اليمن وثلاثية الغضب الداخلي
"الحوثيون والقاعدة والحراك الجنوبي"
لاشك ان ماتمر به الجمهورية اليمنية الان من تحديات كبيرة تعتبر الاشد والاقسى على مدى عقود مرت سواء قبل الوحدة او بعدها ، وهي تحديات خطيرة ومآسي كبيرة بدت واضحة جلية اكثر من اي وقت مضى.. واليمنيون الان احوج مايكونون الى الرؤيا الصحيحة والثاقبة والمجابهة الصريحة للعلل وللاسباب الفاعلة في الاحداث وكشف طبيعتها ومن ثم تحديد مداها وتأثيرها على كل المستويات ، فما يحدث في اليمن الان يفوق التصور من حيث النتائج والعواقب ، ومن هنا تبرز اهمية الدراسات العلمية الجادة في تقديم فهم صادق لعلاقة مايجري بما يريد الذين يقفون وراء مايجري . فاليمن يعاني من مشاكل خطيرة نجمت عن تكالب الحوثيون والقاعدة ومايسمى بالحراك الجنوبي الذي ينادي بالانفصال عن الوحدة ، ومهما كانت الاراء ناقدة للكيفية التي تدير بها السلطات المركزية في صنعاء للحياة السياسية فان اعطاء الاشارات الخاطئة بعدم دعم اليمن وتركه وحيدا سيهدد البلاد السعيدة فعليا ، خاصة وان الجميع استغل ولايزال انشغال الدولة بحربها في الشمال مع الحوثيين وبدأ في اطلاق الصيحات المختلفة في ارجاء اليمن ، فالقاعدة شاهدت الدخان يتصاعد من معارك الحوثيين وقررت نقل ثقلها الى اليمن لانه في رأيها اهم الف مرة من الصومال ، وهكذا بدأ مقاتلوا القاعدة في الماضي القريب يتوافدون على اليمن قادمين من الصومال لينظموا صفوفهم في مناطق الوسط " مأرب والجوف وغيرهما " على اعتبار ان الشمال بيد الحوثيين والجنوب يغلي كالبركان الذي يتحين ساعة الانفجار وصب الحمم ، علما ان دخول القاعدة على خط الفوضى ساعد المعارضة على ارهاق السلطة المركزية ، ولاشك ايضا ان اضعاف السلطات اليمنية يهدد بالتالي الاطراف الخارجية المعنية بامن واستقرار اليمن وهذا تحديدا مادفع القيادة السعودية لمساندة اليمن في حربها ضد الحوثيين من خلال ضرب اهداف حوثية والدخول فيما بعد كطرف ثالث في الحرب لفترة زمنية قصيرة ومحددة .
ان المراقب لما يجري في اليمن سيلاحظ ان هناك مؤامرة حيكت بذكاء ودهاء عاليين وقسمت تلك المؤامرة الى مراحل ومناطق "الشمال والوسط والجنوب" ولكل منهم هدف مختلف عن الاخر وجماعة لاتشبه الاخرى بل وتخالفها في الفكر والمنهج والرأي ، فالحوثيون يسعون لاقامة دولة بالشمال بعدما تيقن لهم انهم مظلمون في ظل الجمهورية اليمنية وان حقوقهم معدومة ، اما الحراك الجنوبي فهو يسعى للانفصال والعودة الى ماكان عليه الجنوب اصلا قبل الوحدة ، والقاعدة التي لايزعجها التحالف مع الاطراف الاخرى حتى لو كانت عدوة لها مثل الحوثيين والانفصاليين وجدوا في هذه الاحداث فرصة لهم للسيطرة على مناطق الوسط والشرق اليمني حيث القبائل الاشد قسوة وشراسة في اليمن وظهر مقاتلوا القاعدة في بعض تلك المناطق بكامل اسلحتهم نهارا جهارا مستغلين مشاركة المقاتلات الامريكية في قصفهم ليجعلوها ستارا لهم لتبرير هجماتهم ضد الجيش اليمني وعناصر الامن ، وما بين التحدي المسلح في الشمال والوسط والجنوب يأتي ضغط المعارضة السياسية السلمية في صنعاء او ما يسمى باللقاء المشترك والذ بقي لسنوات يضغط على السلطة سياسيا وشعبيا لزيادة ارهاقها وتحميلها مالاتحتمل حتى احتارت صنعاء على من تصب وتكيل الاتهامات ، هل هي ايران التي تقف وراء تلك الفتن ؟ ام بعض دول الجوار التي تأوي قادة الحراك الجنوبي وتساندهم ؟ ام الصومال والرأس الافريقي القريب جدا والذي يصدر المقاتلين المتدربين لليمن .؟ ام ان المؤامرة اكبر بكثير من المحيط الاقليمي وتهدف الى تمزيق اليمن وتقسيمه الى دويلات ثلاث سبق للاعلام العالمي الحديث عنها ؟ ولماذا لاتكون امريكا او اسرائيل هي من تحيك لليمن تلك المؤامرات لتهديد أمنه وسلامته ووحدة اراضيه ؟ وأقول انه مهما كانت الدوافع والجهات التي تقف خلفها ومهما فان هناك حقيقة لابد وان يدركها اليمنيون جيدا .. وهي ان مايجري يهدد اليمن شمالا وجنوبا ووسطا وعلى صنعاء ان تدرك ان الحوثيون والقاعدة والحراك الجنوبي لن يهدؤا ولن يتوقفوا ولن يتحقق السلام معهم بالطريقة التي تعالج بها صنعاء الازمة .
د. رشيد بن محمد الطوخي
باحث ومتخصص في الشؤون السياسية
التعليقات (0)