في محدودية النتائج التي تحصلت عليها القائمات المستقلة "حقيقة" والمستقلة"الواجهة" فان تجربة خوض الحملة الانتخابية لدورة أكتوبر2011 قد فتحت أعيننا عن عديد الأمراض والأوبئة والمظاهر السلبية التي انتابت الهيئة العليا التي ولدت من رحم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والأصح"الالتفاف على الثورة" فنشأت منذ البداية معدة للاختراق وللالتفاف عليها عبر تكريس عدم مساواة الفرقاء الانتخابييين وعدم اخضاعهم لذات المعاملة ولذات الضوابط.
يفترض في الهيئة العليا وفي بناتها الفرعية أن تلتزم الحياد الانتخابي باعتبارها الحكم والفيصل منذ انطلاق الحملة في تسجيل وردع المخالفات الخفيفة والخطيرة على السواء وفي الرد عليها في حينها ودون تلكأ بكل حزم ودون تردد ولكن الذي حصل هو العكس تماما ولعل هذه الوضعية تذكرني بما اطلعت عليه خلال بحوثي التاريخية وعبر دفاتر عدول الاشهاد عند معاينة مخالفات الاعتداء بالفاحشة لدى اعتماد لفظة "التدرب" والمقصود بها مراودة المتهم للضحية وصولا الى ارتكاب المحظور بأنواعه؟؟؟
ولو ركزت على أوضاع الهيئة الفرعية بالمنستير التي ترجع اليها قائمتي بالنظر فانها ولعلها لم تكن الوحيدة عبر الهيئات الفرعية التي لم تفعّل جهازها الرقابي المركزي والمحلي في رصد كل المخالفات على الأرض المتراوحة بين توزيع المال الانتخابي على نطاق واسع وهدايا عيد الاضحى واعتماد المراودة الانتخابية عبر أنحاء الولاية ترويجا لمنافع دنيوية وأخروية على السواء فتحولت الحملة الانتخابية أو "حملة الترويج السياسي" ومنذ بداياتها الى"سوق ودلّال" وظفت فيه الأموال وتنادى له السماسرة والوسطاء القدامى والجدد وفعّلت شبكات العلاقات والماكينات السابقة وخاصة منها"الماكينة التجمعية التي تعتبر المنتصر الحقيقي من خلال هذه الحملة والتي أكدت بدون أي مجال للشك بأن التجمع الدستوري لم يتضرر الا على الورق من قرار حلّه؟؟؟
وكانت الهيئة العليا وبناتها الفرعية تعلنان كلما رفعت اليهما قائمة في التجاوزات أن المطلوب هو القيام ب"معاينة عدلية" بمشاركة الراشي والمرتشي لضبط المخالفات واعطائها البعد القضائي اللازم وهو ما يعتبر كما يعلم الجميع ضحكا أكيدا على الشوارب والذقون لاستحالة القيام بذلك؟؟؟
ولم يكن الفرقاء السياسيون وحدهم مصدر التجاوزات بأنواعها مراودة لصيقة ورشوة نقدية وعينية بل أن الهيئة العليا وفروعها أيضا من خلال التلاعب بشعارات القائمات واعتماد شعارات لم يعلم حتى أصحابها بتغييرها قبل انطلاق العملية الانتخابية مما زاد المشهد لبسا وضبابية ولعل عزاءهما وراء ذلك أن الأمر تعلق بقائمات صغرى ،أو قائمات فقيرة غير متنفذة وموظفة لشبكات يخشى من غضبها أي قائمات من الوزن الثقيل الموظفة لصكوك التوبة ولهدايا شراء الذمم المعلنة منها والخفية؟؟؟
ولعل من المفارقات العجيبة الغريبة والتي ألقت بظلالها على صدقية وشفافية الحملة الانتخابية أن الهيئة العليا كانت تمرر وطيلة الحملة عبر وسائل الاعلام الوطنية والجهوية ومضة اعلامية مفادها أن الأميين والمرضى لهم الحق في الاستعانة بمرافق من أفراد عائلاتهم يساعدهم في أداء الواجب الانتخابي،وقد تبين من خلال محادثتي مع زميلة لي كانت رئيسة مكتب بسوسة،وكذلك من خلال محاورة بعض الناخبين أ، هذه القاعدة لم تحترم ولم يمكّن الناخبون الأميون من التعبير عن رأيهم ذلك أنهم أنزلوا مطبوعات غير مؤشر عيها،واما أختير لهم نيابة عنهم،فهل هذه هي الديمقراطية التي تبشرون بها والتي استشهد من أجلها الشباب التونسي؟؟؟
سؤال أخير موجه الى الهيئة العليا غير المستقلة للانتخابات وبناتها الفرعية طالما أنكم عودتمونا منذ تقديم الترشحات على امضاء كل شيء اظفاء لشرعية ضرورية ولازمة فلماذا لم تدع الهيئات الفرعية وقبل اغلاق محاضر جلساتها النهائية المعتمدة للنتائج التي تعكس فاعلية المراودة بأنواعها وجدارة الشبكات القديمة والجديدة،لم تدع رؤساء القائمات الى امضاء هذه المحاضر التي تأ×ر صدورها لأسباب غير معروفة وغير معلنة،فهل أصبحت الآن وبعد كل ما حصل من تجاوزات واختراقات غير مبررة وغير منظور فيها في غنى عن اظفاء الشرعية الللازمة على هذه النتائج؟؟؟
التعليقات (0)