الوضعية المنطقية
شريف هزاع شريف
الوضعية المنطقية Logical Positivism، اسم أطلقه عام 1931 كل من بلومبرج وهربرت فايجل ، على مجموعة من الأفكار الفلسفية التي أخذ بها أعضاء جماعة (فينّـا) وهذه الجماعة قد تكونت منذ عام 1907، حينما أجتمع عالم الرياضيات هانـزهان وعالم الاقتصاد أتونويراث، والعالم الفيزيائي فيليب فرانك، وقد أصبحوا جميعاً من الأعضاء البارزين في جماعة فيّنـا، كما ان معظم فلاسفة هذه المدرسة هم من الألمان. وأشهرهم رودلف كارناب 1891 – 1936 الذي أشتغل بتدريس الفلسفة في جامعات فينّا وبراغ وشيكاغو على التوالي، وهو يعتبر رئيساً للمدرسة وهي واحدة من المدارس الفلسفية التي ظهرت في القرن العشرين ، كان بدء تكوين جماعة فيّنـا الفعلي منذ عام 1922 حينما دعيّ رودلف كارنـاب بناءً على إيعاز من أعضاء الجماعة إلى فيّنـا الى انشاء مدرستهم او حلقتهم النقدية التي تهتم بالقضايا الفلسفية ذات الطابع المنطقي وكذلك الرياضيات . وقد أطلق على جماعة فينا اسم الوضعية المنطقية وبسبب الحرب العالمية الثانية تشتت أعضاء جماعة فينا ، فهاجروا إلى أنحاء مختلفة من العالم وحملت هذه الفلسفة أسماء منها: التجريبية العلمية ، التجريبية المنطقية وحركة وحدة العلم والتجريبية الحديثة، والفلسفة التحليلية ، ولقد رفضت الوضعية المنطقية جميع الأسئلة الفلسفية المتعلقة بالميتافيزيقيا أو المعرفة أو الأخلاق ، لان اهتمامها بالتحليل المنطقي فقط. فرفض الميتافيزيقيا من أهداف الميثاق العلمي لجماعة فينّا فتخليص الفلسفة والعلوم من الميتافيزيقا والقضايا الفارغة ضرورة لبناء قاعدة علمية لجميع العلوم ، بحيث تكون أو تصلح لأن تكون أساساً لوحدة العلم.
كل شيء لا يخضع للتجربة، والتحليل غير معترف به عند الوضعية المنطقية بما فيه الإنسان لأنها قضايا خالية من المعنى.كما أكدت الفلسفة الوضعية أن وظيفة الفلسفة وعملها هو تحليل المعرفة وخاصة المتعلقة بالعلم وأكدت أن المنهج المتبع هو تحليل لغة العلم.
اهتمت الوضعية المنطقية باللغة بشكل كبير ، فاللغة بنظرها تخبر ما في الفكر والعقل من صور وتمثلات واشكال ومنطق ولاهوت وميتافيزيقية .... الخ ، وكانت العلاقة بين اللغة وعلم المنطق يعود الى جهود الفيلسوف ج . أ . مور (1873 – 1958) ( ) والفيلسوف راسل (1872 - 1970) ( )، ومن سار على منهجهم العقلي والمنطقي واشهرهم هو الفيلسوف فيتغنشتاين (1889 - 1951) ( ) الذي برع في الوضعية المنطقية واصبح فيما بعد احد اهم واشهر ممثليها في العالم الغربي .
أما أهم الانتقادات الموجهة لهذه الفلسفة فتعزى إلى تناولها للغة يبدو متزمتاً ونظرياً بغير وعي، وتبين أن افتراضاتها قد أسرفت بالبساطة أكثر مما يجوز لها.
ومنهجها شديد التفصيل والتعقيد والتشعب رغم ان المنهج الرياضي والمنطقي هو السائد فيها ، الا انها بالغة الصعوبة والتعقيد ، ومن اشهر رجالها رسل و فيتغنشتاين الذي كان صديقا لبرتراند رسل وقد ترك لنا فيتغنشتاين ورسل المراجع الهامة التي تتناول اصول الفلسفة الوضعية..
ويجمع الوضعيون بمختلف نزعاتهم على نقاط أربع أساسية:
1. أن المهمة الفلسفية تحليل لما يقول العلماء لا تفكير تأملي ينتهي بالفيلسوف إلى نتائج يصف بها الكون وماضيه.
2. حذف الميتافيزيقيا من مجال الكلام المشروع لأن تحليل عباراتها الرئيسية تحليلاً منطقياً قد بين إنها عبارات لا معنى لها ، أي إنها ليست بذات مدلول حتى يصح وصفها بالصواب والخطأ.
3. اتفاقهم على نظرية هيوم في تحليل السببية تحليلاً يجعل العلاقة بين السبب والمسبب علاقة ارتباط في التجربة لا علاقة ضرورة عقلية.
4. يتفق الوضعيون المنطقيون جميعاً على أن القضايا الرياضية ، وقضايا المنطق الصورية تحصيل حاصل ، لا تضيف للعلم الخارجي علماً جديداً فالقضية الرياضية 2+2=4 ما هي إلا تكرار لحقيقة واحدة رمزين مختلفين.
وهدف الوضعية المنطقية هي القيام بوظيفتين التركيز والتدريب لتتمكن من فهم ما يقصده العلماء ، ثم توضيح ما تضمنته أقوالهم من حقائق مرجحة وبيانها.
انتهت اجتماعات جماعة فينا بشكل مفاجئ اثر اغتيال الفيلسوف شيليك عام 1936 ثم تلى ذلك انحلال الحلقة النقدية على اثر الاشكالات التي طرأت على القارة الاوربية ، كان للفيلسوف شيليك الكثير من الاراء وهامها ما يتعلق في الجانب التربوي فيعتقد شليك إن التربية عملية تعديل بدوافع الفرد وهي على هذا تكون ذات طابع تطوري ، وخلق إنسان خير من إنسان شرير، وهي في الوقت نفسه عملية إكساب الفرد دوافع جديدة ، تسعى إلى تنمية القيم المعرفية لدى الانسان وذلك من خلال تحويل القيم الانفعالية إلى قيم معرفية، وإلى تحقيق سعادته في ضوء المجتمع.
التعليقات (0)