الهاربون من نيران حرب صعده الى السجون كيف يتعامل الجيش السعودي مع اليمنيين ؟ وكيف ينظرون لأهالي صعدة ؟
عند ما هاجت الحرب وأشتد سعيرها وأزدادت ضراوتها وهمجيتها فكرت في الهجرة الى صنعاء لا خوف من موت يتربص بالأبرياء ولا تهرباً من مساعدة أبناء القهر والحرمان أبناء الضياع والنسيان أبناء صعدة المنكوبين الناشئين على ثقافة الألغاز منذ بزوغ حلم إتفاق الدوحة والمرور بحلم (إنتهت الحرب والى الأبد) مروراً بلغز ( سنستمر سنستمر ونحول المدارس الى متارس ) ( والمناورات الإعلامية لإيقاف الحرب )(أناشدك في أهلك وشعبك )(سنستمر لعدة سنوات )هكذا شاهدت مع أبناء صعدة مسلسلاً احداثة متناقضة ومتباعدة سنياريو متكرر كاتب المسلسل لا يعرف ماذا يكتب ولمن يكتب قلم مسير يكتب مشهد السلام في حال الحرب ويكتب مشهد العنف في ظرف السلام المخرج لا يعرف مخرجا لا يعدو أن يكون مدخلا دخول المسلسل بسيط وسهل المنال لا يحتاج الى كلفة كثيرة لكن الصعب للمستحيل الخروج من هذا المسلسل المتشعب في أفكارة وصياغتة ضيوف المسلسل مهمشون طرفي الصراع داخل المسلسل يستغنون عنهم لأن الضيف يحتاج الى ضيافة وإكرام الضيف ليس من شيمهم ولا مكان له في أدبياتهم الجميع ينتهج ثقافة واحدة ثقافة التغني بالمظلومين ويحرصون على بقائهم ولا يطمحوا أن يتعلموا البطولة وحياة الأبطال كأميتاب باتشن ذلك النجم الهندي هائل في رفع الظلم وتحقيق العدالة , هائل في إفشاء السلام والإستقرار , هائل في فك شفرات الالغاز التي حيرت ذوي الألباب وأعمت أصحاب البصائر وأبكمت أهل الرأي وحجبت السماء عن المطر والأرض عن الثمر .
أديسون يبكي على موت مصباحة الكهربائي في صعدة ويرفع قضية ضد الشمعه التي تحرق نفسها لتضئ للآخرين واحتلت مكانه , السيارة اوقفت واستبدلت بسفينة الصحراء صناعة السماء لتحمل الأثقال وتخفف الأعباء ولا تحتاج الى مشتقات النفط وتقلب أسعاره , دبة الغاز رميت الى القمامة وأستعيضت بالحطب الطبيعي , الحريم أخذت بالشريم وداست الكراسة تحت قدميها وأضرمت النيران في كتب رفاعه الطهطاوي أول من دعا الى تحريرها في العالم العربي , الدكاكين أغلقت لأنتهاء مدة صلاحيتها وصعوبة إستبدالها والمستشفيات أوصدت أبوابها والمرضى يتوجهون الى الحكماء بدلاً من الدكاترة الضروريات أصبحت كماليات , شهر رمضان الكريم يقدم ورقة إحتجاج على من أنتهك حرمته وقداستة وتصوفه ودفن روحانيته ومنع وجباته الشعبية بنهكاته الصعداوية وتشوية سمعته لدى محبية وأنصارة بأنه شهر بخيل لا علاقة له بالكرم عنيف لا علم له بالسلام وضبط النفس هكذا غادر رمضان غضباناً أسفاً وأقبل العيد على إستحياء لا يمسح دمعه ولا يشبع بطناً خاوية ولا يرسم إبتسامة منتزعة , الأطفال الذ ين هم زهور العيد وورودة عاكفون في بيوتهم خجلاً من ثيابهم المقطعة البالية , الناس يتقاطرون الى حرث الأرض وغرسها وإنتظار حصادها والأطفال يذهبون الى المراعي بدلاً من المدارس الناس سواسية كاسنان المشط لا فقير ولا غني , كل هذا ليس حنيناًٍ للماضي وعشقاً له بل ما أملت به معادلات الحروب , لقد ضاقت السبل وتقطعت والأنفس أحبطت وبحثت عن مخرج من هذا الجحيم , جهنمية صعدة أعنف وأبشع من جهنمية القرآن لأن جهنمية القرآن فيها شجرة الزقوم وحميم وغسلين فيها مالك خازن النار يجيب دعوة المعذبين فيها أصحاب الشر فقط أما جهنمنا ففيها أصحاب الخير والشر فيها المحسن والمسئ فيها طفل يردد أنشودة السلام وشاباً شاهراً سيفة .
الى أين المفر
المفر كان عن طريق الأراضي السعودية وكان جحيماً أسواء من جحيم صعدة بعدما تجمعنا للإستعداد لدخول الأراضي السعودية وكنا من كل الفصائل شباب جامعين وتجار وأمراض سمعنا كلام مخيفاً للغاية تشيب له رأس الولدان وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما بهم بسكارى ولكن تعذيب السعوديين لشديد , دخلنا السعودية رافعين معنوياتنا الى عنان السماء لا نأبه لكلام من عانوا في سجون آل سعود , نمشي على أقدامنا التي تفطرت بالدماء نتيجة المشي أكثر من ست ساعات تحت حرارة الشمس خائفون من العسكريين السعوديين المجردين عن كل إنسانية , فجأةًَ أحاطت بنا الشرطة السعودية من كل جهه موجهين أسلحتهم الينا ويفتشونا تفتيش دقيق يبعثرون ملابسنا ويطلقون علينا سيلاً من الشتائم , لقد قام ضابط بتجميع بطائقنا الصعداوية ووجه الينا كلام أسواء مما سبق وقال ( صعداويون تتجرأون على دخول الأراضي السعودية أنتم حوثيون حسينيون شيعة أجلاف )هكذا تكلم علينا بالرغم أننا من كل المذاهب وهابية . زيدية .معتزله , كلام تهجمي عنصري , طائفي مصحوباً بالركلات والدفع الى الشبكات مكبلين يرموننا فوق بعض ويقفلون الشبكات ويمشون بأقصى سرعة لا
يهدأون من سرعتهم عند المطبات , أدخل سجن أصعب من سجن (زويرى)الذي سجن فيه يوسف نبي الله عليه السلام سجن في محافظة الحرث أحدى محافظات منطقة جيزان سقفه هنجر نصف جدارة شبك والنصف الثاني بلك لا فراش فيه لا حمام ولا
ماء نفترش الأرض الحارة لا طعام ولا شراب , فبينما أنا محبط مما عانينا وما نعاني مستلقي على أرض السجن أندب مواطناً يمنياً مهمشاً داخل سجون الظلمة متأملاً مقولة للفيلسوف برنارد شو (يسقط الإنسان عن إنسانيتة عندما يصير جندياً ) وقع نظري على شاب ذو طلعة بهية في مكتمل شبابة يعيل أسرة أكثر من ثلاثين شخصاً إثر وفاة والده في حادث مروري في محافظة حجة يكتب فوق الجدار (سنظل نحفر في الجدار إما فتحنا ثغرة للنور أو نموت خلف الجدار ) لقد كان لهذه العبار أيقاعها المعنوي الخاص في نفسي وعلمت أن الله ليس بظلام للعبيد عندما أخذ والد الشاب عصام عن أسرتة لعلمة بقدرات عصام القيادية في تحمل جميع الأعباء وعلمت أن هذه طبيعة السجون المتسلطة تحتاج الى عزيمة وصبر ,
معاناتنا وراء القضبان السعودية
أبت الحروف وكل الأبجديات حملها ولو كانت الأبحر مداداً وما في الأرض من شجرة أقلام لنفذت وهي تكتب ما يعاني منه اليمنيين وبخاصة أبناء محافظة صعدة وهكذا تنقلنا من سجن الى سجن أسوأ نأكل ما ينقذنا من الموت ونشرب ما يسد رمقنا بفلوسنا , نصلي على الحالة بدون وضوء أو طهارة نكاد نموت من الحرارة , سجن خمسة في خمسة ، نقطن فيه سته وخمسون سجيناً , من تكلم مع الجنود السعوديين يتعرض للإتهامات والشتائم والضرب العنيف , مواقف تبكي السماء لحالها , الكرامة الإنسانية محرمة علينا اليمنيين في السعودية , لكني شاهدت أناساً يمنيون يرسمون أروع المواقف تجاه هذا الظلم مهما تعرض له من خطورة يعيدون الكرامة المسلوبة والعزة المنزوعة , لقد رأيت شاباًَ ثرياً في الثلاثين من عمرة يدعى (الذيب العاوي ) يوقف في وجوه الجنود السعوديين كالجبل العظيم ويوجه اليهم الكلام الذي يستحقونه دون خوف أو خجل وحرض جميع المسجونين على إيقاف هذا الظلم والتكاتف وسمعته يردد عبارة (من أحب الحياة عاش ذليلا) هناك الكلام الكثير من الدروس والعبر داخل السجون السعودية تحتاج الى حلقات متعددة هناك الكثير من التأملات تحتاج الى وقفات وإطلالات . قفا من ذكرى حبيب
ومنزلي الحبيب على غايب سوادي صاحب
المصاب الأعظم الذي قطع الفيافي والقفار مشياً على الأقدام . الشمس تلفح وجهه المدلل والأتربة تلتصق بثوبة الأبيض الناصع , غادر صعدة مع المغادرين من طلاب جامعة صنعاء متأبطا
ً شهائدة التي حصل عليها من معاهد في صنعاء وكانت دبلوم لغة إنجليزية بتقدير جيد جداً ودبلوم كمبيوتر بتقدير إمتياز ودبلوم إدارة أعمال مؤملاً بأنه سيحصل على عمل بهذه المؤهلات تساعدة على مواصلة تعليمية في جامعة صنعاء – كلية العلوم قسم الكيمياء , لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن , لقد مزقت ورميت في الهواء على يد السجان السعودي الذي يتلذذ بتأليم اليمنيين , لقد وقف كالأسد مدافعاً على أملة وهو يمزق صارخاً بأعلى صوتة في وجه السجان وبات الطالب علي يندب حظاً عاثراً ربما كان يخفية عنه مستقبل يوحي بخيبات الأمل وينذر بالعمى ورفع كفيه الى
السماء بدعاء لونزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً قائلاً (الهي وسيدي ومولاي ياقاهر الظالمين وناصر المظلومين الى من تكلني الى موت يتربص بي في مسقط رأسي , أم الى عدو يسلبني أملي ويمزق مستقبلي ويسجن حريتي ويمسح هويتي اليك أبث ألمي وحزني والله المستعان على ما نعان )ومن يحمي الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد من شاذي الخلق والطباع , لقد رأيت من المآسي الكبرى ما تدمع له العين دمأ وتبكي له القلوب تحسرا , طفل في الثانية عشر من عمرة من مديرية الظاهر داخل السجن لا يعرف طعم النوم خوفاً على رجولته من حارس السجن الذي حاول مراراً وتكراراً التحرش به ومن غوغاء الخدم المسجونون بجانبة الذين ينظرون اليه كنظرة الذيب الجائع للفريسة .
رسالتين
لكن من هنا أريد أن أوجه رسالتين الرسالة الأولى الى السجان السعودي بأننا أهالي اليمن أصحاب إرث ثقافي وحضاري نعرف كيف ننظف أسنانا ونغسل وجوهنا أننا بشر نتألم كما يتألمون البشر , نضحك كما يضحكون , نأكل الطعام ونمشي في الأسواق ، نعشق الحرية ونطلبها ونبغض الإستبداد ونرفضة , لا نركن الى المذله , نمشي على شفرات السيوف وأسنه الرماح , نحن منبع السلام والإستقرار وروح الوفاء والعدل والإنصاف وقادة الميدان إن لزم الأمر , لسنا أمتداد للوهابية السعودية ولا الجعفرية الإيرانية , إننا من نبت اليمن ومن ثماره اليانعه , نستمد ثقافتنا من إرثنا وواقعنا اليمني الذي يلائم طبائعنا وتضاريسنا الجغرافي , الجغرافيا تحمينا , والتاريخ يذكرنا بمجدنا وكرامتنا , لسنا فئران حتى نخضع للتجارب وطنيون لم نتغير ولم نتبدل , أكثر من يحافظون على هويتهم , أشد من يتمسك بمبادئهم اليمانية الأصيلة , أين أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر الذي تدعون؟ أين المجورة وحق الجار ؟ أين حقوق الإنسان وكرامته التي تهتك في سجونكم ؟ الم يقل في الأثر (لهدم الكعبة حجرحجر أهون عند الله من هتك عرض إمرء مسلم ) لكن عليكم أن تعلموا أن معاملتكم هذه تزيد النار إشتعالاً وتؤجج عضب المتجذر وتصنع قنابل موقوته أعنف من قنابل هيروشيما ونكازاكي , الظلم سيحرق , والشجاعة ستكسر القضبان والنفس لن تذل ولن تركن الى هزيمة أو وهن ولو قل الناصر وغادر الحاضر والرسالة الثانية أوجهها الى رئيسنا علي عبدالله صالح اليك نشكي مأسينا ونطمح أن تسمع شكاوينا .. من ننتظر غيركم يتعاطى مع قضيتنا الإنسانية المصلوبة على الأراضي السعودية أنت الحاكم ونحن المحكومين ,, اليكم نبث الشكوى وننتظر الأمل المفقود , نرغب من سيادتكم أن تسمعونا وتقفوا الى جانبنا ولو مرة في حياتكم , وتوجهوا الى السلطة السعودية أن لا تخلط بين عبد أبق وبين طالب في جامعة صنعاء يأمل ببزوغ فجر جديد يعيد له كرامته ويبقى على هويته المهددة
من ينقذ أمراض صعدة من الموت المتربص بهم لصعوبة الحصول على الدواء لا سبيل لنا أبناء صعدة وخاصة أبناء مديرية رازح للخروج إلا عن طريق الأراضي السعودية التي نعاني في سجونها أشد وأعنف المعاملات فهلا تكرمتم بإنقاذنا مما نحن فيه .. تكفون
التعليقات (0)