الهروب ....من المسؤول؟

كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة هروب العمالة (سائقين وخادمات ومزارعين) من كفلائهم والعمل لدى آخرين بشكل غير نظامي - وهو العامل الرئيس في تشجيع حالات الهروب- أو الانخراط ضمن مجموعات تمارس اعمالاً تتنافى مع الانظمة والأخلاق.
وعملية الهروب في حد ذاتها ظاهرة سلبية تشير الى وجود خلل في العلاقات العملية والتعاقدية بين مكاتب الاستقدام والعامل او عدم الانسجام في مجتمع مختلف وجديد عن الذي كان يعيش فيه، وقد يكون ناتجاً عن ضغط من اصحاب العمل بتخفيض الراتب او المميزات المتفق عليها ويتفاجأ بها العامل عند قدومه والتي من حقه المطالبة بها. نعلم ان العامل عندما يأتي بالطائرة يختلط بأعداد كبيرة من العمالة العائدة من اجازاتها فيتبادلون المعلومات عن عادات البلد الذي سيعملون فيه ثم يأخذون منهم بعض النصائح وارقام الهواتف. بالتالي فمن اولى لحظات القدوم يبدأ البعض في التفكير بالهرب سعياً وراء مرتب اعلى او خوفاً مما قد يلقاه من عادات او ضغوط بعض ارباب العمل الذين يأتي هنا دورهم في المحافظة على عمالتهم وكسب ثقتها لتبديد السمعة غير الجيدة التي يكون قد تلقاها العامل عن مجتمعهم.بالمقابل نجد ان هناك خللاً كبيراً في العلاقة التعاقدية سواء بين الدول او الشركات والافراد وبها اجحاف كبير لأرباب العمل. فعندما يهرب العامل وتلقي الجهات الامنية القبض عليه تطالب رب العمل باسترجاعه وان رفض (خاصة اذا كانت خادمة) عليه دفع قيمة التذكرة لإعادته لبلده، وهذا إجحاف لرب العمل الذي لم يستفد مما دفعه من رسوم ومصاريف كرسوم الاستقدام وقيمة التأشيرة وتذكرة القدوم بالطائرة واتعاب المكتب والكشف الطبي واستخراج الاقامة ورخصة العمل والقيادة.. ويعلم العامل تماماً انه في حالة هروبه لا تفرض عليه اية غرامات. كما انه يستطيع ان يدعي بأن كفيله لم يكن يدفع له مرتباته! ليزيد من متاعب الكفيل، فبعض العوائل لا تأخذ توقيع العامل عند استلامه لمرتبه الشهري والقانون لا يحميهم، وفوق ذلك تطالب الجهات المختصة الكفيل بقيمة تذاكر العودة!! لتزيد هي الأخرى من متاعبه.
هنا أقترح اضافات وتعديل في العلاقات التعاقدية بأن يتم تحميل السفارة دون الكفيل قيمة تذكرة العودة اذا ابلغ الكفيل عن الهروب (وكان العامل مستلماً لمستحقاته الشهرية) والتي تستطيع حكومة بلاد العامل مطالبته بها بعد عودته، فمن خلال تصحيح العلاقة التعاقدية نوجد الرادع المناسب لهروب العمالة ونقلل من اضرار ارباب العمل.