كثير هم الذين لايعرفون تفاصيل حدث اقضّ مضاجع الدكتاتورية والتسلط.. لم يدخلوا في تفاصيل حكايات اخفتها ملامح الخوف والحيطة والحذر لم يتحدث بها حتى الذين ودعوا الوطن من دون رغبة لم يتحدثوا بها لاخوف على انفسهم بقدر ما كانوا يخشون على من في الداخل من سطوة الجلاد وكلابه السائبة. الان تبحر بنا الذكريات والتداعيات بقارب المعرفة والذي يدفع شراعه صوب الصدق والحقيقة بين امواج ذلك التاريخ الذي عطله الطاغية يجوب بنا القارب الآن في مياه عذبة يملؤها اللؤلؤ والمرجان ليزين جيد الزمن.. انها انتفاضة العراق بكل قومياته وطوائفه انه ابحار عميق في تاريخ خالد انها الانتفاضة الشعبانية المجيدة التي كشفت عن اساليب واهداف العدو الحافلة بالدم والارهاب تلك الانتفاضة التي حملت سلاح الارادة والتضحية فكان لها الانتصار برغم ما احدث العدو من ظلم ودمار. عدنان عبد غركان كانت لنا في الناصرية لقاءات مع ابطال اسهموا في هذا الحدث المشرف والوسام الخالد اللقاء الاول مع المجاهد” ابو فرقان “الدراجي الذي قال: بعد ان دخلت القوات العراقية دولة الكويت وبدأ العد التنازلي لضرب العراق بدأت اللقاءات بين رجال المقاومة في اعماق اهوار الجنوب وبدأت التعبئة للشباب المؤمن الهارب من الجيش” جيش الطاغية “ وبعد ان باشرت قوى التحالف بضرب العراق استمرت اللقاءات بين رؤساء المقرات في الاهوار” مقرات الاحزاب المعارضة للسلطة “ من اجل القيام بانتفاضة شعبية تطيح بالنظام الطاغوتي المجرم فما ان كانت ليلة 14/ 15 شعبان من سنة 1991م حتى كانت الانطلاقة الاولى لشرارة الانتفاضة في ناحية الفهود والطار والكرمة وكانت ليلا بقيادة كلّ من ابو حسين الوائلي وابو ايمان الجوهر وابو عمار الناصري وابو اسماء العامري وابو وهب الجابري وابو احمد الصالح ومعهم الكثير من الشباب المسلم من ابناء هذه المناطق تلاها يوم 15 شعبان بعد صلاة الظهر تحرك مقر المجاهدين في منطقة البو صالح بقيادة كلّ من الاخ ابو فيصل وابو محمد الرميض وابو فرقان وابو حسين الدراجي رحمه الله والشهيد ابو عبد الله فرج مرهج رحمه الله ومعهم مجموعة من المؤمنين تحركوا لاسقاط ناحية الاصلاح وبالفعل سقطت بايدي المجاهدين” لا مجال لذكر التفاصيل وفي قضاء الجبايش تحرك الاخوة المجاهدون الشهيد ابو ليلى الواسطي وابو احرار الاسدي ومعهم لفيف من ابناء المنطقة وهم من حزب الدعوة الاسلامية في قضاء الجبايش تحرك ابو ليلى وقواته مع ابو عبود الوائلي والسيد جبار واسقطوا ناحية الحمار بمعية الاخ ابو صادق الحجامي وابو هدى العكيلي وهما من حزب الدعوة فيما كان السيد جبار وابو عبود عن حزب الله لقد سقطت هذه المدن اثر قتال شرس وقد استشهد مجموعة من المجاهدين في كرمة بني سعيد والحمار والجبايش ثم سقطت ناحية سيد دخيل اثر تحرك مله عزيز الابراهيمي ومجموعة من الاصلاحيين بعدها بدأ الزحف نحو سوق الشيوخ ثم الفضلية حتى مدينة الناصرية حيث دخلت طلائع المجاهدين صباح يوم السادس عشر من شعبان هذا الخط الاول اما الخط الثاني المتجه من الاهوار حيث اسقط مدينة الغراف والشطرة والنصر والرفاعي وقلعة سكر حيث كانت تنتظرهم الجماهير على مداخل المدن وهناك خط ثالث بداء ايضا من الاهوار متجها صوب البصرة حيث مدينة القرنة واستمر فيها القتال كر وفر بين المجاهدين والقوات البعثية وفلولها المنهارة كذلك سقطت ناحية طلحة والحويدر بعدها استمر المجاهدون في التقدم فسقطت السماوة والرميثة والديوانية والنجف وكربلاء الا ان الصفحة الثانية بدات بعد ان تيقنت قوى التحالف حينها من سقوط الطاغية عندها سمح له باستخدام المروحيات والدبابات مقابل ذلك كان المنتفضون يعانون من ضعف القدرات العسكرية والعتاد والارزاق والقدرات الفنية والمالية وهنا بدا وأد الانتفاضة حيث قساوة العدو بتلك القدرات من مدفعية وطائرات واستمرت فلول البعث بقصف المدن بالتعاون مع قوات الحرس الجمهوري الذي ادخره الطاغية لذلك اليوم والذي لم يخرجه لمواجهة قوات التحالف.. بدأت ارتال الحرس الجمهوري بقصف المدن بالمدفعية والهاونات حيث دخلت مدينة الحي ثم قلعة سكر والرفاعي والشطرة والغراف ومحاصرة الناصرية كانت مواجهة شرسة وكانت مقاومتنا رائعة ذهب ضحيتها الالاف من الشهداء وكانت معركة المستشفى في الناصرية ومعركة سد المصب العام ومعركة العمارات السكنية وصوب الشامية وتطهير مربع المدينة وشارع الحبوبي والادارة المحلية وسومر وحي الشهداء واريدو الذي جعلت فيه مقابر جماعية هناك للشهداء لقد استعصت الناصرية على العدو لمدة تسعة ايام بعد ان دخلت بها القوات ثم استمر القتال على طريق سوق الشيوخ فكانت بطولات فذة ابداها المقاتلون والشهداء موضع اعتزاز كل انسان غيور. وفي حديث آخر مع المجاهد ابو هدى العكيلي عن واقعة جسر الفهود المشهورة يقول: كنا مجموعة نتكون من خمسة مجاهدين بعد ان وصلتنا معلومات عن تقدم قوات الحرس الجمهوري واللواء الرابع والخامس والسادس بقيادة المجرم محمد حمزة الزبيدي عقدنا العزم والاصرار على ان لا نغادر الجسر والذي هو مدخل المدينة عندها ربط كل شخص منا نفسه بالجسر والمجموعة تتكون من المهندس الشهيد ابو زينب والشهيد واجد زهر الاسدي والشهيد فائق رحيم الاسدي والشهيد سيد عباس الموسوي والمتحدث على هذه الصفحات علي كاظم حواش” ابو هدى “ وبدأت المعركة فكانت القذائف تقع يميناً وشمالا وفي النهر مما اكسبنا بقاء اكثر. قدم العدو من الخسائر البشرية اكداسا من الجثث حتى نفذ عتاد الابطال واستشهدوا واحدا تلو الاخر وبقيت الوحيد من بينهم عندها تمكنت مجموعة من المجاهدين من ايجاد غطاء ناري لانسحابي بعد ان نفد العتاد وتمكنت من فك وثاقي وكان انسحابنا الى مدينة سوق الشيوخ ثم توجهت باوامر الى مدينة كربلاء حيث لازالت الانتفاضة قائمة هناك وفي الختام لاانسى ما قدمه الشهيد ابو مجتبى والحاج شافي من ابناء مناطق الاهوار من خدمات للمجاهدين حيث كانت مقراتنا هناك. لقاء اخر مع المجاهد قاسم عبد علي ابو سام من داخل الناصرية يقول : ابلغنا في مدينة الناصرية قبل انطلاق الشرارة الاولى للانتفاضة بيوم واحد حيث تمكنت مجموعتان في اليوم الثاني من السيطرة على بناية المحافظة والقائم مقامية ومن ثم السيطرة على قيادة الفرع كان يومها عرس حقيقي لم تدركه النفس وكنا نتسلم التعليمات من المرحوم الشهيد السيد منحر وكذلك من السيد عبادي كما اتذكر يومها تقدمنا الى بناية الحامية العسكرية وحررنا حينها 29 كويتيا وتم تزويدهم بالغذاء والمال. المجاهدة ام رضاب ايمان السيد حميد السيد علي الشجاعة لاتقتصر على الرجال فهذه امراة لها همة الرجال الاشداء وكانت لها من الشجاعة والاصرارما يبرره فهي ابنة مجاهد واخت لمجاهد وزوجة مجاهد. تقول المجاهدة” ام رضاب “ قبل يوم واحد من انطلاق الشرارة الاولى للانتفاضة بلغنا بها وبدات استعداداتنا ليوم غد وبالفعل في الساعة العاشرة دخل المجاهدون بزي ابن الهور ثياب قصيرة ولحي كثه يحملون اسلحتهم وينادون بسقوط الطاغية عندها ايقنت الحقيقة فكانت زغاريد النسوة.. وما ان تقدمت تلك الجموع حتى سقط اول شهيد في الناصرية انه الشهيد البطل حيدر عبد العباس وجاءوا بالشهيد حيدر عندها اطلقت الزغاريد امام نعشه كان والدي وجارنا الحاج عيدان يدعوان الناس للاتحاق بركب الثوار وحين انتهت الانتفاضة اصبحت دار ذلك الحاج رحمه الله” فرقة حزبية “ والايام كما يقال تدور فعادت العائلة من جديد لدارها بعد تشرد دام 13 سنة . بعد ان حاصر الجيش مدينة الناصرية كانت دارنا مجمعا للاسلحة والعتاد وبدأ الانسحاب من المدينة فتحولت انظاري الى تلك الاكداس فبدأت انقلها الى ساحة احد الجوامع القريبة واحتفظت برشاشة مع مسدسين ورمانتين يدوية. حملت الرشاشة على كتفي وفي حقيبتي المسدسين وفي سترتي رمانتين تقدمنا نحو سوق الشيوخ ومن تحت الجسر السريع عندها كلفني والدي بان انصب سيطرة على الطريق لتوجيه فصائل المجاهدين المنسحبة من الناصرية صوب مدينة السوق حيث كان اخي مصاب بطلق ناري.. استجبت لنداء والدي وبدات بارشاد المجاهدين الى الطريق بهدوء وسرية حيث كانت هناك امرأة تعرفنا جيدا ولها علاقات مع اجهزة الامن فكنا نخشاها في ذلك الظرف الصعب.. لقد اتممت الواجب على احسن ما يرام واهتدى الجميع صوب الامان عندها غادرت المكان. حكاية قصيرة من الشطرة الثائرة الحكايات وصور البطولة لهذه المدينة الباسلة كثيرة ولاتعد على شفاه من عامر الانتفاضة ولكل بيت يكن البغض لصدام حكاية عن الانتفاضة وعن ابطالها الا اننا نذهب الى رجل ساهم وضحى من ابناء هذه المدينة انه الفنان التشكيلي المبدع سعد محسن الصفار يوم حمل عدسته وريشته واخذ يصور البطولات ويده ترسم اجمل الحروف للمنتفضين وتمجد الانتفاضة وتهتف بسقوط على جدران بلدته ومداخل شوارعها الا ان فلول البعث افرغوا حقدهم فيه حين احتضرت الانتفاضة فكان ضحية الجلاد ذهب ذلك المربي والفنان الرائع شهيدا” باسم الوطن والتقدمية والتحرر. مدينة اخرى من مدن الناصرية / قضاء الرفاعي هي الاخرى لها حكايات مثلما لمدن الجنوب مع الانتفاضة لناخذ واحدة منها حكاية الدكتور احسان عبد غركان الذي كان في عمر الزهور لم يتجاوز السابعة والعشرين من العمر اسهم بشجاعة فائقة في معالجة جرحى الانتفاضة حيث تخلف الجميع عن الواجب الوطني والانساني في المدينة فكان اداؤه ومحافظته على بناية المستشفى ما يغيض فلول البعث فكانت عيونهم به بالمرصاد ادى واجبه وذهب مع من ذهب من ابطال الانتفاضة في مقابر البعث الجماعية انها حكاية موجزة لغيض من فيض ولسان سعد واحسان وكل شباب الانتفاضة يردد: أماه لاتبكي علي لانني بالجرح او كفن الشهيد فخور انا ان سقطت مضرجا بدم الفدا فهناك في ارضي تحوم نسور حكاية من صوب الشامية في مدينة الناصرية من ذاكرة المحرر: استمرت المقاومة في الجانب الجنوبي لنهر الفرات صوب الشامية في مدينة الناصرية لمدة تسعة ايام كانت اياما عصيبة.. لا ماء .. ولا كهرباء.. ولاغذاء .. ولا دواء .. مروحيات الاوباش تقصف بضراوة ورجال المقاومة يقاومون بعزيمة واصرار حتى نفد عتاد المقاومات ابطال وقفوا على الحد. احدهم اصيب وعولج في مستشفى الاطفال وقفت بجانبه كان يتمنى ان يعافى حتى يعود حيث مكانه في” الدوشكة “ قرب جامع الثورة انه المجاهد محمد عبد الرضا الذي لازال في العربية السعودية من ذاكرتي عند خروجي من باب المستشفى جاءت امراة تبحث عن ولد لها كانت هناك صالة ممتلئة بجثث الشهداء بينها الاطفال والشيوخ والنساء والشباب نتيجة المقاومة والقصف العشوائي من قبل قوات الحرس.. كانت تخاف ان تدخل الصالة طلبت مني ان ادخل معها اخبرتني انها لاتتمكن من معرفة ولدها من خلال الوجوه انها تعرفه من حذاته كانت تخاف ان ترى الوجوه وهي متفسخة والورم غير ملامحها تتفحص الاحذية بخوف وحذر.
التعليقات (0)