النقد .. واستعادة الوعي !
... حققت الدولة الإسلامية مجدا حقيقيا في العصور الماضية بواسطة قوتين هما : القوة السياسية العربية البحتة والقوة العلمية المتوازنة دينيا ودنيويا وذات الأغلبية الإسلامية . فلما سقطت الدولة الإسلامية على أيدي المستعمر بعد نجاح النهضة الأوربية تحولت الدولة الإسلامية إلى كيانات مفككة، وأصبحت عالمين منفصلين عربي وإسلامي ، وخضع كل كيان منفصل إلى هيمنة إحدى القوتين العظميين في تلك المرحلة ، وأصبحت قيادات هذه الكيانات المفككة تحت الوصاية والتبعية ، وأصبح لكل منها أجندته الخاصة وفقا لذلك وحلت سلطة الفقيه المتحالفة مع السياسي تارة والمختلفة معه تارة أخرى محل قوة العلم المتوازن ، ومن هنا كانت صدمة الشعوب العربية المؤلمة ، إذ وقعت تحت وطأت صراع المتناقضات ، وصراع المصالح الذاتية والنسقية المتضادة حتى شُلت فكريا وما تزال ، لذلك هي بحاجة لنوع من الصدمات " الكهربائية " فقد تفيق من صدمتها التي آلت بها إلى التسليم لواقع أعتادته وسلمت بالتشرذم تبعا لمعطياته .
وهنا يأتي دور النقد الهادف لاستعادة الوعي كأساس للتغيير ، إذ
لا يمكن لأي مجتمع أن يغيّر من واقعه دون أن يعي سلبياته ويكتشف علاقتها بترسيخ ذلك الواقع . وهذا يعني أن ليس على الناقد إلا مخاطبة العقل المعني بالوعي والإدراك لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ومن أهم ما بالنفس " الغفلة !" التي تجعل العقل المهزوم غير قابل لتقبل الأفكار الجديدة إلا إذا قام الناقد بتشريحه أمام نفسه وتجريده من خماره الذي ضربت به عليه المصالح المتضادة والمشتركة في الوقت نفسه .. !
تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)