يقول الدكتور محمد اسعد اطلس في كتابه القيم ( تاريخ العرب ) ان دولة بني العباس دولة عربية قولاً واعجمية فعلاً ودولة بني امية عربية قولاً وفعلاً فقد اسست دولة بني العباس على اكتاف الاعاجم منذ بداية الدعوة العباسية وحتى سقوطها على يد هولاكو ولولا الاعاجم لكان العباسيون في خبر كان فهم أكثر من مرة انقذوا دولة بني العباس من براثن الفتن والطامعين خصوصاًَ في عهود السفاح والمنصور والرشيد .
يذكر كتاب التاريخ الامناء ان بني العباس كانوا يعتمدون على الاعاجم والموالي في ادارة شؤون دولتهم الجديدة فممولين دعوتهم الاولى كانوا من العجم ووزرائهم من العجم وجندهم من العجم وعمالهم من العجم وخزنة اموالهم ايضا من العجم وهكذا ، حتى غدت دولة بني العباس دولة عربية قائمة على أركان فارسية بحته .
وبدورهم وجد الفرس ومن معهم من الموالي التابعين لهم ان تقربهم من بني العباس واعتماد هولاء عليهم في شؤون ملكهم ، فرصة ثمنية للايقاع بالعرب وازالة دولتهم عن الوجود ونقل الامبراطورية العباسية من عربية الى اعجمية وبذلك يتم أحياء الدولة الساسانية من جديد بعد ان اسقطها العرب سابقاً بالاضافة الى تفرق العرب وانقلاب بعضهم على بعض لذلك نرى توالي الفتن والدسائس السياسية وانفرادهم بالملك العربي عمداً منذ زمن ابو مسلم الخرسانيا وحتى سقوط بغداد بيد هولاكو .
ولكن توالي الخلفاء العباسيين الاوائل كاابو جعفر المنصور والرشيد وبقضائهم على فتن ودسائس الفرس ضيق مجال توسعهم في الدولة العربية الاسلامية فوجد هولاء ان الايقاع بين ولدي الرشيد فرصة لاتفوت وتعوض عليهم الخسائر الفادحة التي تلقوها على ايدي المنصور والرشيد .
ان التسرع في اتخاذ القرارات دون الرجوع الى اهل الحكمة والعقل والدين والتفرد بالرأي من قبل ملوك بني العباس وتصديقهم الاقاويل وعدم علمهم بمايحاك حولهم من الفتن والدسائس صير دولتهم نحو الهلاك كما ذكر التاريخ وكان ماكان من مقتل الامين على ايدي الفرس بامراً من اخيه المأمون وكان ماكان من ضعيف الايمان وعدم الاتعاض من قصص الاولين واهمال شؤون دولتهم وانشغالهم باللهو والشراب واليالي الحمراء ، من الامر الذي جلب الخراب على دولتهم وانقسامها على بعضها واستقلال بعض الاقاليم عنها وتنامي الفتن والدسائي السياسية التي كانت تحاك في الخفاء من قبل الناقمين على بني العباس خاصة وعلى العرب والاسلام عامة .
التاريخ كلمة سهلة اللفظ وصعبة المعنى فقليل من يفهم التاريخ ومافيه حوادث وأمور جرت في مكان وزمن معين ومن يفهم التاريخ ويتعظ به يتمكن من تسير اموره بالاتجاه الصحيح ونحو الهدف الذي يسعى اليه لان التاريخ ليس مجرد كلمات تكتب وانما هو عبرة للافراد والجماعات والدول والشعوب معاً وكما رأينا واطلعنا على تاريخ بني العباس نجد ان اغلب خلفائهم لم يتعضوا بالتاريخ وماصور لهم من فرح وسرور وسلام وحرب ووحدة وقوة فكان من امر دولتهم التي اسسوها بدمائهم ان أسقطها الفرس بحقدهم وظغينتهم على الاسلام والمسلمين .
ان قوة الشعوب والافراد لاتكمن في العدد والعدة ولافي تجيش الجيوش وحثها على الاستبسال وانما قوتهم في وحدة صفهم وضعفهم في تفرقهم ، يحكى ان المهلب بن ابي صفرة دعا ابنائه الاربعة حينما دنى اجله وقدم لهم حزمة من السهام وطلب من كل واحداً منهم ان يكسرها وهي مجتمعة فلم يستطيعوا ثم فرق السهام ووزعها على ابناءه ثم قال :
هكذا هي الوحدة يأبنائي ، انها القوة
تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسراً
واذا افترقن تكسرت احادا
ان الوحدة هي عمود القوة والاساس الذي لاتهزة الريح مهما كان من قوتها وعددها ولو بقى العرب المسلمين على وحدتهم التي عهدناها في زمن الرسول الكريم لما فسح المجال ابداً للاعداء والطامعين للوقوف بينهم وتفريق شملهم وتذهيب ريحهم على مر العصور .
التعليقات (0)