علي جبار عطية
أطلق بعض الكتاب تعبير (عربة التسريبات) على وثائق ويكليكس التي أثارت ضجة كبيرة بسبب كشفها لما يجري خلف كواليس السياسة لكن مما يؤسف له أن هذه الوثائق اهتمت بالشأن السياسي ولم تتطرق أبداً الى ما يخص الثقافة ولم تكن هناك فضائح أدبية أو اكتشاف لسرقات أدبية أو كشف لإصرار اتحاد الأدباء العرب على تعليق عضوية اتحاد أدباء العراق وإصرار الأخير على العودة الى أحضان هذا الاتحاد العريق !!
لو فعل موقع ويكليكس هذا لأسدى خدمة كبيرة لعشاق الحقيقة ولـ(شر الجميع على الحبل) حسب المأثور الشعبي حتى ان رسام الكاريكاتير المبدع رائد امير ذهب خياله بعيداً فرسم امرأة تدخل مقهى انترنت وتقول لاحد العاملين (يمه ما اشوفلي بـ ويكليكس ابو رزوقي متزوج عليه شو كَلبي ديلعب)!.
وهناك من يلعب على الحبلين او حسب التعبير السياسي هو عميل مزدوج وربما يكون التعبير مأخوذاً من البهلوان في السيرك!.
لقد اخذني الى التفكير في حبل حقيقي ينشر الملابس التي غسلت حتى ان شاعراً مهماً مثل محمود درويش استخدم بمهارة هذا المصطلح في قصيدة قال فيها :-
وطني حبل غسيل
لمناديل الدم المسفوح في كل دقيقة
وتمددتُ على الشاطئ رملاً ونخيلاً !
وفكرت أكثر وتدبرت في علاقة حبل الغسيل بنشر الحقائق فتعجبت من الحس الشعبي الذي يربط بين نشر الملابس تحت الشمس وفي الهواء الطلق و نشر الحقائق او ما يسمى في عصر العولمة بـ(الشفافية) عصر كشف الزيف والتنطع وحرية تداول المعلومة ولولاه لبقينا تحت رحمة عصر إفراج الوثائق البريطانية بعد ربع قرن من صدورها أي بعد عمر طويل !
الحاصل كل إنسان ابن زمانه ونحن سعداء لأننا عشنا في عصر الأطباق اللاقطة والصحون الطائرة والمباريات المشفرة و (الأفلام الثقافية) والشعر المستعار (الباروكة) وتوارد الخواطر والزواج عبر الموبايل والتسوق عبر الانترنيت ...
عصر لا يحتاج فيه المرء إذا كانت عيناه خضراوين أن ينشرهما على الحبل!!
نشر في صحيفة الاتجاه الثقافي
التعليقات (0)