مواضيع اليوم

الوحدة: حلم أم وهم؟؟.

محمد مغوتي

2010-09-30 13:37:54

0

              الوحدة: حلم أم وهم؟؟.
   في الذكرى الأربعين لوفاة جمال عبد الناصر، مازال موضوع الوحدة العربية يحتل مكانة بارزة في النقاشات العامة و الثقافية على السواء. و مازال الشارع العربي يعيش على أحلام المشروع القومي.
   ظل حلم الوحدة دائما يراود هذه الشعوب المسكينة التي أثقلها شعورها القومي بالهزائم و النكسات المتتالية، فعلقت كل مآسيها على حالة التشرذم و الفرقة في أمة يجمعها عرق واحد و لغة واحدة. لكن هذه الشعوب التواقة للوحدة تنسى في غمرة سكرة الأحلام الجميلة أن محددات الوحدة ليست متعلقة بالضرورة بالأخوة العرقية و آصرة القرابة. و تنسى أيضا أن مشاريع الوحدة التي أثبتت نجاحها في العالم لم تتأسس أبدا على القومية، بل قامت على الإنسانية. فأوربا التي تقدم نموذجا متميزا في هذا المقام تعيش فسيفسائية تختلط فيها أعراق مختلفة و لغات متعددة، ورغم ذلك تغلب منطق الإنسان على أنانية العرق، فتحققت وحدة لم يكن أحد يحلم بها في قارة كانت دائما مصدرا للقلاقل، و التي تسببت خلال القرن العشرين في حربين عالميتين راح ضحيتهما ملايين البشر. لكن الأوربيين استوعبوا جيدا دروس التاريخ و اختاروا تضميد جراح الماضي و تحطيم أصنام إيديولوجيا الشرق و الغرب. وكان إسقاط جدار برلين سنة 1989 نقطة تحول فارقة في تاريخ أوربا الحديث. ومثل ذلك الحدث رمزا ألهم الأوربيين فكرة الوحدة كخيار إستراتيجي يحترم الإنسان و يخدمه في المنطلق و المنتهى.
    أما العالم العربي فيعرف أسوارا كثيرة ينبغي هدمها. غير أن تلك الأسوار لا تتجلى في الحدود القطرية فحسب، بل تحفر عميقا في و جدان الثقافة العربية التي يحكمها التعصب بهدي من شعار: " أنا و أخي على ابن عمي، وأنا و ابن عمي على الغريب". لكن تناقضات العقل العربي لا تترجم هذا القول إلى فعل إلا على مستوى الغلبة التي تتغذى على القبلية. حيث تعرف العلاقات بين الدول العربية توترا مزمنا بالواضح حينا و بالمرموز دائما. و يصر العرب إصرارا عجيبا على اختزال كل المنطقة الممتدة من المغرب إلى الخليج في عنصري العروبة و الإسلام. و ضدا على حقائق التاريخ و الجغرافيا يصبح الأمازيغ و الأكراد و الصوماليون و غيرهم عربا بالإلحاق. و رغم هذا الإصرار على تعريبهم، فهم في عرف عرب شبه الجزيرة و الشام يعتبرون عربا من الدرجة الثانية... و على المستوى الشعبي مازالت التجاذبات السياسية تفعل فعلها في صناعة الرأي العام. و مايبدو ظاهريا بأنه شعور مشترك سرعان ما يتحول إلى النقيض بسبب مباراة لكرة القدم أو فيلم سينمائي أو تقرير إخباري في محطة تلفزيونية. و هكذا تتحول القومية العرقية في الشعور الجمعي إلى قوميات صغيرة تحكمها الإنتماءات القطرية . حيث يتوارى حينئذ الولاء القومي أمام الإنتماء الوطني.
    إن الأحادية العرقية ( العروبة ) إضافة إلى الأحادية الدينية ( الإسلام) في ظل بيئة محكومة بمنطق القبلية تؤديان إلى تغييب مفهوم الإنسان بدلالته الأنوارية تماما عن الواقع، و تفرضان العزلة على هذه المنطقة عبر رفض الإنفتاح الحقيقي على المحيط الإقليمي و تحصين الداخل ببناء ديموقراطي يسمح بالإختلاف و ينتصر لحقوق الإنسان. وبغير هذه الأدوات سيظل مشروع الوحدة مجرد وهم من أوهام الزمن العربي. 
        محمد مغوتي.30/09/2010.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !