من المفاهيم الاسلامية (الوسطية ) في قوله تعالى (وكذلك جعاناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )وقد بينت الاية ان الوسطية هي على الناس وليست على المسلمين لتشير الى المفهوم الانساني للنظرية الاسلامية التي نجد فيه التدامج بين المفهومين الديني والاجتماعي والتحرر من الزمكانية.
ان التعريفين اللغوي والاصطلاحي للوسطية الاعتدال والخيرية
اما التعريف الإجرائي الواقعي لمفهوم الوسطية فهو تحرير القيم الفعلية الموجودة في مناهج العلوم الانسانية التي يحتويها النص القراني . وهذا يقودنا الى تعزيز الشريعة بوصفها علما من العلوم الانسانية.
ومن الملاحظ انه علينا الفصل بين الوسطية بوصفها نظرية مذكورة في القرآن نقف عند تفسيرها التاريخي والمكاني والزمني. و بين الوسطية بوصفها حركة فكرية متأخرة تبناها بعض من الزعماء الفكريين في الأمة (محمد الغزالي ويوسف القرضاوي نموذجا)،الذي بدا تطبيقه في عالم الواقع مع التحرر من الزمكانية.
واذا كانت الوسطية مفهوم يدل على أيديولوجيا التوسط، فهنا تبرز نقتطين:
1- الاولى وهي النظرة الايديولوجية بمعنى أن لكل أمر أو قضية وسط يجب البحث عنه للتموقع داخلها فكرا وممارسة,وهنا تكون الوسطية كتفكير آلي يتوقف كثيرا على رؤية تخمينية تقوم باستكشاف الوسط وانتهى. او بتحقيق التوازن المرتبط بالنص الحرفي و الواقع الزمني التاريخي و التحجر في فهم الدين ضمن أنماط محددة .
2- والثانية أن الوسطية هي تحقيق التوازن او ضد التطرف والابتعاد عن الاختلال وهنا تكون الوسطية تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي في المجتمع وفقا للظروف التاريخية والثقافية المتغيرة. و تحقيق الاستخلاف الذي هو غاية روحية تكمن بين قطبين من مفهوم الوسطية هما التاريخية والحركة الواقعية التي تتحرك وفق الزمان والمكان.
وهذا المفهوم يبقي على العقل مهمته في التحقيق في المسائل والترجيح المستمر فيها وذلك هو عين الوسطية.
كما يبقي على الاجتهاد المستمر في القضايا الاجتماعية والدينية، ولعل ذلك ما يمثل جوهر الإسلام ليس بوصفه نتائج نهائية يصل اليها الانسان ويقف عندها لكنه هو السعي المستمر الذي لا يتوقف إلا بوفاة الإنسان وتغير الأجيال.
وهناك مفهوم الوسطية الاجتهادية التي لاتعني وسطية النص او محتوى الوسطية النصية مع ان الوسطية تعد سمة من سمات النص ذاته.
، وانما تعني الواقع الفعلي للوسطية الذي يعني إسقاط مفهوم الوسطية إلى المجال النسبي المتحرر من ميدان الزمان والمكان ومحاولة تطبيق مفهومها في مجال العلوم الإنسانية . اومحاولة تطبيق الوسطية الاصلية في عالم الواقع التي يختص بها النص.
وكمثال على الوسطية الدينية (وهو تصحيحه للتحريفين اليهودي في الغلو المادي، والمسيحي في الرهبنة التي هي زهد متطرف)
وهنا تبرزالوسطية الإسلامية انبثاقا عن التحريفين السابقين اللذان يمثلان التطرف.
كما أن التوسط ليس موقفا انعزاليا يتخذه المرء ليتحصن به، ولكن هو جهاد مضاعف وأسلوب حياة يكون على مستويين هما: الفردي (في كيفية بحث النبي إبراهيم عليه السلام عن الإله الحقيقي) والاجتماعي (في أسلوبه المتميز في البرهان على الحقيقة والخطأ حين جادل قومه في اثبات وحدانية الله (.
ومن مقتضى الوسطية ايضا موضوع ما بعد الحداثة والفعل التواصلي، حيثأن من مقاصد الإسلام العليا الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والاجتماعية واعتبارها من الدين، فلا يطالب احدا في تدينه بالإسلام بالتخلي عن خصائصه الذاتية فردا أو جماعة، وذلك مدخل إلى التعددية والانفتاح الثقافيين اللذين يشكلان ذروة اهتمام الفكر الإنساني الراهن فلا مركزية (عنصرية) ثقافية أو قومية أو فكرية والتقوى هي المعيار في كل ذلك.
كما يبرز فكر الواقعية الوسطية قاعدة العادة المحكمة، التي تمثل من منظور العلوم الإنسانية وعلم الاجتماع على وجه الخصوص انسجاما وتوافقا بين الشريعة والطبيعة إذا اعتبرنا العادة ومجراها من أحكام الطبيعة ومعطياتها .
التعليقات (0)