مواضيع اليوم

الوقوع في مستنقع حب الذات

nasser damaj

2009-08-28 00:00:59

0

الوقوع في مستنقع حب الذات

بقلم: خليل الفزيع

هل قرأت رواية الخيميائي للروائي البرازيلي باولو كويلو؟ إذن لابد أنك اطلعت على تلك الحكاية المعروفة لدى بعض القراء، والتي أوردها في مقدمة روايته عن أسطورة نرسيس, ذلك الفتى الجميل المعجب بنفسه جدا, وقد كان يذهب الى البحيرة كل يوم ليتأمل وجهه البديع، وكان مفتونا بصورته.
لكن الفتى نرسيس سقط في البحيرة وهو مستغرق في تأمل ذاته، ومات غرقا، وفي المكان الذي سقط فيه نبتت زهرة سميت باسمه نرسيس (نرجس) واليها تعود آفة النرجسية التي يصاب بها بعض من يحبون انفسهم الى درجة قاتلة, الم يقل احد الحكماء: إن من الحب ما قتل, لكن الحكاية لا تنتهي بموت نرسيس, لان كويلو يقول: إن أسكار وايلد الذي استقى الخميائي من كتابه هذه الحكاية.. لا ينهي القصة على هذا النحو، بل يقول انه لدى موت نرسيس جاءت الأورياديات من الغابة الى ضفة البحيرة ذات المياه العذبة, ووجدنها قد تحولت الى جرن دموع, وسألت الأورياديات البحيرة: لم تبكين؟ أجابت: ابكي من أجل نرسيس, فقلن: هذا لا يدهشنا, لطالما كنا نلاحقه في الغابات باستمرار, لكنك الوحيدة التي كانت تستطيع مشاهدة جماله عن كثب. فسألت البحيرة.
ـ وهل كان نرسيس جميلا؟
أجابت الأورياديات متعجبات:
- من يستطيع معرفة ذلك أكثر منك؟ الم يكن ينحني فوق ضفافك كل يوم؟
سكنت البحيرة لحظة قبل ان تقول شيئا.. ثم أردفت:
- أبكي من أجل نرسيس لكني لم ألاحظ أن نرسيس كان جميلا، أبكي من أجل نرسيس لأنني كنت في كل مرة ينحني فيها على ضفافي, أرى جمالي الخاص في عمق عينيه.
هذا ما يفسر لنا صدى تلك النرجسية, وما تتركه من أثر في نفوس من يتلقاها, ففي حالات كثيرة تأتي ثمار النرجسية عكس ما هو متوقع, فاذا كنت نرجسيا ستعاني وحدك من سلبيات ذلك, أما الآخرون.. فقد تقدم لهم خدمة من حيث أردت الإضرار بهم, وهذه الخدمة تتمثل في أنك اظهرت لهم مدى الجمال الذي يتمتعون به, ولأنك محب لذاتك فقد آلمك جمال الاخرين, وبهذا أكدت على هذا الجمال الذي افتقدته منذ لحظة سقوطك في بحيرة حب الذات، الذي قد يصل الى درجة العبادة, وعبادة الذات أقبح وأضل سبيلا.
النرجسية وهي مرض نفسي مزعج, قد تأخذ عدة أشكال, منها ما يتعلق بسلوك الفرد في ممارسة حياته العادية, ومنها ما يتعلق بفكره ومعتقده, ومواقفه من الآخرين.. وكل ذلك يتلخص في أن كل شيء ماعداه باطل, فمن حيث السلوك يؤمن تمام الإيمان بالقول المعروف: (يا أرض انهدي.. ما عليك قدي) اما من حيث الفكر وما قد يتضمنه من انحراف، والمعتقد وما قد ينتابه من هوس, والمواقف وما قد يعتريها من إساءة للاخرين, فان كل ذلك في نظره هو الصحيح.. وكل ذلك لا يكتمل إلا إذا اقترن بالنفخة الكذابة، والإثارة الممجوجة, والادعاء الأجوف.
وقد قال إبراهيم طوقان:
حب الظهور على ظهور الناس منشأه الغرور
ما لم يكن فضل يزينك فالظهور هو الفجور.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات