مليار دولار سحبها صدام قبل السقوط وهربت للخارج وأدارها سبعاوي الحسن.. من سوريا
النظام السوري وتنظيم القاعدة في متاهة "طرق الجرذان"!
ممدوح الشيخ
العلاقة بين نظام بشار وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ملف اقتصادي مهم
طرق انتقال الأموال والإمدادات والمقاتلين للعراق جزء من ظاهرة اقتصادية أكبر
شبكة أبو غادية بسوريا وفرت للمقاتلين جوازات مزورة وأسلحة وأدلة وبيوت آمنة وأموال
شبكة "أبو غادية " ضخت الأموال في الاقتصاد المحلي السوري من دمشق إلى اللاذقية
وزارة الخزانة الأميركية: البعثي فوزي الراوي دعمته دمشق وهو دعم الزرقاوي....ماليا!
عام 2005 وفر الراوي لتنظيم القاعدة ببلاد الرافدين: 300,000 دولار وسيارات مفخخة وبنادق
حركة المقاتلين تعطي دفعة كبيرة للغاية للأعمال المحلية على طول الحدود مع العراق
كل "ميسر" سوري ضالع في عمليات التهريب كان يحصل على أكثر من 3,000 دولار سنويا
أصبح الدور الذي يقوم به النظام السوري في رعاية الشبكات الإرهابية التي تتسلل عنصرها إلى العراق موضوع اهتمام كبير مؤخرا بعد سلسلة تفجيرات دامية هذا العام، لكن الاهتمام كان ينصب دائمات على البعد السياسي لورقة العلاقة بين نظام بشار من ناحية وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وفلول البعثيين، ولكن الجديد صدور دراسة مهمة تسلط الضوء على البعد الاقتصادي لهذه العلاقة والفوائد الاقتصادية التي يجنيها نظام بشار من هذه العلاقة.
الدراسة عنوانها "المقاتلون الأجانب وتأثيرهم الاقتصادي: "دراسة حالة" حول سوريا وتنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين" لماثيو ليفيت وهو زميل بارز بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات التابع للمعهد.
وقد كان بداية الاهتمام بهذا الجانب من توابع تفجيرات "الأربعاء الدامي" ببغداد، فعقب التفجيرات بث مسؤولون عراقيون اعتراف مفترض من قبل مشتبه متشدد من تنظيم "القاعدة" قال إنه دخل العراق من سوريا وأنه تلقى تدريب فيها في معسكر تدريب تابع لتنظيم "القاعدة" كان يقوده ضابط مخابرات سوري. وفتحت هذه الاعترافات بابا واسعا من الاهتمام بـ "طرق الجرذان" السورية القائمة منذ فترة طويلة التي يمر عن طريقها المقاتلون الأجانب وتُنقل من خلالها الأموال والإمدادات إلى العراق، وهي - حسب الدراسة - جزء من ظاهرة اقتصادية أكبر يتقاسم الطرفان منافعها.
فالمقاتلون الأجانب باستخدامهم سوريا لأغراض التدريب وجمع الأموال والمرور العابر يشكلون ظاهرة اقتصادية لها ثمار مباشرة وغير مباشرة. وكشفت وثائق تم ضبطها في غارة على منزل آمن في لـ "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" بمدينة سنجار غرب نينوى بشمال العراق، أنه خلال بين عامي 2006 و2007، كانت المجموعة تعتمد اعتماداً كبيراً على تبرعات، جاءت كثير منها من قادة "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" والمقاتلين الأجانب والسكان العراقيين المحليين. وبعض المتبرعين دفع أكثر من 1,000 دولار للفرد الواحد. وحسب وثائق التنظيم فإنه اعتمد على ما لا يقل عن 95 "منسقاً" سورياً مختلفاً لتقديم تلك الخدمات.
وفي فبراير عام 2008، ذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أن شبكة "أبو غادية "، التي سميت باسم رئيسها، كانت قد سيطرت على تدفق الكثير من المقاتلين والأموال والأسلحة وغيرها من اللوازم الأخرى من سوريا للعراق لخدمة التنظيم. ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، "حصلت الشبكة على جوازات سفر مزورة للإرهابيين الأجانب، ووفرت جوازات سفر، وأسلحة، وأدلة، وبيوت آمنة، وبدلات نقدية للإرهابيين الأجانب في سوريا الذين يستعدون لدخول العراق.
وتلقى "أبو غادية " مئات الآلاف من الدولارات من ابن عمه الذي هو عضو آخر في الشبكة، لمساعدة أنشطة المتمردين التي استهدفت الجيش الأمريكي، وفي الوقت نفسه لتسهيل سفر المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم القاعدة. وساعدت شبكة "أبو غادية " على ضخ الأموال في الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل لهذا الاقتصاد القائم على التهريب، وتقديم رشاوى لمسؤولين محليين. فمثلا كانت هناك بيوت آمنة في دمشق واللاذقية تابعة لشبكة أبو غادية التي استثمرت أيضاً في الاقتصادات المحلية في أنحاء أخرى من البلاد بعيداً عن الحدود العراقية.
وفي أواخر عام 2007، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية زعيم الجناح العراقي في حزب البعث السوري، فوزي الراوي، بأنه الشخص الذي قام بتوفير الدعم المالي والمادي لأبي مصعب الزرقاوي، زعيم "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين". ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، قام الجناح العراقي في حزب البعث السوري بتوفير تمويل كبير لمتمردين عراقيين. كما أن الراوي بحسب وزارة الخزانة الأمريكية يتلقى دعما مالياً من الحكومة السورية، ويرتبط بعلاقات وثيقة مع المخابرات السورية. وفي عام 2004، التقى الراوي مرتين وبإذن من النظام السوري، مع القائد السابق لـ "جيش محمد" التابع لصدام حسين، حيث أكد لذلك القائد أن مجموعته ستتلقى مساعدات مادية من سوريا. وفي عام 2005، قام الراوي بـ "تسهيل توفير300,000 دولار لأعضاء في "تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين"، فضلاً عن توفير سيارات مفخخة وبنادق ومفجرين انتحاريين لهذا "التنظيم"، وفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية.
وفي اجتماعات عُقدت في سبتمبر 2005 مع كبار ممثلي "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" ناقش الراوي وقادة المجموعة قضايا تنفيذية، بينها شن هجمات ضد السفارة الأميركية ببغداد وتركيز الهجمات على المنطقة الخضراء.
ووفقاً لتقرير من البنتاجون للكونغرس الأميركي قدم في مارس 2007، وعنوانه "قياس الاستقرار والأمن في العراق"، قامت سوريا بدعم المتمردين في العراق لتحقيق منافع اقتصادية وأغراض سياسية. وجاء في التقرير على وجه التحديد: "وتدرك دمشق أيضاً أن المتطرفين الإسلاميين وعناصر من النظام العراقي السابق يشاركون رغبة سوريا في تقويض جهود التحالف في العراق".
وإلى جانب الأجندة السياسية هناك فائدة أخرى للنظام السوري هي الدفعة الكبيرة للغاية للأعمال المحلية على طول الحدود مع العراق، ومعظمها غير مشروعة، كتهريب البضائع والأشخاص الذي أفاد النظام السوري بصورة غير مباشرة بتوفير فرص عمل ودخل وتحرير الحكومة المركزية من الاستثمار في المناطق النائية خلال الأوقات الاقتصادية العصيبة. وبينما يؤدي دعم مثل هذه الشبكات لتحمل النظام السوري تكاليف سياسية باهظة، فمن المحتمل أن ذلك الدعم أسفر أيضاً عن فوائد جمة مباشرة عقب سقوط نظام صدام حسين. ووفقاً لسجلات مصرف عراقي، على سبيل المثال، سحب صدام حسين أكثر من مليار دولار أميركي من مصارف عراقية، وتم تهريبها بعد ذلك نقداً خارج البلاد. وأظهرت دراسة نشرت عام 2006، بأن "سبعاوي ابراهيم الحسن التكريتي، الأخ غير الشقيق لصدام حسين الرئيس السابق لجهاز المخابرات المخيف، كان يقوم بإدارة تلك الأموال في سوريا"؛ وفي ذلك الوقت، كانت أميركا تعتبر سبعاوي ابراهيم "الميسر المالي الرئيس لأعمال التمرد التي تصدر من سوريا" قبل القبض عليه في فبراير 2005.
وكانت السلطات السورية تتخذ بصورة دورية إجراءات صارمة ضد المهربين وتشدد الرقابة على الحدود لكن دون تأثير يذكر. ومن بين أسباب إخفاق السلطات السورية في جهودها لوقف عبور المتمردين العلاقات القديمة بين القيادة المحلية القبلية على طول الحدود السورية العراقية والقيادة الحكومية في دمشق.
ويقول ضابط الاستخبارات الأميركي آدم بويد: "لكل مثال تعاون سوري هناك حالات مماثلة لغياب التعاون، ولقد ألقينا القبض على متسلل سوري كان يحاول الهرب من العراق إلى سورية، ووجدنا أنه تم القبض عليه على الجانب السوري، وكان معه عدة جوازات سفر مزورة. لكنه رشا المسئولين السوريين ونجح في العودة إلى العراق".
وتستنتج إحدى التقييمات التي أعطيت عن الوثائق التي عثر عليها بمدينة سنجار أن كل "ميسر" سوري ضالع في عمليات التهريب كان سيحصل على أكثر من 3,000 دولار خلال عام، على افتراض أن جميع السوريين المرتبطين بتلك العمليات والتي وردت أسماؤهم في سجلات سنجار (39 رجلاً) استلموا حصة متساوية من المكافآت من المقاتلين الأجانب. وكان هناك 53 شخصاً بين 93 منسقاً ذُكرت أسماؤهم في سجلات سنجار تلقوا مبالغ نقدية من المقاتلين الذين نقلوهم للعراق.
وقام "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، إلى حد ما، بملء الفراغ الاقتصادي ذي الخلفيات الطائفية. فقد أدت المعركة السياسية بين السنة والأكراد للسيطرة على الموصل ومحافظة نينوى بشمال العراق، لمنع السكان المحليين من الاندماج في الاقتصاد العراقي أو في الاقتصاد الإقليمي الكردي. لذلك، تمكن "تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين" من بناء قاعدة له في محافظة نينوى وملء الفراغ ، وبالتالي مساعدة العراقيين الذين يعيشون في تلك المدن الحدودية اقتصادياً.
ووفقاً لسجلات سنجار، واجه التنظيم صعوبات في الحصول على التمويل نجمت عن خلافات مالية مع المنسقين السوريين. ففي عام 2006، ذكر "الإداري المسؤول شاهين" أنه كان هناك نقص في الاعتمادات المالية في عام 2006، "لأن الأموال لم تصل مع الأخوة الانتحاريين، وأن الأخوة المنسقين في سوريا هم الذين احتفظوا بالأموال". وفي الواقع، ذُكر أن "أبو غادية " نفسه قام باستخدام أموال "تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين" لأغراضه الشخصية.
وإن جرائم اختلاس الأموال ظاهرة لها سجل حافل بين المجموعات المنتسبة لتنظيم "القاعدة". فمثلا جمال محمد فضل أحد نشطاء التنظيم الأوائل بدأ باختلاس أموال من المجموعة خلال سنوات نشاطها في السودان، بسبب استيائه من راتبه المنخفض، وسرق ما مجموعه 100,000 دولار تقريباً!.
التعليقات (0)