يحاول القذاقي بعناده المعهود أن يظهر إنه لا زال مسيطرا على ليبيا وأن الثوار ما هم إلا عصابات صغيرة مسيطرة على بعض المناطق الليبية . ووهو يجمع حشودا جماهرية في أماكن متعددة ويخاطبها من وراء ستار ليظهر مدى التاييد الذي لا زال يحظى به . وهذه ولا شك تمتيلية هزلية مفضوحة لا تؤتر في الليبيين . ولكنها قد تكون لها أثرها بين الذين لا يعرفون أساليب الحكام العرب الدكتاتوريين وطرق تجميع الأنصار, وبعض الفئات مئل أولاد العائلات الفقيرة الذين يهرعون لكل تجمع للعب وهم من الفئات الأكثرتضررا في المجتمع من النظام , وكذلك العمال الأجانب واللاجئيين الذين لا يستطيعون رفض الأوامر بالتجمع والتأييد , وكذلك جميع نزلاء الملاجئ وتلاميذ المدارس الذي يخرجون بالأوامر من مدارسهم , والموظفون وحتى السجناء مقابل إطلاق سراحهم تحت الرقابة , ورجال الأمن المدنيين (البلطجية والشبيحة والبوليس السري والاحتياطي ) والذين يتجاوز عددهم مئات الألاف قي كل نظام دكتاتوري عربي وقد رأينا إن عدد هؤلاء قد فاق المليون ونصف في مصر . وتعرفهم الجماهير العربية من أحذيتهم العسكرية ووسائل مواصلاتهم الحكومية رغم لباسهم المدني . وهم قوة أمنية يتقاضى أفرادها مرتبات ويستعملون ضد المظاهرات الشعبية وفي الأنتخابات الصورية ويجمعون للهتاف والتصفيق أثناء تحرك الزعيم الدكتاور وحضوره الاحتفالات العامة وزياراته للمرافق والمدن والقرى , وهم جزء هام من قوات أمن النظام في كل الأنظمة الدكتاتورية . نحن العرب تعودنا لمثل هذه المظاهرات والأحتفالات الصورية طوال العقود الماضية . والقذافي عمل على ترسيخ هذه الاساليب لجمع متل هذه الفئات لسماع خطبه العديدة والطويلة , بل شجع بعض القبائل الصحراوية والفقراء والعائدين من دول الجوار ذوي الاصول الليبية وغير الليبية على السكنى في طرابلس في أحياء شعبية أحاطت بطرابلس وأعطيت لهم الأفضلية في توزيع البيوت الحكومية والقروض السكنية . وهذه الفئات تدين له إعترافا بجميله عليهم أو إنتظارا لمثل هذ الجميل عليهم في المستقبل. وقد إستطاع بهذا الأسلوب تغيير التركيب السكاني لطرابلس والمدن الليبية الكبيرة حتى لا يتيح لسكان المدن الأصليين إعلاء صوتهم والمطالبة بالمشاركة في حكم أنفسهم . إن لجوء القذافي لهذا الاسلوب أخيرا بجمعه حشود المظاهرات المصطنعة بالطريقة الواردة أعلاه يدل على شعوره بالهزيمة والخوف من القبض عليه من طرف الثوارالليبيين ومحاكمته في ليبيا أو لجوئه إلى الخارج فهو يعرف أنه لن يجد بسهولة من يؤويه حتى من الدول الافريقية دون وساطة أمريكية أو أوربية لوقف الأمر بالقبض عليه من طرف محكمة الجنايات الدولية مقابل مغادرة ليبيا هو وأولاده .
لقد فقد القذافي الأمل وشعر بقرب النهاية وقد ظهر هذا من لهجته المرتعدة وتهديداته الهوجاء في خطابه الذي يقول إنه موجه إلى جماهبر الزاوية . ودعوته للجماهير للزحف على مصراتة والجبل وبنغازي الذي نادى به منذ قيام الثورة . ولو كان لديه مثل هذا العدد الذي يدعيه من المؤيدين لما أنتظر أربعة شهورللزحف على المدن الواقعة تحت الثوار. وهو يعرف إن هؤلاء الأطفال والنساء وهذه الفئات التي جمعها لا حول لهم ولا قوة ولن يحركوا ساكنا وان القبائل التي يدعوها للزحف ما هي إلا قبائل الثوار الذين يلاحقونه وقد فشلت كتائبه المدربة والمسلحة في مواجهتهم رغم إنهم شبه عزل من السلاح الذي يمتلكه . إن علامات الضعف والخوف التي ظهرت على القذافي يجب أن لاتساعد على إستكانة الثوار اوتضعف من قوة إرادتهم وزحفهم على معاقله وكتائبه بل يجب أن تكون دافعا قويا وفرصة للأجهاض عليه فهو يرقص رقصة المدبوح ا لأخيرة .
التعليقات (0)