النفط الصخري لاعب جديد في ساحة الاقتصاد العالمي
بقلم محسن العبيدي الصفار
لايخفى على احد ان النفط والغاز يعتبران اهم مصادر الدخل لدول الخليج العربي وكذلك العديد من الدول الاخرى من اعضاء منظمة اوبك ولايخفى على احد ايضا ان هذه السلعة الثمينة قد ارتفع سعرها بشكل كبير جدا في السنوات القليلة الماضية في الاسواق العالمية مما جلب مداخيل اضافية كبيرة لتلك الدول ساهمت في ايجاد طفرة اقتصادية وعمرانية في المنطقة .
ولكن في نفس الوقت فأن هذا الارتفاع قد فتح شهية الدول المستهلكة للنفط على بدائل اخرى له كانت في السابق غير عملية بسبب وفرة المعروض من النفط باسعار رخيصة مما كان يجعل انتاج تلك البدائل غير مجدي اقتصاديا ولكن مع هذه التحولات عادت الانظار اليها كمصدر غني للطاقة يمكن عن طريقه الاستغناء جزئيا او كليا عن نفط الشرق الاوسط .
هذه البدائل تنوعت بين الوقود الحيوي المستخرج من بقايا النباتات مثلما تفعل البرازيل مع بقايا قصب السكر حيث تحوله الى ديزل حيوي اقل تكلفة بكثير من المستورد وخيارات اخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين وغيرها , ولكن البديل الاهم هو مايعرف بالبترول الحجري والغاز الحجري الذي يستحرج من صخور مشبعة به وهذه موجودة في مناطق مختلفة من العالم ولكن خصوصا في الولايات المتحدة الامريكية التي اعلن رئيسها باراك اوباما انها ستصل الى الاكتفاء الذاتي من النفط بل وتصديره بحلول عام 2030 .
وعلى الرغم من ان كلفة انتاج البرميل الواحد من النفط الحجري تصل الى 70 دولارا للبرميل مقارنة بكلفة استخراج النفط في الشرق الاوسط التي تبلغ 20 دولارا للبرميل الا ان حقيقة كون الولايات المتحدة ستكون قادرة على الاستغناء عن النفط المستورد تشكل تحولا استراتيجيا سيؤثر على سياساتها الدولية بشكل جذري .
وقد تلقت الدول المصدرة للنفط تهديد النفط الصخري بشكل جاد جدا انعكس في تصريحات الكثير من مسؤولي الدول النفطية حول ضرورة تغيير السياسات الاقتصادية بشكل يقلل الاعتماد على صادرات النفط كمصدر وحيد للدخل والبدء بالبحث عن بدائل سريعة له تحسبا لكل الاحتمالات الناجمة عن انخفاض الطلب على النفط وبالتالي انخفاض مداخيل هذه الدول بشكل ملحوظ يؤثر سلبا على اقتصادها ومستوى مواطنيها المعيشي .
وسواء كان النفط الصخري او غيره من عشرات مشاريع انتاج الطاقة البديلة للنفط التي يعمل عليها العالم باسره لسببين الاول هو التوفير الاقتصادي والاستراتيجي والثاني بيئي لتقليل الانبعاثات الحرارية الناجمة عن حرق الوقود الاحفوري والذي بات تهديدا حقيقيا يمس كوكب الارض باسره , واقعا ملموسا او مجرد خيال فأن المهم هو ان الدول المصدرة للنفط يجب ان تفكر بايجاد بدائل اقتصادية لتنويع الدخل غير النفط وكما يقول المثل الانجليزي لاتضع كل بيضك في سلة واحدة فالمهم استثمار عائدات النفط بشكل استراتيجي لتحويله الى مصادر جديدة للدخل عبر الاستثمارات الصناعية والتجارية في مختلف القطاعات والمناطق والاهم من هذا كله استثمارها في تنمية الثروة البشرية لتربية كوادر علمية وتقنية قادرة على الابداع وتحقيق طفرات اقتصادية وعلمية تساهم في رفع المستوى العلمي والاقتصادي لبلدانها .
ان دولنا العربية النفطية مدعوة لاعادة بناء خططها المستقبلية على اسس اكثر واقعية من حيث الانفاق واكثر توجها نحو الاستثمار المتوسط والبعيد المدى تمهيدا لتقليل الاعتماد على النفط تدريجيا حتى نتجنب اي صدمات او هزات اقتصادية تنجم عن اختلال اسعاره في السوق العالمية او تقليص الطلب عليه في كثير من دول العالم التي تستورده بكميات كبيرة في الوقت الحاضر
التعليقات (0)