اشتد الحديث عن النقاب في الفترة الاخيرة، بسبب التصويت الاخير على حظر النقاب في الاماكن العامة في بلجيكا ..
وبرزت القضية التي لا تنتهي الا بفناء الكون باجمعه، وهي قضية، هل النقاب شرعي ام لا؟
وبما ان مجتمعنا ذكوري بامتياز، يبرز لدينا دائما الميل الى الانتقاص من المرأة، ووضع كافة العراقيل في طريقها، للتقليل من شانها وتحجيمها وتكبيلها بالقيود ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.
تقول الاية 59 من سورة الاحزاب: "يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما "
الجلباب هو الثوب او القميص او الملاءة، والادناء هو ارخاء الجلباب على الوجه.
الجلباب ليس اسلاميا وكان موجودا عند العرب قبل الاسلام حيث قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْرٍو ذي الكَلْب تَرْثِيه:
تَمْشِي النُّسورُ إليه، وهي لاهِيةٌ، مَشْيَ العَذارَى، عليهنَّ الجَلابِيبُ
فالجلباب هو لباس انتشر بين نساء البادية قبل الاسلام بقرون.
متى يتوجب على المراة ادناء الجلباب على وجهها؟
يقول ابن كثير ((كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة فيعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن فإذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها فإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها))
بصراحة هؤلاء الفساق اولاد ناس ... فهم يميزون بين المسلمة الحرة والمسلمة غير الحرة، ولكن هذا يقودنا الى سؤال مهم: لماذا المرأة غير الحرة مباحة في الاسلام، ومسموح الوثوب عليها حتى في الطرقات؟ سنترك هذا الامر الان لانه ليس بحثنا.
من الحكاية اعلاه نستطيع ان نقول الاتي:
ـ ادناء الجلباب (النقاب) تفعله المرأة في الليل، لصعوبة التمييز والتعرف.
ـ لا يوجد قناع خاص ترتديه المرأة وما مطلوب فقط هو ارخاء العباءة او الثوب او القميص، بطريقة يمكن معها القول بان هذه المرأة هي من الاعيان.
ـ لم يرد في الاية، القدر الذي يتم ارخاءه من الجلباب.
ـ التشريع يخص ظرف خاص جدا، في مدينة تغيب عنها القوانين وشوارعها ضيقة ومنازلها صغيرة لا تحتوي على دورة مياه مما يضطر النساء للخروج الى الشارع لقضاء الحاجة، وربما هذا هو سبب الحاجة الى جلباب، لان الجلباب سيغطي الجسم بالكامل ولا تظهر عورة المرأة وهي تتغوط او تبول، وعمله هنا اشبه بالخيمة.
مما تقدم اعلاه، يتبين لنا ان الاية تتحدث عن ظرف خاص جدا مر به المسلمون، وهذه الاية تخص هذا الظرف فقط ولا يمكن تعميمها على كل الظروف. ولكن هذا مالا يفعله فقهاء المسلمين للاسف، فهم هؤلاء الاول، هو السير بالمسلمين الى الخلف وهكذا يبقى الناس في معزل عن الحاضر، مما يسهل السيطرة عليهم وتحريكهم كيفما يشاءون.
ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين
هذا هو سبب الادناء، التمييز بين الحرة والعبدة، وبما ان زمن العبيد قد ولى، يسقط مع ذلك التشريع. فالنساء كلهن حرائر الان، ولا داعي لتمييزهن عن بعض ومن يصر على ذلك يثبت انه غبي بامتياز.
نساء اليوم لسن بحاجة الى نقاب او جلباب، فمنهن من يملك اكثر من دورة مياه في بيوتهن ولسن مضطرات لقضاء الحاجة في الطرقات.
التعليقات (0)