بين سنتي 1992 و2004 اعتقل الرماش والديب واليخلوفي والنيني، وانكشف أمر المسؤولين (عسكريين، أمنيين، قضاة، مدنيين، رجال سلطة) المتورطين معهم مقابل أموال قذرة.
آنذاك كانت بلادنا تتربع على عرش الحشيش العالمي لعدة سنوات، إنتاجا وتصديرا، هذا ما دأبت، وقتئذ التقارير الدولية على الإقرار به، سيما تقارير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والهيئة الدولية لمراقبة المخدرات ووزارة الخارجية الأمريكية والمرصد الجيوسياسي للمخدرات.
وظل أباطرة المخدرات يعيشون كملوك، سواء قبل أو بعد اعتقالهم، إذ يقضون عقوباتهم في جو، أقل ما يمكن القول عنه، إنه جو "سجون – فنادق خمس نجوم"، أحرارا في فضاء الحبس أكثر مما كانوا عليه خارجه، ومنهم من يسير مصالحه، حتى المشبوهة منها، من قلب زنزانته التي لا تشبه باقي زنازين السجن.
لقد أكدت مختلف الملفات التي عرضت على أنظار العدالة أن بارونات المخدرات يشكلون قوة جبارة فاقت أحيانا كثيرة قوة الدولة والقائمين على أمورنا، كما بينت بجلاء أن رؤوس شبكات تهريب المخدرات ظلت تتحرك في مأمن وأمان على امتداد التراب الوطني وخارجه، كما أماطت التحقيقات اللثام عن وجود لائحة تضم أسماء مهربين كبار ظلت قابعة بين رفوف الجنرال حميدو العنيكري عندما كان قيما على الأمن الوطني، لم يتم إلقاء القبض عليها ولا حتى مساءلتها رغم مرور سنة ونيف عن انكشاف أمرها وقتئذ.
ففي سبعينات القرن الماضي وضعت مصالح الأمن يدها على أحمد بونقوب، الملقب بـ "حميدو الديب" وأحمد اليخلوفي ومحمد الدرقاوي وغيرهم، باعتبارهم من كبار مروجي ومهربي المخدرات والمتاجرة فيها دوليا. آنذاك كانت الاستراتيجية الأمنية المعتمدة تنتقي بعض كبار البارونات مع الحرص على عدم الوصول إلى الرؤوس الفعلية.
وفي سنة 2003 عشنا على إيقاع إحدى أكبر القضايا المرتبطة بالمخدرات التي تورط فيها ما يناهز ثلاثين مسؤولا، من قضاة وأمنيين وعسكريين ودركيين وجمركيين ورجال سلطة وعناصر مختلف المخابرات ومجموعة من تجار المخدرات والوسطاء.
بعد سقوط الديب واليخلوفي أينعت رؤوس جديدة من طراز الرماش والنيني وحربول والشريف بين الويدان وطريحة.. وتزايدت معهم لوائح رجال الدولة المتورطين.
لقد اعتقل الديب ومن معه في خضم حرب الملك الراحل الحسن الثاني على المخدرات منذ خريف 1992، وتلت ذلك "الحملة المشبوهة" التي قادها الوزير المخلوع، إدريس البصري، حيث ساد الاعتقاد أن القائمين على أمورنا جادون في فتح أبواب الحرب على بارونات المخدرات. آنذاك ولأول مرة ببلادنا، أحدثت لجنة تقصي الحقائق حول المخدرات بالبرلمان، ترتب عن تقريرها الذي ظل محتواه سرا على المغاربة، ترسيم بعض الخطوط الحمراء لشبكات التهريب بغية وضع حد للصورة السوداء التي دأبت التقارير الدولية تتضمنها عن المملكة المغربية والتي جعلت من المغرب أول مصدر ومروج للحشيش عالميا.
تواطؤ السلطة
بعد كشف شبكات الديب واليخلوفي بطنجة وتطوان سنة 1996، ثمة شبكات أخرى كان يديرها منير الرماش والجبلية ومحمد الطيب الوزاني (النيني) والشريف بين الويدان بمساعدة ومساندة عبد العزيز إيزو، المسؤول الأمني، سيما بعد أن تأكد بجلاء اختراق بارونات الحشيش دواليب الدولة.
كما أبانت التحقيقات في مختلف الملفات التي عرضت على أنظار العدالة عن كون بارونات الحشيش ظلوا يتحركون في حرية تامة، رغم صدور مذاكرات اعتقال بخصوصهم، يمارسون حياتهم الطبيعية، دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منهم، وكلما صدرت تعليمات صارمة، ولو كانت سرية، أو تعالت أصوات منددة بهذا المنكر، يتوارون عن الأنظار بعد إخبارهم بكل ما يجري ويدور.. ثم يعودون للظهور من جديد بعد هدوء العاصفة.
إن تواطؤ بعض القائمين على الأمور لم ينحصر عند حدود التستر على البارونات وتسهيل عمليات نقلهم كميات هائلة من المخدرات على متن قوارب أو طائرات أو شاحنات أو حافلات، وإنما يحمونهم أيضا بإخبارهم بكل المستجدات كلما اقترب حصدهم من طرف مصالح الأمن.
هذا، ومن المعروف عالميا، أن تجارة المخدرات ظلت مرتبطة بتجارة السلاح وتهريب البشر، مما يشكل مخاطر كثيرة لا تحمد عقباها على البلاد والعباد.
إن العلاقة بين المخدرات والسياسة أضحت ثابتة منذ عقود، وتتجلى أكثر بمناسبة الاستحقاقات عبر الأموال الهائلة الموظفة، التي تأتي أغلبها من مصادر قذرة. ومن المعلوم أن بارونات المخدرات يلجؤون إلى الانتخابات لحماية أنفسهم من المتابعات، فضلا عن تشكيل جماعات الضغط ولوبيات في كنف مؤسسات الدولة. وما تم الكشف عنه إلى حد الآن بخصوص المسؤولين المتورطين ليس سوى الجزء الظاهر من الجبل الجليدي العائم.
لقد قدرت المصادر الأمنية التي قادت عمليات مطاردة بارونات الحشيش عدد المتابعين الوازنين بخمسين شخصا، نجحت في تحديد هويات ثلاثين منهم، ولم تتمكن من إيقاف إلا النزر القليل من البارونات.
من علامات التواطؤ المكشوف لبعض القائمين على الأمور استفادة مجموعة من بارونات الحشيش ذائعي الصيت من العفو الملكي دون وجه حق، منهم محمد بلمختار الملقب الذي حوكم بعشر سنوات سجنا نافذا سنة 1991 والمستفيد من عفو ملكي سنة 1994، مكنه من استئناف عمله غير الشرعي كأن شيئا لم يحدث. وتكررت القصة مع صالح أحموت المدان كذلك بعشر سنوات حبسا نافذا والذي تمت تبرئته بعد 3 سنوات فقط من الاعتقال بفعل تدخلات جهات وازنة. ونفس الأمر حدث بالنسبة لمحمد بولعيش الملقب بـ "المعزوزي" والدرقاوي والإخوان حربيطي وغيرهم.
حفنة من ملايين الدراهم مكنت عددا من بارونات الحشيش من استعادة الحرية غير المستحقة قانونيا لاستمرار مشوارهم الإجرامي تحت حماية رجال دولة يحتلون منزلات وازنة في هرم السلطة الجهوية أو المركزية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما مكنوا بعض البارونات من احتلال مواقع مهمة وبارزة في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والإدارية ومنظمات المجتمع المدني. علما أن تورط ضباط الدرك والجيش والأمن لم يتم الكشف عنه إلا عندما انفضح أمر منير الرماش سنة 2003 بفعل تراشق عناصر شبكته مع عناصر شبكة منافسة بالنار، بكابيلا على مقربة من الإقامة الملكية.
وانضاف إلى هؤلاء المسؤولين العسكريين والأمنيين قضاة ورجال سلطة وموظفون كبار مع انفضاح قضية الشريف بين الويدان.
آنذاك تناسلت تساؤلات عديدة بخصوص محمد أربعين ليتأكد، مرة أخرى، أن قوة المال والنفوذ بإمكانها فعل المستحيل، ومن المعلوم أن محمد أربعين هذا تعرض للاعتقال في مارس 1996، إلا أنه سرعان ما تم توضيح أن الأمر تعلق بسوء تفاهم وطمست النازلة إلى غير رجعة، لكن المعني بالأمر منع من الترشيح للانتخابات المحلية من طرف وزارة الداخلية سنة 1992 بسبب تورطه في قضايا مرتبطة بتهريب المخدرات والاتجار فيها.
ومن المؤشرات، التي دلت على تواطؤ جهات وازنة، ما وقع للقاضية مليكة بنمسعود التي رغبت، بكل نزاهة، في متابعة البحث في ملفات المخدرات إلى أقصاه دون مواربة أو تحفظ خلافا للقاعدة الجاري بها العمل بالشمال، لكنها تعرضت للتهديد بالقتل والتصفية قبل نقلها إلى المجلس الأعلى للقضاء بالرباط لسحب البساط من تحت قدميها وإبعادها عن الملفات الساخنة بمنطقة الشمال آنذاك.
إن روابط بارونات المخدرات مع السلطة لم يعد من الأسرار، وأضحى أمرا لا يخفى على أحد. فهناك قضاة، ضباط سامون، أمنيون ورجال دولة، انفضح أمرهم في قضية المخدرات منذ ثمانينات القرن الماضي، ثم جاءت بعد ذلك ملفات الديب واليخلوفي والرماش والشريف بين الويدان وطريحة لتأكيد هذا الأمر ليس إلا.
بارونات مخدرات وإشكالية فتح الحدود
حسب مصدر مطلع حرص على عدم الكشف عن هويته، من بين الأسباب التي تعرقل إعادة فتح الحدود بين المغرب والجزائر، قوة نفوذ بارونات المخدرات في كلا البلدين، إذ يعملون كل ما في وسعهم، لعرقلة فتحها اعتبارا لأن التهريب يوفر لهم أرباحا طائلة قد تتجاوز مليار دولار بخصوص المخدرات، حيث لا يرغبون في اقتسام هذه "الكعكة" مع شبكات دخيلة قد تستغل فتح الحدود للتدخل.
وفي هذا الصدد يحرص بارونات المخدرات بالجزائر على إبقاء الحالة على ما هي عليه. وقد سلطت بعض وسائل الإعلام الجزائرية الضوء سابقا على البارون أحمد جنزبيل وشبكته القوية، كما انفضح أمر علاقته بالجنرال كمال عبد الرحمان، المدير السابق للأمن العسكري ورئيس المنطقة الثانية بالجزائر، كما اعترف جنزبيل أنه كان يقوم بدور الوساطة، بأمر من ضباط سامين جزائريين، مع بعض "المجموعات الإرهابية" لتمويلها وتزويدها بالأسلحة المهربة من أوروبا ثم عبر الحدود المغربية الجزائرية. كما بينت بعض التحقيقات علاقة جنزبيل بشبكة الشريف بين الويدان.
عبد العزيز اليخلوفي
ظلت شخصية عبد العزيز اليخلوفي غامضة، وقد أخذ معه كل أسراره إلى قبره علما أنه كان يخيف الكثيرين تنفسوا الصعداء بعد التحاقه بالرفيق الأعلى في ظروف حامت حولها الكثير من الشكوك.
من مواليد سنة 1951 بمدينة سبتة المحتلة، حمل الجنسيتين المغربية والإسبانية.
اعتقل يوم 19 دجنبر 1995 بتطوان وحوكم بمدينة سلا. اعترف في البداية بتسييره لشبكة متخصصة في تهريب المخدرات تضم عناصر من مختلف الجنسيات (مغاربة، ألمان، إسبان، إيطاليين، كنديين، كولمبيين، فرنسيين، انجليز وهولنديين).
افتتحت محاكمته في 13 فبراير 1996، وبعد إدانته بعشر سنوات سجنا نافذا بدأ اليخلوفي ينادي ببراءته ويكشف عن أساليب التعذيب والضغوطات التي تعرض لها معلنا أنه وقع على محضر الشرطة دون التعرف على فحواه.
خلال جلسات المحاكمة، كان مرة يرفع يده معلنا علامة النصر (V) ومرة ينهار باكيا كالطفل، راكم ثروة هائلة لم يتم الإعلان عن قيمتها، وكان شريكا لشخصيات مرموقة عالميا في مشاريع بكوبا وفرنسا وإسبانيا.
وفي إحدى جلسات المحكمة وقف اليخلوفي وشريكه الإسباني، (الغونسو كونيسا روس) عند علاقتهما بالرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو طويلا، وكانت في حوزة عبد العزيز اليخلوفي حسابات بنكية بالمغرب وجبل طارق وإسبانيا وكندا. كما كان يملك عقارات وشركات أو نصيبا منها في هذه البلدان، إضافة إلى يخت راق وأسطول مكون من 15 سيارة، ولا يعرف هل تم حجز كل هذه الممتلكات.
حسب بعض الجهات تلقى اليخلوفي وعودا بإعادة النظر في قضيته في اتجاه يرضى عنه، إن هو التزم الصمت بخصوص جملة من الحيثيات والأشخاص والنوازل، وفي خضم المحاكمة أسر أكثر من مرة لأحد المقربين منه أنه يجب على أحد المسؤولين أن يرخص له بالكلام وآنذاك يمكنه البوح بكل شيء.
حسب التقرير الطبي تم نقل عبد العزيز اليخلوفي من السجن المركزي إلى مستشفى الإدريسي بالقنيطرة يوم 02 ماي 1998، وهناك لقي حتفه جراء سكتة قلبية يوم 02 يونيو من نفس السنة.
وعندما سئل محمد زيان، وزير حقوق الإنسان الأسبق، عن مصير عبد العزيز اليخلوفي، كان رده: "لقد اعتقل عبد العزيز اليخلوفي قبل بداية الحملة التطهيرية [1992] التي لم تكن في علمي، على الرغم من أنني كنت وزيرا في الحكومة، حيث كانت ترتيبات هذه الحملة في علم إدريس جطو الذي كان وزيرا للتجارة ومحمد القباج الذي كان وزيرا للمالية وأمالو وإدريس البصري..
اعتقل اليخلوفي وسجن وقيل إنه أجريت له عملية جراحية على اللوزتين قيل إنها كانت السبب في وفاته، على الرغم من أن زوجة اليخلوفي أكدت في استجواب صحافي مع تلفزة إسبانية أنها عاينت زوجها وهو مذبوح من الحنجرة".
يبدو أن اللعنة ظلت تتبع عائلة اليخلوفي، إذ تورط نجله عماد اليخلوفي، بعد وفاة والده بسنوات، في نازلة قتل شخص كانت له بعض الحسابات مع جهات إسبانية – مغربية، حيث أدين بثلاثين سنة سجنا نافذا رغم أنه بقي ينادي ببراءته من التهمة لعدة اعتبارات، منها أنه لم تكن تجمعه بالقتيل أية علاقة، سوى أن المجرمين الذين اقترفوا جريمة باعوا سيارة "الرونج روفر" التي استخدموها لحمل الجثة بعد مرور شهر عن فعلتهم، لابنة عبد العزيز اليخلوفي شقيقة عماد، ولما دأب هذا الأخير على استعمالها بين الفينة والأخرى تحول دون أن يدري إلى شريك في الجريمة مع سبق الإصرار والترصد.
حميدو الديب
كان حميدو الديب صيادا قبل ولوجه عالم تهريب المخدرات والاتجار فيها على الصعيد العالمي، وقد تبث في التحقيقات أنه تمكن من "تصدير" أكثر من 6000 طن من الحشيش إلى أوروبا من نهاية الستينات إلى حدود اعتقاله في مجرى التسعينات.
بعد صدور تقرير المرصد الجيوسياسي المخدرات في نونبر 1995، أطلق الوزير المخلوع إدريس البصري حملته التطهيرية في يناير 1996 والتي نعتها المغاربة بـ "المندبة كبيرة والميت فار" باعتبارها جاءت لدر الرماد في العيون بعد الفضائح التي تضمنتها التقارير الأجنبية بخصوص تورط شخصيات مغربية وازنة وتحتل مواقع مهمة جدا، في شبكات تهريب المخدرات والاتجار فيها دوليا.
وكان "حميدو الديب" أول صيد ثمين بمعية عبد العزيز اليخلوفي ومحمد بولعيش، الذين التزموا الصمت ولم يكشفوا أي اسم وازن عملا بقواعد "قانون كوزا نوسترا" الذي يحكم العلاقات بين المافيات وبشكل أهم بند في قوانينها الداخلية.
كان الديب يتصرف في ميناء صغير خاص به أحدثه بنفسه وعلى نفقته بسيدي قنقوش شمال طنجة، ترسو فيه عدة مراكب سريعة مستعدة لنقل المخدرات في أي وقت إلى الضفة الأخرى.
استفاد احميدو الديب كثيرا من تواطؤ الحاج أمال ( الديستي) الآمر الناهي في صك الاتهامات لهذا وذاك، وهو ما دفع لاحقا ببعض المهربين الذين تعاملوا مع الحاج آمال قصد الإفلات من المتابعة القضائية، بتوجيه الاتهامات إليه بتوفير الحماية لهم، والإفلات من الحملة التطهيرية لسنة 1996، بل كان للحاج آمال الفضل في طمس بعض المعطيات التي باح بها الديب واليخلوفي أثناء التحقيق معه من طرف مصالح Dst، حيث أنه قام بوساطة مع السلطات السياسية بكوبا لأجل عودة بعض قيادة البوليساريو، ليتم طمس الملف بسرعة فائقة، وتقتصر المحاكمة على المهربين فقط، ليتم النطق بالأحكام في حق تجار المخدرات وترك رجال الأمن والسلطة في منأى عن أية مسؤولية. وهذا ما دفع بوسائل الإعلام إلى الاستمرار في النبش وفضح تواطؤات بعض رجال الأمن والسلطة، كما وجهت أصابع الاتهام آنذاك إلى القضاء، الشيء الذي خلف جواً آخر وعجل بفرار بعضهم، وعلى رأس المسؤولين الأمنيين الذين لاذوا بالفرار سنة 1999 رئيس المديرية الجهوية لحماية التراب الوطني الحاج آمال، حيث اختار مدينة ماربيا بجنوب إسبانيا للتواري عن الأنظار، ومازال لحد الساعة لم تطأ أقدامهم المغرب خشية الاعتقال. وظل ينعم فيما غنمه من عطايا تجار المخدرات الذين وفر لهم الحماية والغطاء...
النيني سجين فوق العادة
رأى النور بأحد الأحياء الهامشية بمدينة سبتة المحتلة، لكنه أضحى من أكبر بارونات المخدرات بالمغرب وإسبانيا، ويقال في شأنه "ضمن 10 جوانات تدخل باسبانيا هناك جوان من الحشيش الذي هربه "النيني"".
اعتقل في غشت 2003 وحوكم بـ 8 سنوات سجنا نافذا. كان يعيش في السجن كملك كل رغباته مستجابة حتى "التقسيرة" في خارج أسوار السجن المركزي أن تغيير الجو بمراقص مدينة القنيطرة، التي أضحى بعضها يخصص له طاولة بحجم كرم كلما حل بها.
كان يعيش حياته داخل السجن كإمبراطور حقيقي إذ كان يحتل ثلاث غرف مميزة لوحده الأولى مخصصة للنوم والثانية للأكل والثالثة للخدم من السجناء الذين يتولون قضاء خدمته مقابل مبلغ مبلغ شهري يصل إلى 1500 درهم لكل واحد من الخدم الثلاثة وكانت إدارة السجن المركزي بالقنيطرة قد أخلت ثلاث غرف من حي يحمل اسم حي الأحداث ومنحتها لـ "النيني" الذي دخل السجن حاملا صفة سجين فوق العادة. زنزانته … غرف مميزة ومزينة بزليج رفيع وأبواب خشبية عادية لا تغلق ليل نهار ومجهزة بأحدث التجهيزات الالكترونية وشاشات تلفزيون وحاسوب مرتبط بشبكة الانترنيت وحمام خاص.
في طنجة، كما واد لاو وتطوان والقنيطرة، كان الجميع مستنفرا لضمان راحة النيني، كما كانت استفادته من الوضع الاستثنائي الذي تمنحه جنسيته الإسبانية تثير غيرة وحنق معتقلين آخرين.
طنجة كانت أول سجن يدخله النيني، وهنا كان يلقب بـ "مدير السجن". ويحكى أنه كان متسلطا وكان يعتدي على السجناء القاصرين، والويل لمن قادته الصدفة إلى الممر حيث يقضي فيه بعض أوقاته.
في هذا السجن كان النيني يستفيد من فترات خروج من السجن، والأدهى أنه كان يخرج مستقلا سيارة الشرطة أو سيارة المدير ليقضي ليالي قد تصل إلى الأسبوع، متنقلا بين ملاهي معروفة بالمدينة خاصة ملهى "5/5" وملهى "أهلا" فضلا عن بعض الفيلات المملوكة لبارونات المخدرات، قبل أن يعود أدراجه إلى جناحه الملكي الذي يتوفر على أفخم التجهيزات ووسائل الراحة من شاشات مسطحة وثلاجات ومكيفات الهواء. وحتى حينما كان النيني يقضي لياليه في السجن، يؤكد أحد السجناء، "فقد كانت القسارة في قاعة الزيارة تستمر حتى الصباح على نغمات الكمنجة والتطبيل" رفقة بارونات آخرين.
في تطوان استفاد النيني من وضع مماثل أيضا، وهنا، حيث قضى قرابة 6 أشهر أثناء محاكمته استئنافيا في ملف الرماش، كان يحظى بمعاملة مميزة. وعلى عكس طنجة لم يكن بالإمكان السماح له بالخروج خارج أسوار السجن، بسبب وجوده في منطقة تحيط بها المباني السكنية، لكن بالمقابل استفاد من تواطؤ الإدارة والحراس الذين يُسهلون عملية إدخال العاهرات، بل منهم من كان يمنحه غرفة نومه ليمارس فيها حياته الجنسية، مع سهره على إتمام طقوس الليالي الحمراء، مستفيدا من خصوصية إقامة النيني في جناح الأجانب المجهز على شاكلة فيلا صغيرة، بكل ضروريات الحياة الرغيدة.
هنا أيضا كان البارون ملكا للسجن بما تحمله الكلمة من معنى، كانت تربطه علاقات مع مدير السجن الذي أهداه غرفة في جناح النساء، وفيها كان يقضي لياليه الحمراء وتؤكد مصادرنا أن إحدى الوسيطات وتسمى "دينا" (على غرار الاسم التي تحمله ابنته!) كانت مهمتها جلب النساء إلى البارون بحجة أنهن سيزرن أحد معارفهن داخل السجن، بل أكثر من ذلك استفاد النيني من إمكانية قضاء بعض الليالي في منزل مدير السجن الذي انتهى به المطاف إلى العزل بعد مدة من تنقيله .
تمكن "النيني" من الفرار يوم 7 دجنبر 2007، مستغلا خروجه قصد "التقسيرة المعتادة" بتواطؤ مع الحراس، غادر القنيطرة بسرعة والتحق بالشمال يمر إلى سبتة، في البداية تم التستر على فراره، ولم ينكشف الأمر إلا بفضل مكالمة هاتفية مع مديرية السجون التي بعثت أحد موظفيها للوقوف على عين ليقين بعين المكان
لقد فر من السجن والأبواب تفتح له عن طيب خاطر ومع الابتسامة، ولم يضطر لتسلق السور أو حفر نفق.
وتم اعتقاله ثم تسليمه الى السلطات المغربية، تنفيذا لأمر أصدرته منظمة الشرطة الدولية (إنتربول) التي توصلت بطلب في الموضوع من السلطات الأمنية والقضائية المغربية، على اعتبار أن بارون المخدرات، نظم عملية فرار من سجن مدينة القنيطرة (شمال الرباط) نهاية العام الماضي، قبل أن يكمل مدة العقوبة السجنية المحكوم عليه بها، على خلفية ضلوعه في المتاجرة غير المشروعة في المخدرات.
كما التمست مؤخرا إحدى المحاكم الإسبانية من المحكمة الوطنية بمدريد، المصادقة على قرار نزع الجنسية الإسبانية، عن بارون المخدرات النيني.
قدرت ثروته بـ 30 مليون أورو موظفة في مشاريع تجارية بمدينة سبتة المحتلة والمغرب.
الشريف بين الويدان
سطع نجم محمد الخراز، الملقب بـ "الشريف بالويدان" في مجال تهريب المخدرات بعد حملة سنة 1996، عندما خلت له الأجواء عقب اعتقال كبار المهربين وتجار المخدرات بالشمال.
بدأ بالسعي الحثيث لإبعاد منير الرماش ومحمد الوزاني، الملقب بـ "النيني"، وإزاحتهما من طريقه سنة 2003، بتواطؤ مع السلطات الأمنية والترابية.
أمي لا يقرأ ولا يكتب بدأ حياته العملية برعي ماشية والدته "الشريفة" قبل أن يكتشف عالم التهريب مع بلوغه العشرين من سنه، جرب الاتجار في السلع المهربة بالفنيدق وتطوان وفي الثمانينات ولج عالم المخدرات عبر شبكة يديرها حميدو الديب. آنذاك اقتصر دوره على الوساطة بين هذه الشبكة وباقي بارونات الحشيش بتطوان.
ينحدر من عائلة متواضعة جدا، من مواليد 1963 بشاطئ "الدالية" بضواحي قصر الصغير، وهي أقرب نقطة للضفة الأخرى، إذ كان يراقب بعض المسالك التي يختارونها الابتعاد عن عيون المراقبة الأمنية قصد التقليل من "فاتورة الرشوة" المثقلة لكاهلهم.
أعتقل في إطار الحملة التطهيرية وحوكم بعشر سنوات قضى منها 3 فقط، وعانق الحرية من جديد بعد أن استفاد من عفو ملكي مخدوم.
ابتدءا من سنة 1997 سيجد الشريف بين الويدان نفسه وحده في الساحة رفقة ساعده الأيمن، أخاه مصطفى الخراز الذي سرعان ما سيصبح "نائب" أكبر بارونات المخدرات بالشمال.
أضحت رغبات الشريف بين الويدان أوامر لا ترد بعد أن تمكن من شراء ذمم المسؤولين، كل بثمنه وحسب موقعه ونفوذه، وبذلك نجح في اختراق مصالحهم وإداراتهم بسخائه الحاتمي.
استمر الحال على هذا المنوال إلى يوم 25 غشت 2006، حينما حضر الشريف رفقة حارسه الخاص إلى مقهى الغروب لتناول فطوره كالمعتاد.. على حين غرة، ومن حيل لا يحتسب، انقض عليه "كومندو" من رجال الأمن، كانوا قد طوقوا المكان دون إثارة الانتباه.. ألقوا القبض عليه وأودعوه في سيارة غادرت المكان بسرعة.. بعد دقائق عاد الرجال الأمن لوضع يدهم على أحد معاوني الشريف بين الويدان بنفس المقهى الذي كان الحشيش يحمل بالأطنان على قوارب بالقرب منها ليل نهار لينقل إلى الضفة الأخرى.
التزم محمد الخراز الصمت في البداية عند الدرك بتطوان، لكن بالرباط، عندما وجه بأسباب اعتقاله ودواعيه، غير التاكتيك وشرع في "تسرسير وتفريغ المزيودة".
في خضم البحث الأولي اكتشف المحققون أن الهواتف الخمسة التي كانت في حوزته لحظة اعتقاله تتضمن ذاكرتان أرقام هواتف شخصيات وازنة، أمنية ومدينة (20 رقما)، وبمقر سكناه عثر المفتشون على عشرات الصور التقطت للشريف بين الويدان بمعية أعالي القوم وكبار المسؤولين، ومن تمة تناسلت الاعتقالات وتمكن بعض بارونات المخدرات من الفرار إلى التراب الإسباني بفعل تواطؤ جهات معينة.
استغرب الكثيرون لثروة الشريف بين الويدان الطائلة غذ فاقت 800 مليون درهم (20 مليار سنتيما)، وشكل ملفه صورة واضحة لتغلغل نفوذ بارونات المخدرات في دواليب الدولة، ومدى اختراقهم للمصالح الأمنية من أبوابها ومن قممها وأسفل هرمها. وظل محمد الخراز، في عيون سكان قرية "الدالية" "شريف من الشرفاء" والمحسن باني المساجد والمساكن للفقراء ومساعدهم ماديا كلما دعت الحاجة لذلك.
لأول مرة، في "تاريخ" مكافحة المخدرات بالمغرب، شمل ملف الشريف بين الويدان أكبر عدد من المتورطين في صفوف الأمن والدرك والجيش أصحاب النياشين والمواقع الحساسة.
نمى مصالحه المشبوهة وغير المشروعة بفعل التسهيلات العادية وفوق العادية التي مكنه منها مجموعة من القيمين على الأمور محليا وجهويا ووطنيا، ومن التسهيلات "فوق العادية"، التي استفاد منها الشريف بين الويدان، السماح له باستخدام طائرات إبادة الحشرات التي كانت تتوجه إلى مطار مدينة "سيفيا" الاسبانية محملة في كل رحلة بكميات من الحشيش لا يقل وزنها على 600 كيلوغرام من النوع الجيد باهظ الثمن، وكان الشريف ـ حسب تصريحات منير الرماش ـ يؤدي 2400 درهم عن كل كيلوغرام مشحون (أي ما يناهز 1.5 مليون درهم لمل رحلة).
أسقط الشريف بين الوديان بسقوطه مسؤولين في أجهزة الدرك الملكي والاستخبارات المدنية والأمن، منهم عبد العزيز إيزو، المدير الأسبق لأمن القصور الملكية، الذي يستفيد حاليا من امتيازات لا تعد ولا تحصى، في مقامه "الرفيع" بسجن عكاشة بالدار البيضاء، اعتبارا لكون المخزن لا ينسى "رجاله" حسب ما قال أحد السجناء، لا يقفل باب زنزانته إلا ليلا ويحصل على كل ما يريد، يفضل عدم مغادرة زنزانته لأسباب أمنية فقط.
انفجرت قضية الشريف بين الويدان في صيف 2006، وسرعان ما بدأت الرؤوس تسقط الواحد تلو الآخر في التحقيقات التفصيلية، إلا أن مجموعة من الرؤوس الوازنة، من العيار الثقيل، انسلت من ملف هذه النازلة الخطيرة كالشعرة من العجين، بفعل تدخل أياد خفية هي كذلك من العيار الثقيل جدا، وذلك رغم بروز شكوك كبير حول تورطها، ما عدا عبد العزيز إيزو الذي أنفضح أمره بـ "جلاجل" كما يقول المصريون.
بعد اعتقال حميدو الديب، رشيد التمسماني، أحمد الحربيطي، النيني، محمد بلمختار وعبد الواحد مزيان عمار الملقب بـ "سلطان الشوكلاط"، أصبح الشريف بين الويدان، البارون الأول للمخدرات بالمغرب، وقد قدرت ثروته قبيل اعتقاله بما يناهز 3 ملايير درهم مكنته من شراء المنظومة الأمنية والإدارية، والتلاعب بذمم القيمين عليها محليا وجهويا، وأحيانا مركزيا، من الشاوش إلى والي الأمن وما جاوره، وهذا ما كشفه بنفسه في مجريات التحقيق مع بمركز تمارة، آنذاك تم إخبار الملك محمد السادس في الحال ودون انتظار بفحوى اعترافاته الخطيرة، وحدث هذا يوم 6 شتنبر 2006 بعد مأدبة عشاء أقامها الملك للرئيس الروسي السابق، فلادمير بوتين، وبعد حين صدر قرار إقالة عبد العزيز إيزو من مهامه لعرضه على أنظار العدالة، وفي 12 شتنبر من نفس السنة انكشف أمر أسماء أخرى للمتورطين منهم يوسف الحليمي العلمي، نجل أحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط، ومصطفى بوخليفي، الاتحادي المرموق، باشا مدينة تمارة وآخرين، آنذاك انتظر الكثيرون دور الجنرال حميدو العنيكري لكن خاب ظنهم.
يعتبر عبد العزيز إيزو من الرؤوس الوازنة الأولى التي أسقطها محمد الخراز (الشريف بين الويدان) الذي انسل، قبل هذا الوقت، من عجين ملف منير الرماش الذي اتهمه بتسهيل عمليات تهريب المخدرات، علما أنه كان من المشرفين على اعتقاله بتكليف من الجنرال حميدو العنيكري في صيف 2003.
نفى عبد العزيز إيزو كل شيء، إلا أنه حوصر بدقة بتصريحات الشريف بين الويدان ومنير الرماش، كما طوقته جملة من الدلائل والقرائن، منها العلاقة الخفية بينه وبين محمد الخراز الذي ساهم بماله الخاص في إصلاح وإعادة ترميم الواجهة الأمامية لولاية الأمن.
كان إيزو كوميسيرا في السبعينات، لكنه تمكن من تسلق السلاليم بسرعة فائقة ليصبح سنة 2003 مدير أمن القصور الملكية بتزكية قوية من طرف الجنرال حميدو العنيكري.
اضطلع برئاسة الشرطة القضائية فيما بين 1996 و2003، وتألق نجمه، قبل بداية الاندحار، سنة 2005 في ملف سرقة القصور الملكية، إذ أشرف شخصيا على استنطاق المتهمين بمدينة مراكش. وقد عرفت التحقيقات بمخفر جامع الفنا ("درب مولاي الشريف المدينة الحمراء") موت حسن الزبيري، أحد الأضناء (تاجر وأب لثلاثة أطفال) في ضيافة الشرطة. وقد تزامن اعتقال عبد العزيز إيزو، على خلفية ملف الشريف بين الويدان مع بداية التحقيق في نازلة مقتل الزبيري. وبعد حين تبين أن عبد العزيز إيزو، المدير الأسبق لأمن القصور الملكية، يشكل إحدى الحلقات الجوهرية في مسلسل فضيحة "الشريف بين الويدان".
كما تأكد من تصريحات منير الرماش أن عبد العزيز إيزو كان يدلل له العقبات ويسهل له الطريق ويؤمنها لتهريب المخدرات مقابل مبالغ مالية لا تقل عن 1.6 مليون درهم عن كل واحدة منها، كما كشف الرماش عن لائحة أسماء تستر عنها إيزو وحماها على خلفية البحث
الذي قام به بخصوص ضبط شاحنة محملة بـ 20 طن من الحشيش بالديار الاسبانية والذين ابتزهم بعد تهديدهم بتفعيل المسطرة ضدهم، وتسلم منهم مبالغ مالية تتراوح قيمتها بين 1.5 مليون و3 ملايين درهم، حسب موقع كل واحد منهم في النازلة قصد التغاضي عنهم وحمايتهم، هذا إضافة إلى تسهيل استخدام طائرات إبادة الحشرات كما ذكر سابقا، واتهم منير الرماش عبد العزيز إيزو بتستره على الشريف بين الوديان الذي كان مبحوثا عنه منذ غشت 2003، أن محمد الخراز (الشريف) أدلى للشرطة عن مكانه قصد الاستفراد بتجارة المخدات بالشمال.
ومن الحيثيات التي ساهمت في ترسيخ الشكوك حول عبد العزيز إيزو، الثروة التي راكمها خلال مشواره الوظيفي بمنطقة الشمال، والتي وقف عليها قاضي التحقيق، جمال سرحان، مليا لكشف مصادرا والتي قاربت 50 مليار سنتيما حسب أحد المصادر.
بارونات "الغبرة"
الكوكايين أضحى يقترب من المواطنين في السنوات الأخيرة، إن بلادنا لم تعد مجرد معبر للكوكايين الآتي من أمريكا اللاتينية والموجه إلى أوروبا وإنما أصبحت منذ مدة سوقا لها.
من رؤوس شبكات الاتجار في الكوكايين وتهريبها، التي سقطت بالمغرب، نجل الرئيس الموريتاني الأسبق محمد ولد هيدالة، محمد خونا، الذي صدرت في حقه مذكرة الانتربول في غضون سنة 2007 وهي مذكرة بحث دولية وصفته بأحد زعماء شبكة دولية لتهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا عبر بلادنا.
اتهمته الشرطة الدولية بتمييز شبكة دولية للاتجار في المخدر الأبيض القوي، وجعل المغرب إحدى محطاتها، واضطلع محمد خونا بالإشراف على فرعها في منطقة الساحل الإفريقي، وضمت الشبكة مغاربة وجزائريين وموريتانيين وسنغاليين. تمكنت الشرطة المغربية من وضع يدها على نجل الرئيس الموريتاني الأسبق بعد أن تتبعت الشرطة الدولية تحركاته واتصالاته على امتداد سنتي 2005 و2006 وتبين أنه على اتصال مستمر مع "ستيفان" أحد كبار أباطرة المخدرات في اسبانيا والمبحوث عنه دوليا آنذاك من طرف الانتربول، كما توصلت الشرطة إلى ارتباط محمد هونا بـ "مورو".
وهو مغربي مقيم بالديار الإيطالية، ينحدر من مدينة خريبكة، كان يعمل تحت إمرته، ضمن شبكة عالمية للاتجار في المخدرات القوية. وبفضل التعاون بين المصالح الأمنية المغربية الإسبانية والموريتانية تمكنت الشرطة المغربية من وضع اليد على مجموعة من مروجي مسحوق الموت الأبيض بكل من الدار البيضاء والرباط وخريبكة والداخلة. وقد أظهرت مجريات البحث والتقصي أنه كان من الصعب جدا اعتقال كل المتورطين والمشتبه فيهم بفعل اعتماد الشبكة على هرم غير واضع المعالم، إذ يترأس كل مجموعة شخص مجهول يعتمد على وسائط غير دائمة تمد المروجين بالسموم.
عندما أصبحت البرازيل مركزا جديدا لتصنيع الكوكايين تحولت إلى نقطة انطلاق تهريبه نحو المغرب عبد جزر الكناري.
انخفض ثمن الكوكايين وزاد انتشاره في العلب الليلية والمراقص وفي بعض المؤسسات التعليمية في السنوات الأخيرة. حسب المعلومات المتوفرة والمستقاة من تصريحات بعض المدمنين في المعاهد والمدارس الراقية، يتموقع ثمن الغرام الواحد من مسحوق الموت الأبيض بين 300 و700 درهم حسب الظروف والنوعية وجودة "السم".
إن الضربات القوية التي تلقتها الشبكات الدولية لترويج الكوكايين دفعت بارونات "الغبرة" إلى تغيير استراتيجياتهم ونهج عملهم، إذ توجهوا إلى مناطق أقل حراسة ومراقبة، سيما بالقارة السمراء، وبالضبط وقع اختيارهم على المغرب والسينغال وموريتانيا، وبذلك تحولت بلادنا إلى معبر رئيسي لمسحوق الموت الأبيض نحو القارة العجوز (أوروبا)، واستقر بعض البارونات ومساعديهم الرئيسيين بين ظهرانينا.
وبذلك تراجع ثمن السم الأبيض ابتداءا من سنة 2007 بفعل كثرة العرض، إذ كان في السابق لا ينحدر عن 1500 درهم للغرام الواحد، إلا أن النوع الجيد لا يقل ثمنه عن الألف درهم للغرام، وقد يصل ثمن الصنف العادي إلى 300 درهم للغرام.
وحسب العارفين بخبايا المجال، بدأ سعر الكوكايين ينخفض عندما شرع مروجوها يخلطونها بالمغرب بعدما كان الخلط يتم في اسبانيا أو وندا من طرف مافيات متخصصة.
عن المشعل
التعليقات (0)