بقلم/محمد أبو علان:
السلطة الوطنية الفلسطينية ومكونها الأساسي حركة "فتح" اعتمدا المقاومة الشعبية كأسلوب وحيد في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وتبلورت هذه الفكرة بشكل جلي وواضح بعد عقد المؤتمر العام السادس لحركة فتح.
وقبل ذلك كانت السلطة الوطنية الفلسطينية قد عملت باتجاهين، الأول الحد من قدرات حركة حماس العسكرية عبر الاعتقالات ومصادرات للأسلحة التي بحوزتها بغض النظر عن المسمى التي كانت تتم تحته، والثاني العمل على الحصول على إعفاءات لعناصر من كتائب شهداء الأقصى كانوا مطلوبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية لنشاطهم العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي.
لا بل أكثر من ذلك، فعمليات المقاومة المسلحة التي تستهدف جنود الاحتلال الإسرائيلي بزيهم العسكري وعلى الحواجز الإسرائيلية باتت عمليات مدانة من الحكومة الفلسطينية، وفي هذا المجال لم يتردد رئيس الحكومة الفلسطينية الدكتور سلام فياض من إدانة مقتل جندي إسرائيلي على حاجز زعتره قبل أكثر من عام، وكذلك فعل عند مقتل شرطي إسرائيلي في مدينة الخليل قبل عدة شهور.
هذه الإجراءات والقرارات قادت لهدوء أمني غير مسبوق في مدن الضفة الغربية بشهادة جهات أمنية إسرائيلية، ومن معالم هذا الهدوء بدء الجهات الأمنية الإسرائيلية بالتفكير بالسماح لليهود بالدخول للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية والتي منعوا من دخولها منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000.
وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت في هذا السياق أن " الجيش الإسرائيلي يدرس إلغاء قرار منع اليهود من دخول المدن الفلسطينية في الضفة الغربية بسبب التحسن الأمني الكبير في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، ولدرجة التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية".
مصدر مقرب من العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية على مدار (15) عام مضت صرح حول الموضوع بقوله " التنسيق الأمني بين الطرفين هو الأفضل منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، وللمرة الأولى تكون العلاقة بين الطرفين على قدم المساواة وليست على قاعدة مُشَغِل ومُشَغَل".
القرار يدرس حالياً على يد ما يسمى بقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي "آفي مزراحي"، وفي حالة كانت التوصيات إيجابية في هذا المجال من المتوقع مصادقة وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلية على القرار أيضاً.
مقابل حرية الحركة التي ستمنح لليهود في المدن الفلسطينية نتيجة حالة الهدوء الأمني، لا زالت الإجراءات الأمنية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والتي اتخذت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية قائمة مع اختلاف بسيط بين الفينة والأخرى في درجة تنفيذ هذه الإجراءات.
فالحواجز الإسرائيلية، والسدات الترابية، والبوابات الحديدية، وجدار الفصل العنصري لا زالت قائمة وتشكل عائق كبير أمام حرية الحركة بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وتعيق تنقل الطالب والمزارع والموظف والطبيب على الرغم من زوال مبررات وجود هذه الحواجز وفق اعتراف الجهات الأمنية الإسرائيلية.
كما أن حملات الاعتقالات اليومية في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، والاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي هي نشاط يومي لم يتوقف ولو ليومٍ واحد.
والإغلاقات الأمنية لبعض المناطق الفلسطينية لا زالت سارية المفعول على الرغم من الهدوء الأمني الذي بات سيد الموقف، فمدينة القدس لا زالت مغلقة حتى أمام المصلين من كافة أنحاء الضفة الغربية، لا بل حتى سكانها يُرحلون عنها قصراً تحت الحجج الأمنية الإسرائيلية، ومدينة الخليل وشارع الشهداء فيها لا زالا تحت قرارات الاغلاقات الأمنية الإسرائيلية قائمة لضمان حرية الحركة للمستوطنين، ومنطقة الأغوار الفلسطينية تقطع أوصالها الحواجز الإسرائيلية والتدريبات العسكرية، وتصدر بحق ساكنيها قرارات الترحيل، وقرارات الهدم لمنازلهم ومنشآتهم الزراعية.
ناهيك عن الإجراءات الإسرائيلية المهينة والمذلة التي يعيشها القادمين والمغادرين على معبر الكرامة نتيجة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية على الجانب الذي تسيطر عليه "إسرائيل"من المعبر، وآخر هذه الإجراءات كانت الأمس الأحد عندما أغلق المعبر منذ الساعة الخامسة مساءً مما خلق حالة اكتظاظ إضافية لحالة الاكتظاظ الأصلية نتيجة ازدياد أعداد القادمين والمغادرين عبر المعبر في الإجازة الصيفية.
وبناءً على هذا الواقع القائم على أساس عدم التوازن بين الحالة الأمنية في الضفة الغربية والإجراءات الإسرائيلية والواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية نتيجة هذه الإجراءات الإسرائيلية، هل تستطيع السلطة الوطنية الفلسطينية ربط تنفيذ القرار الإسرائيلي المتوقع بالسماح لليهود بالدخول لمدن الضفة الغربية بعودة الأوضاع لما كانت عليه قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ورفع الحصار عن مدينة القدس، وفي المقابل لهذا القرار السماح للفلسطينيين بالدخول الحر للمناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948؟.
moh-abuallan@hotmail.com
http://blog.amin.org/yafa1948
التعليقات (0)