الوعظ مهنة الغباء
من السهولة بمكان الالتحاق بوظيفة واعظ لمن فشل في حياته وأمتاز بالغباء فالشروط ميسرة والباب واسع والأرباح كثيرة ووفيرة , كل ما على الفرد القيام به هو إطلاق اللحية وتقصير الثوب وارتداء البشت وترديد عبارات وتالله وأني لكم من الناصحين ومع مرور الوقت سيتمرس ويتحول لوحشٍ كاسر لا يٌشق له غٌبار, الواعظ إذا وضع قدمه بطريق الوعظ فسيأخذ في اعتباره ما يطلبه الجمهور يحلل الأحداث السياسية ويٌسقط النصوص الشرعية على مختلف الأحداث ويقف ضد المجتمع وحرياته ليس علماً بل خوفاً على مكانته ومكتسباته وتعزيزاً لاسمه فليس من المقبول اجتماعياً عدم معرفة ذلك الخارق بمجريات الأمور والأحداث والقضايا المتشابكة والأفكار والأطروحات , من السهل جداً التعامل مع الفقيه والعالم لكن من الصعوبة التعامل مع الواعظ فذلك الفرد يتقلب ويتغير ويتقدم ويتراجع تبعاً للظروف وهذه صفة تميزه عن غيره , في مجتمعات الجهل يٌقدس من يٌظهر التدين , الأمر لا يقتصر على فئة الرجال بل الجنس الناعم دخل على خط المهنة وتلك عملية تدل على وجود نفس تنظيمي وحركي وايدلوجي يستثمر كل شيء ليبقى ويستمر , الواعظات أو الداعيات كما يٌحببن مناداتهن لا يختلفن عن الرجال فالقضايا والعبارات الأهداف والمصالح والمكتسبات هي ذاتها لكنها تقوم بعدة أدوار فالواعظة صاحبة كرامات خارقة تجمع الرؤوس بعقدٍ يٌسمى مسيار فهي واعظة نهاراً خاطبة ليلاً , الوعاظ ينشطون بكثرة في المجتمعات المؤمنة المسلمة فإلى ماذا تدعو وعن أي شيء تنهى وبماذا تعظ ؟
الأهداف الايدلوجية والسياسية والحزبية والفكرية باكورة وظيفة الواعظ والداعية فالمكاسب إن أتت فٌرادى خيرٌ وبركة وإذا تحقق واحدٌ منها فذلك خيرٌ , أموال ومكانة اجتماعية وحضور في الوسط الثقافي بخطابٍ غير عقلاني مٌضاد في مجمله للإنسان والإنسانية هذا ما تسمعه المجتمعات من الوعظ وجيش الدعاة الذين لم يشتغلوا على القواسم المشتركة وتعزيز القيم وصيانة الحريات والتعددية والدعوة إلى التعايش بل اشتغلوا على الاختلاف والفرقة حتى اتسعت الفوهة وانقسمت المجتمعات لفسطاطين الأول مٌسلم مؤمن لله درة والثاني منافق و حاقد على الإسلام والمسلمين .
الواعظ والداعية إذا تصدرا المشهد وأزاحوا العلماء والمفكرين والتنويريين فذلك يعني جهل المجتمع وغباءه واستغلال الدين لتحقيق مكاسب دنيوية أما بقية الأفراد فلهم المكاسب الأخروية المبنية على خطابٍ وعظي يستذكر النار والجنة والحور العين مراراً وتكراراً ويدفع بالمجتمعات نحو الموت والصراعات التي لا طائل منها ..
التعليقات (0)