مواضيع اليوم

الواجب المنسي

مهند الموسوعة الحرة

2011-02-20 07:46:41

0

الواجب المنسي:
ظهرت شبهات عديدة اثناء حوادث الثورة المصرية وبعد انتصارها ومن قبلها ايضا الثورة التونسية... في انهما ثورتان محليتان لا علاقة لهما بالمحيط الخارجي (العربي بالخصوص!) وبأن مطاليبهما هي شعبية بدائية ليس نابعة من منهاج فكري عميق قادر على تحريك الشعوب الاخرى وألهامها بمبادئ الحرية والعدالة مثلما فعلت الثورات الكبرى في التاريخ والتي تركت آثارا هامة في العقائد والافكار والعلوم والفنون والاداب!...
كذلك فأن هاتين الثورتين ليستا في محل تغيير جوهر سياسات النظامين المنهارين الخارجية! وبالتالي فأن التعويل عليهما مبالغ فيه وان الجانب الخارجي بما فيه من التزام ديني واخلاقي وانساني هو ضعيف ولا ينم عن قوة مشاعر مشتركة مع معاناة الشعوب الاخرى،هذا بالاضافة الى ان القواعد الشعبية الثائرة هي بدون عقيدة فكرية عالمية قادرة على جذب الانصار من خارج الحدود!...وعليه فأن التغيير الداخلي قد يكون مؤثرا بدرجة عالية اما الخارجي فهزيل نسبيا ولا قيمة فعلية له!...
وعلى هذا الاساس الشائع فأن التأييد الخارجي للثورات بلا قيمة وسوف تكون مواقف الثورات الناجحة من الثورات التي تبدأ بعدها هي كواجب منسي يدل على ضعف وفاء وتجاهل رد الجميل للاخرين!.
بداية وليست نهاية!
في كل حدث تاريخي مؤثر، تظهر امثال تلك الشبهات المثيرة للانتباه والمحبطة للنفوس الثائرة والمحطمة لقوة دافع التضامن الانساني والرؤى والمواقف المشتركة لاسباب مختلفة!.
ليس كل ثورة لها مطالب محلية بسيطة من قبيل توفير الغذاء والسكن والعمل ومكافحة الفساد والحد الادنى من الحريات وغيرها من المطالب البسيطة هي في محل تقاطع او تعارض مع المطالب الخارجية الداعية الى حدوث تغيير في المواقف والسياسات الخارجية كنتيجة حتمية لطبيعة التغيير الداخلي.
ان المطالب البسيطة التي ينادي بها الشارع هي بداية الطريق وليست نهايته،وهي بالحقيقة مطالب يتفق عليها الجميع وهي قادرة على احداث زلزال يهدم اسس قواعد البناء السائدة،ومن خلالها يمكن جمع كافة التيارات والقوى السياسية بسهولة اكبر مع تحشيد كافة الطبقات الاجتماعية لغرض احداث التغيير المطلوب،وهذه الاهداف المشتركة اذا لم يعمل احد يدعي المعارضة لاجلها فأنه يضعف موقفه في الساحة وسوف يكون منبوذا وبالتالي فأنه مجبر بطريقة او بأخرى في واجب المشاركة الحاسمة عند حلول ساعات الخلاص الثورية.
اما اذا كانت المطالب الشعبية الناتجة من اتجاهات فكرية متعددة وعميقة الجذور فأن درجة الاجتماع والخلاف سوف تكون في اعلى مستوياتها كما ان الطبقات الشعبية التي لا تمتلك الاسس الدنيا من الحيازة الثقافية القادرة على التمييز والاقتناع بمنهج فكري قوي ومتكامل،هي سوف تكون في اعلى درجات اللامبالاة من المشاركة في حالة فرض وجود التأييد الضمني الصامت! وهي غير قادرة على كسر حواجز الخوف والرعب في سبيل مبادئ فكرية لا تفهم الحد الادنى من اساسياتها البنيوية واهدافها المعلنة خاصة اذا كانت غير متأثرة بوضع اقتصادي سيء الذي هو عامل رئيسي حاضر في كل المناسبات!...
كل منظومة سياسية حاكمة لفترة طويلة من الزمن،سوف تحدث تغييرات تدميرية مريبة في طبيعة المجتمع ونفسية الفرد وسوف يظهر أثرها لاحقا بطريقة تكون عملية التغيير الجذري اكثر صعوبة في العمل او تحتاج الى فترة طويلة في انتظار نتائج التغيير الايجابي،وعليه فأن نسبة كبيرة سوف تكون تابعة ذليلة لا قدرة لها حتى من الجانب النفسي على الرفض!...
اغلب الثورات الناجحة والتي قامت وفق مناهج فكرية متقدمة ساهم في بنائها نخبة رفيعة المستوى قلما يصادف وجودهم في حقبة زمنية واحدة،لم تنجح او تؤسس لمنظومة جديدة بدون ان تبدأ بالشعارات التي تلمس مباشرة الشارع وبخاصة في ابسط احتياجاته،والبداية بتلك الحالة ليست منفصلة عن النهج الفكري الرفيع بل هو مكمل له خاصة وانه يتضمن تلك الاثارات والاشكاليات حول طريقة اعادة بناء الدولة والمجتمع وفق اسس جديدة...
وعليه فأن الدعاوى والشبهات المثارة حول الثورات العربية في كونها محلية ومنفصلة عن الخارج هي ضعيفة الاسناد الى براهين قوية!...لان الانسان البسيط الفاقد لدرجات الوعي والالتزام الادبي الذي يشترك بعفوية وببساطة في العمل الثوري هو لانها اثرت بشكل مباشر في حياته،وأن أثر تلك المشاركة والتضحية والفداء سوف تكون نتائجها الفعلية اكبر من المتوقع منها لانه سوف يتأثر بشكل او بآخر بكل المطالب الانسانية الخارجية التي هي جزء من المنظومة الفكرية المحركة في حالة فرض انعدام تأثيرها عليه في السابق بسبب الجهل المعرفي او اللامبالاة نتيجة سحق شخصيته المستقلة بفعل حالة الاستلاب الذاتية،ولكن عودة الوعي والفهم لمجريات الامور سوف تكون سريعة فضلا عن آثارها تظهر من خلال تغيير المواقف او تأثر الخارج بها.
ان الشعوب المتحررة من ربقة الاستبداد والتعصب سوف تكون مستعدة بدون شك لمساعدة الشعوب الاخرى التي مازالت تعاني منه وهي تعرف ان ذلك واجب لا يمكن نكرانه!...وهذا الدعم سوف يظهر بمختلف الادوات وعليه فأن التنكر وخذلان الاخرين فضلا عن انها صفة قبيحة دالة على انحدار وتخلف،هي سوف تكون بعيدة عن اهداف واخلاق الامم الحرة الا في حالة وجود فرض داخلي وخارجي لا يريد لها ترجمة تلك التمنيات والرغبات الى افعال!.
لا يوجد شعب حر في العالم يفضل ان يعاني الاخرين او يتجاهل مساعدتهم ولو بحدودها الدنيا،ففي الشدائد والمحن تظهر الاصول الانسانية الجمعية السامية في ابهى صورها الجميلة.
ان العلاقات الانسانية بين الشعوب الحرة هي في اعلى درجاتها بينما تهبط بفعل عوامل عديدة الى ادنى مستوياتها اذا كانت الامم مستعبدة!.
ان عملية التهميش والنفي والابعاد الداخلية سوف يظهر اثرها التخريبي سواء بين ابناء الوطن نفسه او في تعاملهم مع الخارج!.
انهيار الشك!
اذا كان الشك والريبة في انحدار المستويات الثقافية لدى المشاركين بعفوية في الثورتين التونسية والمصرية قد شاع وانهم بلا قيادات محترفة او بلا مناهج فكرية وعملية قادرة على ادارة الدولة والمجتمع وانهم بالرغم من سلامة سرائرهم ونقاوتها هم فوضويون ولو بصورة لاوعي جمعي...
هذه الاقاويل والدعاوى قد انهارت جميعها بفعل الوعي الرفيع والالتزام الوطني والاخلاقي اللذان يدلان على بعد ثقافي مؤثر وتضحية لا يمكن نكران اثرها بالاضافة الى التمسك الواعي والعظيم بكل مبادئ الثورة واهدافها والمتمثلة بأزالة جذور الاستبداد من جذوره والرفض المطلق لكل رموزه مع استئصال الفساد وكل المتورطين به والعمل على اعادة بناء الدولة وفق اسس متينة ورفض الوصايات العسكرية او الخارجية او تسلق الانتهازيين والعمل على اشاعة المثل والقيم الانسانية الرفيعة الخ...كل ذلك وغيره ادى الى اعادة تقييم المواقف والرؤى في النظرة السلبية وتغييرها حسب ما موجود على ارض الواقع... لقد ثبت ان الشعوب مهما تعرضت الى تدمير وقمع فأن روحها تبقى حية ونقية تحت الرماد وانها تنتظر الشرارة لكي تنبعث من جديد!...اذا كان الامر كذلك فأن هؤلاء لا يمكن ان يتصرفوا بأزدواجية تعامل مع الداخل والخارج بل سوف تكون علاقاتهم مع الخارج مبنية على اسس جديدة وفق تلك المبادئ والقيم الغير قابلة للتجزئة او الانتقاء،بل سوف يفرضون مثلهم العالية على غيرهم كما فرضوها بالاختيار في الداخل.
ان اثر التحرر من الطغيان والفساد والاجرام سوف يظهر اثره في العالم اجمع وسوف تؤدي الى اشاعة مثل انسانية رفيعة.
واجب الثورتين المنسي:
بالرغم من ان واجب مساعدة الشعوب الاخرى التي وقفت بكل قدراتها المتاحة الى جانب الثورتين التونسية والمصرية قد تأخر قليلا لان جماهير الثورتين تتابعان عملية البناء الجديدة كي لا يتسلق اللصوص الى اسوارها،فأن هذا الواجب الذي لا يستحمل التأجيل بفعل انطلاق الثورات الاخرى قد يصبح منسيا اذا لم تكن هنالك اشارة تنبيه مؤثرة!...اما لماذا؟!
لان الشعوب الثائرة حاليا وبالخصوص في البحرين وليبيا واليمن تحتاج الى دعم مباشر من خلال المظاهرات المليونية سواء ضمن تلك التي تخص شأن الشعوب الداخلي او رفع مطاليبها امام وسائل الاعلام والبعثات الدبلوماسية للانظمة المتحكمة!.
ان السلطات الارهابية في البحرين وليبيا بصورة خاصة(اليمن اهون الى حد ما!) تمارسان قمعا وحشيا آتيا من تراث تراكمي اسود لا يمكن تجاهله في ظل فرض تعتيم اعلامي واسع النطاق،وعليه فأن الواجب على الشعوب الحرة ان تدعمها بكل وسيلة ممكنة وبخاصة الخروج في مظاهرات مليونية خاصة وان شعوب تلك البلاد الثائرة لم تقصر مع تلك الثورات منذ بداية انطلاقتها وحتى النهاية وقد رأينا اثر مشاركة البحارنة واليمنيون في الدعم المعنوي الدال على رفعة قيم اخوية واخلاقية في دعم الثورات المنتصرة،اما ضعف مشاركة الشعب الليبي الجريح فهي بسبب المنع التام لنظامه الوحشي المتخلف الفاقد لكل صفات واخلاقيات التعامل الانساني! ولكن الثابت ان تأييده للثورات المنتصرة لا يقل عن غيره من الشعوب المستضعفة الاخرى.
حالة البحرين هي اكثر الحاحا بفضل المقاطعة او التجاهل الاعلامي من جانب القنوات الفضائية التي تتبع بصورة خاصة الانظمة القبلية ذات العلاقة الخاصة مع النظام الطائفي البحريني مثل قناة الجزيرة او العربية وغيرها والتي لم تقصر في متابعتها للثورة المصرية ...فهي اي تلك الوسائل الاعلامية قد اثبتت بصورة لا تقبل الشك او المجادلة في كونها طائفية او تراعي نظاما قبليا شبيها بحالة مموليها! وعليه فأن تلك هي خيانة ادبية عظمى ليست غريبة على تلك القنوات الباحثة عن الشهرة الفارغة اكثر من بحثها عن الحقائق المجردة والمهنية الاعلامية الموضوعية التي تتصف بها الكثير من المؤسسات الاعلامية الغربية!...اما الحالة في ليبيا فهي مأساوية بكل المقاييس وسوف لن يتورع نظام المعتوه في ارتكاب المجازر التي تؤدي الى حسب تصوره الى ابقائه على سدة الحكم لاطول فترة ممكنة دون ان يفهم او يعي الحقيقة الخالدة: دماء الشهداء سوف تزيل العروش عاجلا ام آجلا!.
لقد حان وقت الاستجابة لهذا الواجب المنسي والحديث موجه للشعوب التي تتمتع بقدر كبير من الحريات الان وبخاصة الشعبين التونسي والمصري... فالمشاركة الوجدانية العالية لاهداف وتطلعات انسانية خالصة تقوي أصر الروابط والعلاقات بينها وبين الاخرين،كما وانها تدعم موقف الثائرين وتضعف مواقف الطغاة والمعاندين واتباعهم المنحرفين!.
واجب لا ينبغي ان ينسى...والتدارك خيرا من التجاهل او النسيان!

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات