مواضيع اليوم

النعمة المسداة

حسن العجوز العجوز

2012-02-16 12:05:13

0

 


سنبدأ إن شاء الله تعالى الحديث عن بداية إشراق النور المحمَّدي ونتابع تسلسل هذا النور في أطواره المختلفة حتى ظهور سيد الكائنات وقبل أن نأخذ في هذا الحديث نمهد تمهيداً عابراً بالإجابة عن هذا السؤال لماذا نحتفل جميعاً بميلاد رسول الله؟ نحتفل بهذا الميلاد لأسباب كثيرة أهمها أن هذا الفضل الذي نحن موجودون فيه الآن والعناية التي نحن فيها الآن هي بفضل الإسلام وبفضل الإيمان وبفضل الهداية وبفضل القرآن وبفضل الأركان (أركان الإسلام)وهذه الأشياء كلها من سببها ؟ ومن الذي أوصلها إلينا ؟ إنه رسول الله إذن عندما نحتفل بالميلاد :فكأننا نشكر الله على أنه أرسل لنا هذا الرسول الكريم فقد قال النبى :( من أسدى إليكم معروفا فكافئوه  فإن لم تستطيعوا فادعوا له )[1]أي من يصنع لك جميلاً ؟ فإنك تحاول أن تكافئه فإن لم تستطع فعلى الأقل تدعو له ونحن عندما ننظر إلى الجمال الذي نحن فيه الآن والنعم التي غمرنا بها الله نجدها تنقسم إلى نعمتين إثنتين مجملتين : نعمٌ تسـمى : نعـمٌ حسّية ونعـمٌ تسمى نعمٌ معنوية أو بمعنى آخر : نعـمٌ ظاهرة ونعـمٌ باطنة أو بمعنى ثالث : نعـمٌ فانية ونعـمٌ باقية أو بمعنى رابع : نعـمٌ دنيوية ونعـمٌ أخروية .
أولاً : النعم الحسية أو الظاهرة أوالدنيوية
وهذه النعم لنا ولغيرنا للمسلم ولغير المسلم فالكافر والمشرك أو الملحد كلهم سواء وربما يتفوق الكافر على المسلم فيها فليس فينا من يبلغ ما وصل إليه سكان أمريكا أو غيرها مثل الدنمارك في هذه النعم الظاهرة في المال أو في الأكل أو في الملبس أو في الجسم أو في الجمال أو في المنصب أو القوة إلا القليل حتى أن الدول الإسلامية بالنسبة لهذه الدول الآن كالسمك الصغير في البحر مع السمك الكبير وليس هذا فقط بل صار الأمر بيننا وبينهم كالأخطبوط يريد أن يأكل هذا السمك الصغير وهذا ليرينا الله أن هذه النعم الحسِّيَّة ليست محل نظر الله ولذلك قال فيها رسول الله :( لو كانت الدُنيا – وما فيها من النِّعم : من أشجار وأنهار وأطيار غير الإنسان لأن الإنسان محل عناية الله – تساوى عند  الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء) [2]فلهذا أعطاها للكافر لأنها لا تساوي شيئاً عنده فقال له : خذها لأنها ليس لها قيمة عندى فليس لها قيمة عند مالكها ومنشئها ومبدعها سبحانه وتعالى هذه هي النعم الظاهرة والكل يستوى فيها بل وقد يسبقونا فيها وتنقسم النِّعم الظاهرة إلى أقسام ثلاثة :
نعـمٌ خارجك ، ونعـمٌ فيك ، ونعـمٌ من حولك .
فالنِّعم الخارجة عنك :كالشمس والقمر والنجوم والأرض والحشرات وهذه كلها مسخَّرة للإنسان 
والتي فيك :كالعين والأذن واللسان والرجل والفرج والبطن وغيرها 
والتي من حولك : كالزوجة والأولاد والمال والوظيفة والأقارب وهكذا فكل هذه النِّعم لك وحدك يا أيها الإنسان ولم يخلقها الله إلا لك وكل هذه النعم تحتاج إلى شكر لله عليك لكن كل هذه النعم لا تعادل نعمة واحدة مهمة جداً : مثل نعمة الإسلام أو نعمة الإيمان أو نعمة الهداية فكل النعم الحسِّيَّة بجملتها لا تساوي نعمة واحدة من النعم الباطنة كنعمة الهداية أو الإحسان إذن أيهما أكبر ؟ إنها نعمة الإيمان والهداية وهي النعمة الباقية ونعمة الهداية من السبب فيها ؟ ومن الذي أوصلها إلينا ؟ إنه رسول الله فكلمات الله من الذي أسمعها لنا ؟ رسول الله وأركان الإسلام (الصلاة الصيام الزكاة الحج من الذي علَّمها لنا ؟ رسول الله والأخلاق الكريمة من الذي وضَّحها وبيَّنها لنا ؟ رسول اللهوالمعاملات الحسنة من الذي وضَّحها وبيَّنها لنا ؟رسول الله إذاً عندما نحتفل بميلاد رسول الله فهذا يعني أننا نحتفل لنشكر الله على أنه بعث لنا هذا النبي ونقول له : نحن عاجزون عن الشكر على نعمة إرسال الرسول وإختيارنا من أمته ويعنى ذلك أننا نقول له : لك الشكر على الإيمان ولك الشكر على الإسلام ولك الشكر على الهداية ولك الشكر على الصلاة والصيام والزكاة والحج والصدق والمروءة والشهامة وكل هذه القيم والمثل والمبادىء فنحن نحتفي ونحتفل به لنشكر الله على كل تعاليم الإسلام لأنه هو الذي أتى بها ورسول الله كان يحتفل بنفسه بهذا الميلاد فكان يصوم يوم الأثنين من كل أسبوع ولما سُئل عن السبب في ذلك قال : ذاكَ يوم ولدت فيه[3]أي أشكر ربنا على أنه أخرجني إلى الحياة في هذا اليوم وأعطانا بذلك بيانا عملياً بأننا يجب علينا على الأقل أن نصوم هذا اليوم وننوي الصيام شكراً لله على بعثة رسول الله وعندما ننوى الصيام نقول : نويت الصيام غداً شكراً لله على بعثة رسول الله لأننا بدونه لا نساوي شيئاً وليس لنا شأن ولا منزلة عند الله إلا به بل إن قيمتنا ومزيتنا وكرامتنا ودرجتنا وفخرنا كله به والشرف والسيادة والهبات والأُعطيات التي سنتنعم بها يوم القيامة كلها بسببه ويكفي أن نسمع هذا الحديث لنتبيَّن ذلك قال :إذا كان يوم  القيامة وأراد الله أن يحاسب الناس كان أول من يقضى عليه  أنا وأمتى فنحن الآخرون الأولون– فَنَحْنُ الآخِرُونَ في الخَلْقِ الأوَّلُونَ في الحِسَابِ –ثم نسير فتفتح لنا الأمم الطريق حتى نمر فإذا رأونا قالوا : توشكُ هذه الأمة أن تكون كلها أنبياء فإذا نصب الصراط  على جسور جهنم كنت أنا وأمتى  أول من نمر عليه ثم أسجد بين يدى ربى فيقول لى : يا محمد أدخل من أمتك من ليس عليهم حساب من باب الجنة الأيمن وهم شركاءالأمم فى سائر الأبواب  [4]أي أن لهم حرية الحركة من أى باب يعني يوم القيامة الأمم كلها تحيينا بالسلام ويفسحوا لنا الطريق فنحن الأواخر في الظهور في الدنيا ولكننا في الصف الأول بين يدي الله يوم القيامة وهذا من فضل الله علينا وإكرامه لنا ببركة رسول الله فاحتفالنا به يعني شكر الله على هذه النعمة ويكون ذلك بأن يحاول كل منَّا أن يقدم طاعة لله حيث أن الشكر هنا طاعة فيصوم يوماً أو يكثر من الصلاة على رسـول الله أو يعطف على بعض الفقراء والمساكين وهذا شكر لله أو يعمل على جمع إخوانه وبعض الفقراء ويهيِّءُ لهم ما تيسَّر من طعام أوشراب أو حلوى أو غيره فكل هذا يدل على الشكر لله على بعثة رسول الله ونحن طبعاً لن نستطيع أن نشكر الله كما ينبغي لكن أقل العمل يبلغ الأمل ويدل على ما في القلب من محبة خالصة لله 

http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175 

(1) رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح .
(2) رواه السيوطى فى جمع الجوامع و ابن المبارك و البغوى عن عثمان بن عبيد الله ، عن رجال من الصحابة .
(3) رواه الطبراني ومسلم وأحمد وابن زنجوية عن أبي قتادة .
(4) رواه ابن حبان عن ابن مسعود




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات