بقلم: محمد أبو علان:
http://blog.amin.org/yafa1948
الثورة التكنولوجية وتطور شبكة الانترنت جعلت سبل الاتصال والتواصل بين بني البشر أسهل وأسرع خاصة في موضوع توصيل ونشر المعلومة، وأضحت شبكة الانترنت ساحة نضال رئيسة ولا تستطيع لا الحواجز ولا الحدود الطبيعة أو المصطنعة أن توقفها أو حتى الحد منها.
وسيلة نضالية جيدة وتلعب دور في التوعية تجاه القضايا كافة الوطنية منها والدولية لكن شريطة أن تترافق مع بقية السبل النضالية الأخرى التي تتخذها المجتمعات في حلحلة قضاياها من تظاهرات سلمية إن كان الأمر يتعلق بقضايا داخلية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، أو قد يكون النضال الإلكتروني كذلك مترافق مع ثورة ومقاومة مسلحة.
في فلسطين باتت ظاهرة النضال والحوار الإلكتروني ظاهرة واسعة الانتشار وهي مسألة إيجابية لو أنها لم تأتي كبديل أو على حساب سبل النضال الأخرى تحت مبررات واهية وغير مقنعة من أصحابها لجعل تبرير غياب النضال الحقيقي أمر طبيعي تحت حجج الظروف الذاتية والموضوعية وغيرها من التعبيرات الفلسفية التي لم يعد بمقدورها تجميل المواقف السلبية وحالة التراجع النضالية لشعب يعيش تحت الاحتلال، ويعاني من واقع داخلي يشوبه الانقسام السياسي والفساد المالي والأخلاقي.
في الأسبوع الأخير وزع عبر شبكة الانترنت والمنتديات الفلسطينية بينان، البيان الأول (كنت من بين وضعوا توقيعهم عليه" يدعو لرفض تجديد التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي دون تلبية ما يمكن تسميته بالمطالب الفلسطينية المتمثلة بوقف الاستيطان، والحل على أساس الدولتين، والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وتحديد مرجعية دولية للمفاوضات.
والبيان الثاني يرفض العودة للمفاوضات على اعتبار أن " الأصل المقاومة وليس التفاوض"، ويعتبر البيان كذلك " إن تنشيط الحديث عن مفاوضات في هذه اللحظة هو تحريك أميركي-صهيوني لأدواتهما في المنطقة لإنعاش المشروع الأميركي للشرق الأوسط الجديد، بعد الضربات التي اعاقته".
ومحتوى البيانين ليس موضوعي، ولكن الموضوع المنهج الجديد الذي بات يتخذه الكُتاب والمثقفين الفلسطينيين وهو النضال من بروجٍ مشيدة تفصلها مسافات طويلة عن الشارع الفلسطيني الذي يفترض أن يمثل المخزون الجماهيري والشعبي للنضال لصالح المواقف والقضايا السياسية وغير السياسية.
كُتاب وسياسيين ومثقفين لا نعرف من معالمهم وصورهم شيء، ولربما معظمهم لم يشارك في مسيرة أو تظاهرة جماهيرية واحدة، ولكن نحفظ أسمائهم عن ظهر قلب من كثرة ما نرى نتاج أقلامهم على صفحات الجرائد، وعلى المواقع الإخبارية والمنتديات السياسية، وما نلبث أن نقرأ اسم الكاتب حتى نعرف المحتوى من العنوان دون الخوض في قراءة تفاصيل المقالة المكتوبة أو البيان المنشور.
نضال الكتروني قائم على أساس الاستقطاب السياسي المطلق تجاه فصائل وقوى سياسية هي أساس التردي الذي يعيشه الواقع الفلسطيني السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مما حول هؤلاء الكُتاب والمثقفين لشواحن همها بث الرسائل والأفكار التوترية والتخونية والتكفيرية.
فالكتابة والنشر الإلكتروني مسائل هامة وضرورية ولكن شريطة أن تكون باتجاه خدمة المواقف الوطنية الفلسطينية، وأن لا يكون الخلاف في وجهات النظر سبباً في أسلوب ومنطق تهجمي كما كان الأمر في بيان من سمو أنفسهم بالمخلصين للوطن في الوقت الذي اعتبر هؤلاء "المخلصين" الداعين لعودة المفاوضات على أساس المطالب الفلسطينية أدوات أمريكية صهيونية.
من حق كل طرف وكل أصحاب موقف أن ينظروا لمواقفهم السياسية ولكن بطرق مشروعة وعبر التواصل المباشر مع الشارع لا عبر المنتديات والمواقع الإلكترونية فقط، كما يجب عدم قصر الأمر على القضايا السياسية فهناك من القضايا الفلسطينية الداخلية التي يجب أن تكون في المقدمة حتى قبل القضايا ذات العلاقة بالاحتلال كونه بدون إصلاحها لن يكون بمقدور أحد مواجهة الاحتلال.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)