كنت قبل أيام في أحد المطاعم الصينية بالعاصمة الرياض وكان بمعيتي أخوتي الأصغر مني سناً .
وقمنا بطلب شربة الذرة لما لها في قلبي من مكانة , وتعتبر هي الصديق الحميم لشهيتي .
وعندما وضعت الطبق بين يداي وحبات الذرة تنظر لعيناي وتجد فيها معالم الإفتراس ولكني ألتفت عنها لكي يهدا روعها وأجعلها تتفاجأ بوجود الليمون الذي هو في عينيهم كالسكين في عين الذبيحة التي أيقنت بهلاكها .
أخذت أعصر الليمون وشهيتي تعصرني لا تكاد تتحمل الإنتظار لكي يضفي على طعمها لذة رائعة .
وبعد عصر الليمون تناولت الملعقة المخصصة للشربة فأخذت أرتشف مرة تلو الأخرى ولكن تفاجأت بوجود نواة الليمون مع حبيبات الذرة تريد ان تنفذ لجوفي وتطعمني طعمها المر العلقم الذي دائما ما يضحكون علي به الكبار وأنا صغيرا حين تتغير ملامح وجهي بهذا الطعم الجديد الذي لم يسبقه إلا حليب الأم وعصائر لذيذة .
فأخذت أفكر بتفكير أبعد من سفرة الطعام وطاولته وأبعد من حدود المطعم وحتى الدولة التي سمي عليها .
أفكر في الواقع الذي أنا فيه والأزمنة الغابرة كيف عانا أهلها من المتطفلين كنواة الليمون التي أرادت أن تنغص طعم العصير الذي كانت في أرحامه وطعم الذرة التي رجتها شهيتي طيلة الأسبوع الذي سبق تناولها .
فجال بي التفكير وصال حتى يئست من وجود اللحظة في حياتنا التي تخلو من وجود المتطفلين فأيقنت أن لا فكاك من تطفل البشر إلا إذا توارينا في التراب وننتظر من ربنا الحساب متأملين في رحمته والنجاة من العقاب .
التعليقات (0)