ماذالو كُنتَ مسافرا إلى أرضٍ بعيدة ، وأثناء تواجدك هناك صادف أن سمعتَ أحدهم ينادي آخر بلقب يشبه لقبكَ تماما لأنه نفس اللقب..؟! هل ستستغرب وقتها وجود أبناء عمٍّ لك في بُقعة ما من الأرض ولم تكن تتخيل ذلك..؟! هل حدث وسُرِقت منكَ هويتك فتصبح بذلك من الأشياء المسلوبة في حياتك وتعي جيدا ذلك لكنكَ لاتستطيع أن تُحرِّك ساكنا..؟!
هي أحاسيسُ مريرة تلك التي تعتريك حين يُسلَبُ منكَ شيءٌ نفيسٌ وغالٍ كهويتك في هذا العالم ... هويتك التي تحرصُ على أن تكون مُتماشية مع مبادئكَ في الحياة...فتكتشف أن هناك من يحملها (معك) أو نيابة عنك، ليضعك بذلك في موقف المُحتار لأنك تخشى أن لا يُحسن إليها حتى بذرة من (حُسن الخلُق)...؟!
هذا بالضبط ما يحدُثُ يوميا تقريبا لخلق الله جميعا حول العالم...حيثُ أصبحت تجارة الهويات سلعة رائجة لعديمي الإيمان من الرعاع من بني البشر....بل إنها مِهنة تدُرُّ على أصحابها الملايير.....لكن أي ملايير...؟!
إن إخواني هؤلاء (هداهم الله) لايعلمون أن بيع هوية إنسانٍ هو في الحقيقةِ محسوب عند ربه من الموتى ، يهوي بهِ في هاوية جهنم (والعياذ بالله) ملايير السنين ،وحيث اليومَ يومئذٍ كألف سنةٍ مما تعُدُّون اليوم..؟! واحسب يا (عبقري) نتاج ملايير السنين؟! ...إنها لحق رحلة ترتجف لها مفاصل من وضع الله في قلبه (اليقين)...؟!
قد قُلتُ في البداية إن تجارة الهويات منتشرة في جميع بقاع الأرض لكنني لم أطلع على إثباتات عليها ..أما الأرض التي أملك إثباتات على الممارسات اللاإنسانية في هذا المجال فهي منا طق بجنوب (بلادي العزيزة) الجزائر....وأسلط الضوء على المنطقة الأكثر غرابة..والأكثر جمالا بسحرٍ عجيب....هي ولاية تُدعى تمنراست...ففي هذه الولاية تجد دولة شبه مستقلة عن الجزائر الأم..والسبب راجع لكونها منطقة حدودية يتوافد عليها الأفارقة من كل الدول الإفريقية...متخذين منها ممرا نحو (جنة أوروبا)..ففي هذه الولاية (تُسوَّى) كل التعاملات اللاقانونية لهؤلاء الأفارقة حتى تُصبح قانونية ليكمل (المواطن الإفريقي) رحلته،ولو كلفه ذلك الدوس على (جثث إخوانه الموتى)بإنتحال هوياتهم......واللوم طبعا ليس على هؤلاء...لأن أكثر هؤلاء الوافدين من ديانات مختلفة ومنهم حتى المجوس...وآكلي لحوم البشر....لاعلينا المهم أن المواطن (التامنراستي) عرف قيمة (الكنز الإفريقي)الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل الحصول على هوية له من أرض الجزائر....فماذا أصبح (بعض المواطنين) يفعلون ؟
عندما يموتُ أخاه أو عمه أو خاله أو أي فرد من الأسرة لايبلغ عن وفاته ويقوم بدفنه ليلا....فيكون المرحوم في قبره...والمرحوم نفسه يسير على الأرض....سبحان الله..؟!...
هل وصلت بنا اللاإنسانية حقا أن يموت الواحد منا فتبقى هويته تتحدث عنه وتقوم بما لم يقم به على الأرض...؟!
هل حقا وصلنا لحدودٍ سحيقة من الجشع والطمع....حيث أننا لم نكتفي بأذية إخواننا الأحياء لنصل إلى إخواننا الأموات فنسرق منهم ؟! وأي سرقة؟!
لم أعُد أستطيع أن أكمل صدقوني إخواني وأكتفي بالقول هدانا الله وإياكم...ولنحسن لإخواننا من الأحياء ،والأموات درجة الإحسان زائد واحد فهم أولى بالإحسان .
التعليقات (0)