قرأت الفاتحه و ها انا اكتب لأترحم على أرواح أطفال عناتا "الشهداء الابرار" و هم أطفال علم - إنهم شهداء و شهيدات في عمر الورود" و هم كما قال عنهم رسولنا الكريم قبل 1433عاما تقريبا "ان طالب العلم في سبيل الله حتى يرجع" و أتمنى من الله ان يلهم ذويهم الصبر و السلوان و ان يُعافي و يُشافي الجرحى و ان يكون المصاب جلل في كل من حزما و عناتا. كلماتي هذه صادقة و نابعة من أب له اطفال و من انسان لاقاربه و اصدقائه و محبيه اطفال ايضا، بل أنا مواطن فلسطيني وجد اكثر من الف شخص في بنك الدم في رام الله يعبأون استماراتهم و يتبرعون بدمائهم لنجدة و اسعاف الطفولة الفلسطينية البريئة، بل انني سمعت البعض يقول أريد ان أتبرع بأعضاء جسدي لنجدة من هم بحاجة لها. و هنا و كوني موظف حكومي و منذ 12 عاما اعمل في وزارة النقل و المواصلات، أضع بين يدي و عقل ابناء شعبي الفلسطيني الأصيل بعض المعلومات التي من شانها ان تقضي على اية تساؤلات و على اية معلومات مشوشة تنشر هنا او هناك و تحديدا على موقعي الفيس بوك و تويتر و بعض الصفحات الاخباريه العبثية. يجب ان نؤمن بأن الحادث كان قضاء و قدر. تزحلقت الشاحنة باتجاه الباص والذي كان يسير في مسلكه المُخصص له و حتى اللحظة لم يتضح ان كان به عددا اكثر من العدد المُسجل في رخصته ام لا؟ فأنا و غيري قرأنا على الفيس بوك ان عدد الركاب " الطلاب كان 164 راكبا او طالبا" و هذا حرام على من نشره و يروجه و يريد ان يرمي بالمسؤولية مثلا على المدرسة او على السائق. و لكي اكونا كثر دقة فان الباص الذي وقع معه الحادث يحمل الرقم 6-0550-40 و هو ملك لنادي شباب عناتا المقدسي منذ تاريخ 10/12/2007 و ذات الباص حصل على تجديد الترخيص من قبل وزارة المواصلات بعد موافقة وزارة الشباب و الرياضة حسب النظام المعمول به و تم ترخيصه ليوم 30/6/2012 و بهذا يكون الباص قد فحص فنيا قبل اكثر من شهر فقط. و هذا الباص هو يد "رابعه" و كان قد تم تسجيله لاول مرة في فلسطين يوم 8/7/1998 على شركة النجوم في بيت امر و هذه الشركة قامت ببيعه لشركة السواحرة التي بدورها و حسب الانظمة و الاصول قامت ببيعه لنادي شباب عناتا و النادي ينظم عمله نظاما داخليا مصادق عليه من قبل وزارة الشباب و وزارة الداخلية، و يأتي دور وزارة المواصلات فقط في ناحيتي الترخيص و الفحص الفني للباص. هنا وزارة النقل و المواصلات و تحديدا الإدارات صاحبة الاختصاص "الشؤون الفنية والترخيص و النقل العام" حددا ان عدد المقاعد في هذا النوع من المركبات هو 51 راكبا و بدون مقعد بجانب السائق و هذا من باب المحافظة و الالتزام بشروط و متطلبات السلامة العامة، و العدد 51 يعني: 51 راكبا سواء كان الركاب صغارا او كبارا او كانوا في طريقهم لرحلة او للمشاركة في نشاط رياضي. لا اعلم ان كان في النظام الداخلي لنادي شباب عناتا المقدسي ما يجيز نقل طلاب مدرسة نور الهدى او غيرها باجر او بدون لجهة غير الجهة التي تم شراء و ترخيص الباص من اجلها؟ و وزارة المواصلات كانت في عام 2008 قد وضعت نظاما داخليا يحدد الية ترخيص و عمل باصات نقل التلاميذ في المدارس و رياض الاطفال، و كان هدف هذا النظام وضع حد للفوضى العارمة في حافلات نقل الطلاب : الا نذكر و لا نزال نرى كيف يصومعون اطفالنا في باصات الفولكس فاجن و غيرها؟! و بالرغم من ان النظام المذكور انفا مُطبق و معمول به حاليا الا ان البعض حاربه و حاول ان يتجاهله و يخطئه و تحديدا "نقابات رياض الاطفال و المدارس الخاصة" و ذات مرة طلبت هذه النقابات من الوزارة " الادارة العامة للنقل العام " ان تعطي ترخيص بنقل 70 طالب في الباص الواحد ذو الواحد و خمسون راكبا: أيعقل هذا؟ و بكل تاكيد رفض طلبهم بمهنية و شفافية عالية. ان اصدار مثل هذا النظام و قيام الوزارة برفض طلب النقابات كان بتوجيهات عليا من قيادة الوزارة "الوزير المُختص" و ادارات الاختصاص في وزارة المواصلات وتوضيحا لما سبق فان ذلك كان بكتب رسمية و كان ايضا الرد بخطابات رسمية مكتوبة و موثقة.
وزارة المواصلات و في عام 2010 طلبت من وزارة التربية و التعليم العالي ضرورة موافقة الاخيرة عند تجديد تراخيص المركبات الخاصة بمؤسسات التعليم في فلسطين و كانت ايضا كلا الوزارتين عند مسؤولياتهما. من باب الإنصاف لا بد ان اشير للكتاب الذي صدر يوم امس مثلا 15/2/2012 عن مراقب المرور العام في وزارة النقل و المواصلات و الذي ينص "بضرورة ابلاغ الوزارة عن الباصات المنوي استخدامها و تسييرها في الرحلات المدرسية لهذا العام و ما يليه و بضرورة اجراء فحص فني شامل قبل بداية موسم الرحلات و النزهات الصيفية" و هذا بالرغم من سريان تراخيص الشركات و ما تملكه من حافلات، حيث ان الوزارة طبقت هذا الاجراء في محافظة الخليل حتى اللحظة. هنا يبدو لي كموظف في وزارة المواصلات ، بل كمواطن فلسطيني كيف ان هناك من يقوم بمسؤليته و دوره على اكمل وجه و لكن بعض الجهات تحاول ان تضع مصلحتها الخاصة فوق اية مصلحة عامة حتى لو ان الباص الذي سعته 51 راكبا تريد من الوزارة ترخيصه ليتسع سبعون راكبا سواء اكانوا اطفالا او كانوا حجاجاّ!.
و يحضر الى ذهني هنا الدور الهام الذي يقوم به مجلس المرور الاعلى من حملات التوعية و الارشاد للمواطنين الفلسطينين سواء اكانوا اصحاب مصالح و شركات او كانوا ركاب ، و ما برامج الاعوام الثلاث الماضية و ما قامت به الوزارة و المجلس من زيارات و حملات توعية مرورية في مختلف المدن و البلدات و تحديدا المدارس الا خير دليل و برهان على ذلك. ان انشطة و برامج الوزارة و مجلس المرور في مجالات التوعية و السلامة المرورية جاءت و وجدت لأن حياة الانسان الفلسطيني اغلى ما نملك ، كيف لا؟ و نحن لم نجد استثمارا و بقاءً افضل من المواطن الصالح المُتعلم الواعي في هذا الوطن. و كم هي وزارة النقل و شركائها الاخرين في ادارة هذا القطاع "شرطة المرور، نقابات السواقين، نقابات مدارس السياقة، القضاء ... الخ" حريصون دوما على ضرورة الالتزام بالقوانين و الانظمة و التعليمات التي تنظم و تضبط عمل قطاع النقل الفلسطيني.
و في النهاية لا يسعني الا ان اقدم التعازي الحارة مرة اخرى لذوي الشهداء الابرار و لجميع اطفال العلم و اجيال المستقبل.
التعليقات (0)