإنسان. ولما كبرنا قليلا وأصبحنا ندرس في الثانويات، أصبحنا نصادف معنا أشخاص في القسم لا يرتدون سوى تلك الملابس الداخلية، كما أصبحنا نسمع أن هناك يهودا دخلوا الإسلام وأصبحوا يسترون عوراتهم.
إذ ذاك فقط، لم نعد نستطيع أن نسأل آبائنا إن كان الفرق بين الاثنين( أي بين اليهود والمسلمين) يكمن في اللباس، لأننا أصبحنا نتشبه بهم. كدنا نسأل المعلم في الفصل، لكن نسبة حيائنا لم تكن تسمح لنا بذلك، مما أجبرنا على التزام الصمت.
أخيرا، قررنا أن نكتشف الحقيقة بأنفسنا.. لكنها كانت صادمة، أو أنها كانت غير ما كنا نتوقعه... اكتشفنا أن المسلمين هم أولئك الذين يعيشون في أمريكا وغيرها وأن اليهود هم أولئك الذين نعتقد أنهم مسلمون، وسَترون الفرق معي.
في المغرب مثلا وليس بعيدا، نجد العديد من المنافقين والعديد من "الشفارين" والعديد من الدجالين والقليل من المسلمين. وحتى لا أحاسب على كلامي، سأعطيكم أدلة على ذلك. المنافقون تعرفونهم كثيرا، يضحكون معكم في النهار وفي الليل يستغلون الفرصة ويأتون من وراء ظهوركم أملا في قتلكم.. الليل هنا لا يعني سوى ذلك الجدار القاتم الذي يضعونه أمام أعينكم لحجب حقيقة مدى نفاقهم. كبار المنافقين اسألوا عنهم عباس الفاسي فقد يعرفهم أكثر مني، أما صغارهم فيتواجدون في الجماعات المحلية والمقاطعات والبلديات، فها هم قادمون إليكم من جديد في الانتخابات القادمة.
"الشفارين" ليسوا هم أولئك الذين يقتحمون البيوت والمقاهي ويسرقون الملاعق وشاشة التلفاز، بل أولئك الذين يسرقونكم وهم يضحكون معكم، تاركينكم تظنون مع أنفسكم أنهم يحسنون صنعا.
الدجالون يعيشون معكم، ويمزجون قليلا من العسل الحر في كلامهم حتى لا تشعروا بنفاقهم.
أما القليل من المسلمين، فهم ربما أنتم الذين ما زلتم تحتفظون ببصيص من الأمل المعلق على الجدران.
بعيدا، وفي أمريكا مثلا المعروفة بأن فيها يهودا لا يعرفون إلى الله طريقا، ترون أن تصرفاتهم أفضل من تصرفاتنا بكثير. فهم على الأقل لا ينافقون أحدا ولا يسرقون أحدا، بل على العكس يساعد بعضهم البعض إذا ما حلت به مصيبة، إلى درجة أن منهم حتى من يستطيع أن يموت من أجل أن تبقى أنت حيا.
على عكسنا نحن تماما، فقد يموت المرء أمام عينيك، دون أن تبالي به... وفي أحسن الأحوال تقول مع نفسك "إوا غير هوا ليمات.. مات كاع جدي". أوليس هذا كفرا بحد ذاته؟
ففكروا مع أنفسكم إذن، وأحكموا بين من هم اليهود الحقيقيون ومن هم المسلمون الحقيقيون؟
التعليقات (0)