بقلم :احمد الملا
قد يتصور أحدهم إن الحديث عن الطرح الوسطي المعتدل إنه عبارة عن مجاملة للآخرين من أصحاب الديانات والمذاهب ؛ فهذا تصور واهم جدا ؛ لأن الوسطية والإعتدال في الطرح والنقاش والمجادلة لا يعني إمضاء الأخطاء في الفكر الآخر بل على العكس تمامًا وإنما يعني هو كشف الأخطاء وبيان مواطن الضعف وعدم الصحة في الفكر أو العقيدة الأخرى وبطريقة معتدلة يسودها روح الحب والوئام ؛ كما إننا عندما نقول ونبين إن هذا الفكر وهذه العقيدة في هذا الدين هي خطأ وغير صحيحة مع إقامة الدليل العلمي الشرعي الأخلاقي فلا يعني هذا إننا نكفر الآخر ونقول له أنت كافر ؛ بل نقول له إن هذا الفكر وهذا الإعتقاد خطأ وغير صحيح وهذا يؤدي إلى خسران الدنيا والآخرة ويبقى الأمر على ذمة المقابل يريد أن يعتقد بما هو صحيح أو يريد أن يتمسك بما عنده من أخطاء ...
نبين الخطأ بصورة علمية وبطريقة حسنة بدون تكفير أو تشنج ونوضح عدم وجود الحجية وتهافت ما عند الآخرين من قطع وإعتقاد في ما عندهم من فكر وعقيدة وكما يقول السيد الأستاذ الصرخي الحسني في شرحه لموضوع حجية القطع في دروس الحلقة الأولى من أصول أبي جعفر ؛ حيث قال سماحته :-
(( ربما يقال إن أصحاب العقائد الفاسدة ممن يقطع بعقيدته لا يمكن أن نسلب منه القطع ولذلك فإن الشخص المعتقد أمام الله سبحانه وتعالى يقول لنا قطعت فليس من حقك أن تعاقبني لأنه لا يحق لك أن تنهى عن القطع وتردع عن القطع لان القطع حجية ثابتة ومن اللوازم الذاتية ولا يمكن سلب اللازم الذاتي فلا يمكن أن تلغي حجية القطع وهذا الإنسان المنحرف أو هذا الإنسان صاحب العقيدة الفاسدة يقطع فكيف نسلب منه القطع ؟ نقول على نحو العموم على نحو القاعدة يكون الاعتراض تاما لكنه تام من ناحية إنه لا يمكن الردع عن القطع ؛ فالقطع لا يسلب عنه الحجية لكننا نعطي أو نلفت هذا الإنسان إلى المقدمات التي تثبت عدم تمامية قطعه والتي تثبت أنه جاهل مركب فما قطع به ليس بقطع وإنما عبارة عن وهم وعبارة عن جهل مركب ؛ هكذا نلفته إلى خطئه وإلى عدم قطعه فنخرج هذا الإنسان عن كونه قاطعا فلم نتعامل مع اللازم الذاتي للقطع لأنه لا يوجد قطع في واقع الأمر إلا في مخيلة هذا الإنسان القاطع )).. انتهى الإقتباس من كلام المحقق الصرخي ...
أي إنه مهما كان الإنسان متوهمًا بان ما عنده من عقيدة مبنية على ذلك الموروث فهي تجعل فعله مرضيًا عند الله ومعذور فيه لأن ذلك الموروث هو حجة عليه وعمل بهذه الحجية التي ولدت عنده القطع؛ لكننا نبين لهذا الإنسان ( جاهل – جاهل مركب ) بأنه لا توجد بالأساس حجة وقطع لأن ما عنده من موروث هو غير صحيح فلا حجية فيه ونبين إنه متوهم بهذا القطع لأنه لا يوجد قطع بالأساس لعدم وجود الحجية لعدم صحة هذا الموروث؛ فلا مجاملة بالوسطية ولا تكفير وإنما هي نصح وإرشاد وإلقاء حجة بطريقة علمية أخلاقية شرعية معتدلة سواء تقبلها الآخر أو لم يتقبلها .
التعليقات (0)