يهود العراق من اقدم الطوائف الموجودة في العالم حيث يرجع تاريخ وجودهم الى اكثر من 25 قرناً دون انقطاع ، كتب عنهم الكثير من البحوث والدراسات والمقالات ، ومن الكتب الجديرة بنشاط يهود العراق الاقتصادي كتاب الدكتور صباح عبد الرحمن الصادر في بغداد ( النشاط الاقتصادي ليهود العراق 1917_1952)
يطرح د. صباح عبد الرحمن تساؤل يطرح نفسه عند الحديث عن دور اليهود الاقتصادي ليس في العراق بل في العالم كله .. لماذا تخصص اليهود بالعمل التجاري إلى درجة كبيرة بحيث يخيل للمرء ان اليهود هم فقط من مارسوا هذا الجانب من الحياة خاصة في العراق واحتكروه ، على الرغم ان منهم اطباء مشهورين وصيادلة وشعراء وكتاب ... الخ .
يقسم الكتاب الى خمسة فصول حيث يتناول الفصل الاول "دراسة وضع الاقلية اليهودية في العراق في اطار المجتمع العراقي" حيث يتناول وضع الأقلية اليهودية في العراق منذ الاسر الاشوري والبابلي لليهود ثم أعدادهم وتوزيعهم الجغرافي في المدن العراقية .
وفي الفصل الثاني " النشاط التجاري ليهود العراق " يقدم المؤلف تفصيلا دقيقاً عن النشاط التجاري ليهود العراق واهتمامهم بهذا الجانب وبالسوق التجارية والغرف التجارية في العراق وأثر يهود العراق في السوق التجارية ، فسيطرة اليهود في العراق على التجارة ادت الى ظهور أسر تجارية اصبحت لها اسماء مرموقة ومكانة رفيعة في عالم التجارة في العراق وخارجه مثل بيت شعشوع الذين تعاملوا بالاستيرات وتصدير التمور ، وبيت دانيال وعميدهم مناحيم دانيال ، وبيت ساسون، كما عرفت المدن العراقية الكير من التجار اليهود مثل : بيت لاوي وفرنك عيني_ بيت طويق _بيت خضوري وابراهيم شكر _بيت كرجي عبود _بيت كباي في عقرة _بيت مشعل وغيره .. . ويتناول الفصل الثالث " الشركات والوكالات التجارية اليهودية " حيث يلقي الضوء على الوكالات والشركات اليهودية العاملة بالعراق وخاصة تلك التي اهتمت بالاستيراد في مجال قطاع السيارات والمواد الغذائية والأقمشة والكيميائيات والصيدليات والطباعة والصحافة والنشر ودور اللهو والسينما.. ومن اشهر الملاهي في بغداد ملهى ابي نواس الذي يقع في محلة الميدان حيث كان بإدارة الفنان صالح الكويتي وظهرت في العراق شركات اهتمت باستيراد الافلام برأسمال يهودي ومن هذه الشركات : شركة ستوديو بغداد للافلام السينمائية المحدودة _ شركة فوكس للقرن العشرين _شركة نعيم عنبر وشركائه .. وشيدت دوراً للسينما منها سينما الرشيد التي تعود ملكيتها الى اليهوديان الياس دنبوس وسليم شوحيط وسينما الملك غازي التي تعود الى اليهودي نعيم شادو العزير .. وكذلك تاجر يهود العراق بمواد البناء والإنشاء والمواد المنزلية والشخصية .. وفي الفصل الرابع " " النشاط الصيرفي ليهود العراق " بحث المؤلف بالتفصيل النشاط الصيرفي ليهود العراق حيث تناول اهم الصيارفة والمصارف اليهودية واثر النشاط الصيرفي ليهود العراق من السوق والانظمة المعمول بها في تلك المرحلة ، وقد كان الصيرفي خضوري زلخة من اكثر صيارفة العراق نشاطاً حيث فاق نشاطه نشاط البنوك ، وكذلك الصيرفي سلمان زلخة الذي سيطر على السوق داخل العراق في ثلاثينيات القرن العشرين ، .. في الفصل الخامس_الاخير_ " النشاط الاستثماري ليهود العراق للأراضي الزراعية والعقارات " تناول النشاط الاستثماري ليهود العراق للأراضي الزراعية والعقارات وطرقهم واساليبهم في السيطرة.. وقد توزعت الاراضي الزراعية التي امتكها اليهود على ضفاف نهر الفرات في المحاويل والهندية والمسيب والهاشمية والناصرية والشامية والكفل والمعيمرة بين عوائل يهودية فقد كانت عائلة " عقريب " تمتلك اكبر نسبة من الاملاك سواء كان من الاراضي الزراعية او العقارات في المدن العراقية وخاصة في لواء الحلة واقضيته وهي : الهندية والمحاويل والمسيب .. وتأتي بعدها عائلة "يهودا" حيث كانت عائلة ذات نفوذ قوي ، وتأتي عائلة "نورائيل " بالمرتبة الثالثة اما المرتبة الرابعة عائلة " يهودا شوع " وفي المرتبة الخامسة عائلة " ابراهيم حسقيل خزمة " اما عائلة "دانيال" فتأتي بالمرتبة السادسة .. وتعد عائلة " خلاصجي" من اشهر العوائل اليهودية التي اهتمت بالارض ولاسيما الاراضي الزراعية وإنتاج الشلب في الديوانية وخصوصا في الشامية ، ولكثرة أراضيهم وممتلكاتهم والاعداد الهائلة من المزارعين اللذين يعملون عندهم لقب الياهو خلاصجي ب"ملك الديوانية "
في خاتمة الكتاب يصل المؤلف الى جملة من الاستنتاجات منها :
1. لليهود تاريخ طويل في العراق يعود في جذوره الى المرحلة الاشورية لكن اغلب الدراسات تركز على المرحلة البابلية التي شهدت نشاطاً يهوديا كبيراً. وقد تميزت هذه المرحلة بنشوء جزء كبير من الدراسات الادبية والثقافية والدينية .
2. استمر اليهود يمارسون الاعمال كافة في العهد العثماني ، وبرعوا بالتجارة بفضل معرفة العديد منهم اللغات الاجنبية ، لاسيما الفرنسية والإنكليزية وكانت من أغنى واشهر العوائل اليهودية التي مارست التجارة واشهرها عائلة ساسون وعائلة دانيال وغيرهم .
ويرى المؤلف ان اليهود عاشوا في العراق منذ القدم بحرية وتسامح ولم يتأثروا كثيرا بالموجات والتأثيرات الغربية ، لذلك بقيت لغتهم ألام هي العربية ، رغم إتقانهم العديد من اللغات مثل الفرنسية والإنكليزية.. وكان ليهود العراق نشاط اجتماعي كبير ، وهيمنة اقتصادية واسعة .
الكتاب ذو قيمة تاريخية واقتصادية في تاريخ العراق الحديث لما يحويه من معلومات موثقة فقد اعتمد المؤلف على مجموعة كبيرة من الوثائق الرسمية غير المنشورة والمنشورة ، مثل الوثائق العراقية المحفوظة في دار الكتب والوثائق في بغداد ، تحت عنوان " البلاط الملكي " وملفات وزارات الداخلية والمالية والتجارة .. كذلك اعتمد المؤلف على العديد من المصادر العربية الاجنبية.
الكتاب يتألف من 256 صفحة من القطع الوسط صادر عن بيت الحكمة / بغداد
مازن لطيف
نقلا عن موقع عراق الغد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكل طوائف العراق حق علينا..ولما لعبه اليهود من دور في تاريخ العراق والحفاظ على تراثه ارتأيت ان انقل هذا الموضوع علني اقلل من الأجحاف الذي تعرض له ذلك المكون العراقي الأصيل الذي حافظ وأغنى المقام العراقي والأدب الشعبي كما كان له دور بارز في وضع اسس الدولة العراقية الحديثة..
التعليقات (0)