كان أهل النفاق والتضليل في سابق العهد أصحاب خبرة محدودة وليست لديهم الحنكة حيث كان نفاقهم وتضليلهم لا يخفي علي السامع والمشاهد. أما الآن فقد تطور النفاق والتضليل بصورة لا يكشفها إلا خبير, إن بعض القنوات الفضائية الآن تلبس ثياب المعارضة وتهاجم الحكومات بعبارات شديدة اللهجة تفيض بالجرأة والصراحة حتي تستميل المعارضين لسياسة الحكومة وفي أثناء ذلك تبث السموم في وداعة ورقة وخفية يعجز عن تلفيقها الشيطان الجني. وقد سبقت شياطين الإنس في مجال الإعلام, شياطين السياسة الصريحة المجاهرين بالرأي المخالف, وصار تأثير الكلمة مدمرا فوق ما يعتقد الناس. إن تكوين بل تلوين الرأي العام باللون الرمادي الذي يخدع الناس فيرون المواقف السياسية علي غير حقيقتها صار علما واسعا له أساتذة مخضرمون ومحنكون يستخدمهم الساسة حينا ويعلمونهم حينا ويوجهونهم طوال الوقت ولا يكشف هؤلاء إلا بعضهم ممن يقل ذكاؤهم عن المتلقين للرسائل الموجهة كما تكشفهم سقطات الفكر وزلات اللسان. إن تعارض الآراء في السلم والحرب والتوجه والانتماء دليل علي تأثير التضليل (وبالطبع لا نقصد التعارض بين الأعداء لوجود الصراع الطبيعي) فالكلام مقصود به أهل البلد الواحد, أو المجتمع في دولة أو كيان واحد. وخلاصة ما نقول أن الذي تراه ليس حقيقيا وما تسمعه ليس صادقا وعليك تدبر الأقوال وتفهم الأفعال حتي تستطيع الحكم بالصدق أو الكذب وهي مهمة صعبة لا بد أن تتعلمها, وتتقدم في التفسير والتحليل, لتجاري التقدم المذهل في أساليب النفاق والتضليل.
التعليقات (0)