عندما قرأت تصريحات الدكتور محمد البرادعى لصحيفة "دير شبيجل" الألمانية وقوله أن البعض ممن يضعون الدستور المصرى لا يعترفون بالهولوكست ، صُدمت فبعضنا فعلاً يتشكك كلياً فى صحة وقائع تلك المذابح ، وآخرون يتشككون فى أرقام الأعداد المُعلنة عن ضحاياها ويميلون لرأى المفكر الفرنسى المسلم روجيه جارودى ، ورغم صدمتى لمقولة الدكتور البرادعى فكرت فى كلامه والحقيقة أن مقولته صحيحة بالفعل ، فالهولوكست الذى نُشكك ولا نعترف به عبارة عن جرائم إعترف أصحابها بأنها حقيقية وقد إرتكبوها وتم محاكمة كثيرين وهرب من المحاكمة آخرين فى دول ومنها مصر ، فلماذا نُنكر جرائم غيرنا وماذا يضرنا أو يُفيدنا نحن بعد هذه السنوات الطويلة لو كانت هذه جرائم حقيقية أو تمثيلية ؟! .
عندما نبحث فى تلك القضية ـ أو التمثيلية ـ والتى نقرأ عنها منذ عشرات السنوات وشغلنا أنفسنا فى صحة أو عدم صحة جرائم إرتكبها غيرنا وإعترفوا هم بها لهو مثير للعجب ، فأنظمة الحكم كانت تبحث عن تبريرات للنكبة فتم تلبيس ضياع فلسطين وإعتبار الهولوكست هو السبب الأساسى لضياعها ، وهذا يتشابه فى تلبيس الإحتلال سبب تخلفنا مع أن الإحتلال حمل عصاه ورحل منذ عشرات السنين ، وهناك دول إستقلت بعدنا ونجدها الآن فى مصاف الدول العظمى ، فموضوع الهولوكست سبب من ضمن أسباب زيادة هجرة اليهود لفلسطين والذى ساعد بدورة فى إحتلالها ، ولكنه ليس السبب الرئيس ، فالجماعات التى تلقفت كلام البرادعى ـ والذين شاركوا فى أحداث النكبة ـ بإعتباره سقطه معتبرين أن جرائم الهولوكست ـ بعد إعتراف مُرتكبيها ـ هى جرائم تمثيلية لهو أسوأ من جرائم إرتكبوها هم بأيديهم وإعترف مرتكبوها المُنتمين إليهم بها ومع هذا ما زالوا يقولون عن جرائمهم أنها تمثيلية ! ، مثل حادث المنشية لإغتيال الرئيس جمال عبد الناصر ، والذى إعترف "خليفة عطوة"وهو أحد المتهمين الرئيسيين فى تلك الجريمة مؤخراً صوتاً وصورة فى أكثر من قناة قائلاً "هذه الواقعه حقيقية وبالفعل قمنا بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى حادث المنشية وأنا دلوقتى عندى 81 سنة .. وليه أكذب فى هذه السِن ؟! ، ولسه حنكذب !" .
التعليقات (0)