مواضيع اليوم

النفس اللوامة فى شرح مقال اوبامه

انور محمد

2009-06-08 18:22:13

0

            النفس اللوامة           
                         
بشرح مقال أوبامه
إذا كان وجه العذر ليس بواضح 
                                  فإن إنطراح العذر خير من العذر
 كثرت التعليقات والشروح على مقال الرئيس الأمريكى باراك حسين أوباما فى جامعة القاهرة ، والحق أنه مقال عليه كثير من الملاحظات ، أفاض المحللون فى شرحه وتفصيله ، وما نقدمه هى ملاحظات عليه تعين على فهمه.
 ذكرت من قبل فى أحدى المقالات أسباب انهيار الاتحاد السوفيتى السابق ، فكان منها أنه اندفع وراء التسلح سواء على الأرض فى تطوير الأسلحة التقليدية ، أو ما عرف بالتسلح النووى ، أو الفضاء فيما سمى بحرب النجوم ، وكانت أمريكا فى عهد ريجان تدفعه دفعا لهذا الاتجاه ، حتى انهار الاقتصاد السوفيتى ، وأفاقت البلاد على دين ، وفقر شديدين انكشف عنهما الكيان السياسي كله فتفاقمت المشكلة وسقطت الوحدة السوفيتية ، وانهار حلف وارسو ، وفقدت الدولة كل ما تملك ، حتى سقطت محطة الفضاء مير التى بها انتهت المملكة ، ولم تبق من هذه المملكة إلا اسمها ، وبعض الهيبة المتبقية من الماضى العظيم ، بعد توزيع القوى على عدة دول صغيرة .
دفعت أمريكا وراءها دول العالم لهذا التسابق ، فلم تستطع الدول مجاراتها ، فجاء ذلك على حساب اقتصادها فانهار الاقتصاد وبانهياره ضاع كل شيء ، ودون الدخول فى أسباب ذلك بالنسبة لأمريكا ، فليس هذا موضوعنا أصلا ، فضلا عن أنه موضوع معقد ، لكنها مشكلة اتفق على وجودها ، وما نراه اليوم هو انهيار للاقتصاد الامريكى فماذا تفعل امريكا ؟
فى الفترة المنصرمة حاربت امريكا فى عدة اتجاهات أنفقت فيها العديد من الأموال ، وظلت مندفعة فى هذا الاتجاه لا تستطيع التوقف حتى ظهرت الأزمة الاقتصادية الامريكية التى تحدثنا عنها وتحدث عنها العالم كله ، فكان على السياسة الامريكية التوقف عن هذا الاتجاه حتى لا يصيبها مثل ما أصاب قوم روسيا ، فغيرت اللهجة العالية الداعية للسيطرة والحرب والمحاور ، إلى لغة السلم والمصالحة ، والوفاق مع الجميع ، حتى لو لم تكن معهم أى مصلحة ، بل من منطلق أن الفترة القادمة هى فترة عزلة وإعادة بناء .
إن امريكا اليوم لا تريد حربا لمدة عامين أو ثلاثة على الأقل حتى تستطيع لم ما تبعثر من اقتصادها ، فهى مستوعبة للدرس جيدا لكنها تطمع فى أن يساعدها الحظ فى تسير الأمور ، وفق ما رسمت لتتجاوز هذه الفترة العصيبة ، فنجدها تغض الطرف عن الشتائم الموجه إليها علانية ، كما إنها تقوم بدور الوسيط الذى يسعى للتسوية السلمية لكل المشاكل ، إن الرهان معقود على مرور هذه الفترة دون الدخول فى صراع جديد يستنفذ المزيد من الاقتصاد الامريكى ، حتى تنهض ثانية ، فإن نجحت فسيعود الأمر لما كان عليه ، وإلا فستنهار الولايات كما انهارت الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية العظمى .
أنها فرصة تاريخية لمن يفهم ، ومن يعى ، ولا اعتقد أن لدينا منهم الكثير ، معظم الذين قاموا بالتعليق على مقال أوباما أكدوا على تغيير السياسة الامريكية ، بسبب تغيير رئيس امريكا ، وهذا أمر فيه نظر ، ذلك أن التغيير ليس لتغيير الرئيس كما اتضح ، ولكن الأمر ورد بسبب الحالة الاقتصادية التى ذكرناها ، وليس لشخص تغير هنا وهناك .
نحن العرب لا نفهم ذلك جيدا ذلك لأننا لا نفهم المنصب كما يفهمه الغرب ، الشرقيون يعتبرون الرئيس أو الملك بمثابة الإله لا يسأل عما يفعل ، وهو ملهم فى كل ما يفعل ، إنها فكرة قبلية بدأت مع القبيلة وهى تعظيم كبير القبيلة وتنفيذ أوامره ، دون نقاش ، فالخروج عليه خروج عن الطاعة ، ووظف رجال الدين هذا المنهج فى عقول الناس بحيث صارت المعارضة رمزا للخروج عن الطاعة ، فالجماعات لها أمير له السمع والطاعة فى كل ما يقول ، وشيخ القبيلة ، ثم السلطان ، والملك ، وكل هذه الأسماء لمعنى واحد لدينا ، لذلك فهم الناس تغير الرئيس هو السبب فى تغير السياسة ، وهذا ليس صحيحا ، إن التنظيمات الدينية هى صاحبة الأصل فى ترسيخ هذا المفهوم لخلط الدين بالسياسة ، وتطويع الدين لغرض سياسى ، وهذه دوامة لا تنتهى ، غرق فيها الشرق ، ونجى منها الغرب .
إن التغيير يجب أن يكون لسبب واقعى منطقى ، لا لتغيير شخص هنا وهناك ، وحتى نستطيع فهم مثل هذه المسائل يجب فهم الدين فهما صحيحا بعيدا عن الخلط السياسي ، الذى يطوعه بعض المتاجرين بأحلام البسطاء لغرض محدد .
نعود للخطاب وأقول إنه فرصة لمن يريد الإفادة ، ولكن الواضح على مسرح الأحداث أنه لن يتغير شيء ذلك لأننا ننتظر من امريكا أن تفعل كل شيء ، ولا نفعل نحن شيئا ، نطالب غيرنا بالتغيير ، ولا نحاول نحن أيضا التغيير ، ففى يوم حضور اوباما خرج الأستاذ فهمى هويدى من المؤتمر الصحفى بسبب حضور صحفى إسرائيلى ، هذا هو التخلف الحقيقي لرجل يصف نفسه بكاتب إسلامي ، واعتقد أنه فعل ذلك مجاملة لبعض الشخصيات والتوجهات السياسية ، ولابد ألا يصف نفسه بعد ذلك بكاتب إسلامي ، بل تابع لتيار يصف نفسه بالإسلام ، وليس هو كذلك ، إن ما فعله الأستاذ ، وكنا قبلا نعتقده ذا رأى ، ويمتلك الحرية الفكرية ، هذا الفعل يعنى أن بيننا من يرفض التغيير ، ويريد البقاء فى صورة الضحية للأبد ، ولن نتحول أبدا لشعب حر يملك إرادته ، هل الإسلام يقول لك اترك الساحة للصحفى الاسرائيلى ؟ هل الإسلام لا يستطيع التحاور بقوة الحجة أم أنه يخشى من هزيمة منطقه ؟ إن كنت لا تملك رفع راية عقيدتك ، فلا تتصف بها بعد ذلك .
أقول إنها فرصة متاحة ، والخوف أنها لو ضاعت ، فلن نملك بعدها إلا البكاء عليها ، وعلى من يتحدثون بلسان الأمة ، فهم ما ينبغى عليهم جيدا ، ومن يرى فى نفسه عدم القدرة ، فعليه التخلى لغيره ممن يقدرون ويفهمون ، أما الأعذار الواهية غير المقبولة فهى كارثة لهم ولنا ، والاعتراف بالخطأ أفضل كما قال الشاعر :
إذا كان وجه العذر ليس بواضح 
                             فان انطراح العذر خير من العذر 
                                        والله من وراء القصد 
                                                  بقلم :
                                                  أنور محمد أنور




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !