مواضيع اليوم

النسيب والغزل والتشبيب ( الحلقة الأولى)

النسيب والغزل

في الشعر العربي

 

الحلقة (1)

(مــقدمــة)

يقال أن أول بيت شعر قالته العرب كان على لسان (الجرهمي) الملك عمرو بن الحارث بن مضاض وهو يهم بمغادرة مكة المكرمة إلى اليمن بعد زوال ملكه وملك قبيلته فيها على حد ما جاء في قول إبن هشام من قصيدة طويلة يقول مطلعها:

وقائلة والدمع سكب مبادر          وقد شرقت بالدمع منها الحناجر

كأن لم يكن الحجون إلى الصفا     أنيس ولم يسمر بمكة سامر

وكان هذا عام   1600 ق.م تقريبا.

والذي نحن بصدده هنا هو شعر الغزل دونا عن غيره من ضروب الشعر المعروفة .

ولا يذكر هذا الضرب إلا ويقفز إلى الأذهان حامل اللواء امرئ القيس الشاعر العظيم الذي استطاع أن يفصل بين الماضي والحاضر ..... وأن يُسَفِّــهَ ويُحَـيـِّـدُ بجملة واحدة منه هيبة ذو الخلصة منذ عام 525م تقريبا فلم يعد أحد من العرب بعد تلك الجملة يستقسم عنده .... واستمر الحال على هذا المنوال حتى عام 630م حيث جرى هدم هذا الطاغوت بعد فتح مكة عام 8هـ

وإذا علمنا أن ذو الخلصة هو أحد الطواغيت الرئيسية إلى جانب الوثن هُـبَـلْ أبان العصر الجاهلي .. وكان يسمى (الكعبة اليمانية) ... وهو لدوس وخثعم وبجيلة وهؤلاء من القبائل التي يشار إليها بالبنان .. وإذا استذكرنا المدى الذي ذهبت إليه قريش وحلفائها من غطفان وغيرها من العرب في حربهم ضد الإسلام بحجج كثيرة منها (تسفيه آلهتهم) .. أي أصنامهم وأوثانهم وطواغيتهم ... فلربما أدركنا مدى سطوة الشعر لدى العرب وحيث لم يحد من هذه السطوة ويحجمها سوى القرآن الكريم الذي تنزل من السماء على أشرف الخلق.

ورغم ذلك فقد احتفظت السماء للشعر بقدره فلم يطالب القرآن بإلغاء الشعر ومحاكمة الشعراء ولم نسمع بأن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قد حاكم شاعرا أو  أقام محاكم تفتيش  .. بل ترك للعرب الحق في احتفاظهم بتراثهم الأدبي والثقافي فلم يحرق ديوانا ولم يصادر قصيدة .. وأما ترديد البعض لمزاعم من قبيل أنه صلى الله عليه سلم قال عن امرئ القيس أنه حامل لواء الشعراء في النار فهو حديث جرى تضعيفه لدى معظم الأئمة والفقهاء ومن بينهم الإمام أحمد رضي الله عنه. بل وجعله ضمن تصنيف الأحاديث (الضعيفة جدا) لأن في سنده أبو الجهم.

وأما معاقبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحطيئة فقد كان سببها شق جنائي يتعلق بإبتزاز الحطيئة للأثرياء وزعماء القبائل وتهديده لهم بهجائهم إن لم يمنحوه الأموال ... إذن لم يعاقب عمر بن الخطاب ((الشاعر الحطيئة)) بقدر ما كان يقصد إلى معاقبة ((الحطيئة المُبْـتَـزْ)) الذي يسعى إلى إستغلال موهبته وملكاته الشعرية لإبتزاز الآخر في ظل قانون الإسلام الدين السماوي الجديد الذي أسس سلطة الدولة المركزية على حساب سلطة القبيلة.

والمضحك أنه وبعد تفشي الجهل الديني وحيث صار كل من هب ودب يفتي وبدأت العامة تسمع لمن يطلق عليهم مصطلح ((دعاة القطاع الخاص)) المتفرنجين والتكفيريين معا الذين استغلوا الجهل السائد فباتوا يسترزقون من وراء ذلك . بدأنا نسمع بمن يحلل إمامة المرأة للرجال في الصلاة ويحرم الشعر ... ومن يحلل العمل في مصانع الخمور ويحرم االعمل في المطابع التي تطبع كتب الشعر . أو من يقول لك إذا أردت أن تكتب قصيدة فلا بأس ولكن أجصر كتاباتك في كذا وكذا وكأن الشاعر قصاب يبيع اللحم للزبون حسب الطلب أو كأنه موظف حكومة وماسك دفاتر أو موظف في وزارة التربية والتعليم متخصص في كتابة الأناشيد والمحفوظات والقصائد الوطنية لتدريسها للتلاميذ... وعن الجهل السائد في اللغة العربية حدث ولا حرج وحيث بات الأمي والمتعلم على حد سواء (إلاّ من رَحِمَ رَبـِّي) لا يفصل بين المدلول العام والخاص والرمز في القصيدة فيعتبرها ترجمة لأفعال أو قناعات الشاعر الشخصية وليس انطباعا لمشاهداته أو انتقادا لظواهر معينة سائدة.  

ولابد هنا أيضا من الأشارة إلى أن الشعراء قبل رسوخ قواعد الإسلام وشريعته في شبه الجزيرة العربية والشام وسواد العراق لم تكن حياتهم بذلك اليسر الذي قد يتصوره البعض فقد كانوا يتعرضون دائما للعقاب المشدّد من جانب زعماء القبائل والذي يصل إلى إهدار دمائهم وقتلهم كما جرى لشاعر  البحرين (طرفة بن العبد) مثلا أما بعد الإسلام فلم يتم هدر دم شاعر مسلم إلاّ القرشي (عمر بن أبي ربيعة) و قيس بن ذريح العذري (صاحب لُـبْـنَى) لأسباب خاصة تتعلق بتغزل ابن أبي ربيعة بإحدى بنات العائلة الأموية الحاكمة ... وكذلك إهدار دم صاخب لـبنى من قبل النظام الأموي الحاكم لأسباب مرتبطة بمصالح وتحالفات سياسية له في المنطقة (رغم أن اهدار دم المسلم لا يجوز إلا إذا ارتد واعلن ارتداده الصريح) ..... وهذا بالطبع كان حسب المعلن في أجندة النظام الأموي الحاكم ولكنني أظن أن السبب القوى الخفي إنما كان تَشَيُّـعُ عمر بن ابي ربيعة المذهبي والسياسي لآل البيت ورحلته الشهيرة لليمن بهدف الدعوة لعلي بن ابي طالب كرم الله وجهه وحشد المؤيدين ضد معاوية . وكذلك ميل قيس بن ذريح لآل البيت حيث كان الحسين عليه السلام يهتم به ومعالجة مشاكله كأنه شقيقه (بسبب أنه أخ للحسين بن علي عليه السلام في الرضاعة) .  

وخطورة الشعر بكافة ضروبه تكمن في ترديد الناس له سواء أكان صادقا أو كاذبا .. وسواء كان المنعوت مدحاً أو هجاءاً أو عزلاً قد بدرت منه الأفعال التي وردت في القصيدة أو لم تبدر . فالأمر يصبح هنا سيـّان بسبب أن الألسنة تستسهل ترديد الشعر وتستعذب الآذان الاستماع إليه على حد سواء .... ولأجل ذلك كانت العرب تبذل أقصى طاقتها لتجنب مواجهة الشعراء بالعداء خوفا من ان ينفعل الشاعر سلبا فبقول فيهم أبياتا تكون سببا في سبة الدهر . وعادة ما كان يترك امر معاقبة الشاعر لقبيلته فهي وحدها التي لا يستطيع بالطبع هجائها ... وكان إهدار القبيلة لدم شاعرها هو أقصى ما يمكن ان يناله الشاعر من عقاب ويتحول إزائه إلى صعلوك يهيم في الصحراء ويقيم قرب مساقط وعيون الماء لا يتبعه سوى الغاوون ورواة شعره.

ومن طريف ما يحكى عن حلم معاوية بن أبي سفيان وقدرته على المسايسة وحكم الشعوب أن الشاعر المخضرم النابغة الجعدي (قيل إسمه حسان بن قيس وقيل بل قيس بن عبد الله ) كان من أنصار علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وبعد أن استتب الأمر لمعاوية بعث لعامله على المدينة المنورة (مروان بن الحكم) يأمره بمصادرة أموال النايغة فلما سمع النابغة بذلك أسرع لمقابلة معاوية وهو بالمدينة المنورة فوجد عنده مروان بن الحكم  فأنشده:

مَنْ راكِبَ يأتي ابن هِنْدٍ بحاجتي

على النأْيِ والأنباء تَنْمِي وتُجْلبِ

ويُخْبرُ عنِّي ما أقول ابن عامرٍ

ونعم الفتى يأوي إليه المُعَصّبُ

فإن تأخذوا أهلي ومالي بظنة

فإني لَحَرّابُ الرجال مُجَرّبُ

صبور على ما يكره المرء كله

سوى الظلم إني إن ظلمت سأغْضَبُ

قيل فالتفت معاوية إلى مروان بن الحكم يسأله ماذا يرى في ذلك؟

فقال له مروان : أرى أن  لا ترد عليه شيئا

فقال له معاوية: ( ما أهون والله عليك أن ينحجر هذا في غار ثم يقطّعَ عِرْضِي عَلَيّ ، ثُمّ تأخذه العرب فترويه . أما والله إنْ كُنْتَ لَمِمّنْ يَرْويه (يقصُد مروان) أرْدُدْ عليه كل شيء أخذته منه) .... ولعل أطرف ما في قول معاوية هنا هو أنه بالفعل يشير إلى خطورة وعذوبة الشعر وميل الألسن لترديده حين قال موجها الكلام لإبن عمه مروان بن الحكم أن النايغة ربما يختبيء في غار فيهجوني ويقطّع عِرْضِي فينتشر شعره من داخل الغار وسط العرب حتى قيام الساعة وعلى نحو تكون فيه أنت نفسك يا مروان ممن يردد هذا الشعر ويستعذبه على الرغم من أنه في عِرْضِي وأنا إبن عمك وعِرْضِي هو عِرْضَكْ.

والنابغة شاعر مخضرم عاصر الجاهلية والاسلام وأعلن إسلامه وشرّفه الله عز وجل بمدح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم  حين وفد إليه يعلن إسلامه وقال قصيدته التي يقول مطلعها:

خليلي عوجا ساعة وتهجرا

ولوما علي ما أحدث الدهر أو ذرا

إلى أن أتي عند قوله قبل ختام القصيدة:

بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا

وإنا لنرجوا فوق ذلك مَظْهَرَا

فابتدره صلى الله عليه وسلم متسائلا: {فأين المَظْهَـرَ يا أبا ليلى؟}

فقال النابغة الجعدي : الجنة يا رسول الله.

فقال له سيد الخلق: {إنشاء الله ، إنشاء الله.}

ثم استرسل النابغة يستكمل قصيدته فقال :

أتينا رسول الله إذ جاء بالهدى

ويتلو كتابا كالمجرة أزهرا

إلى قوله:

ولا خير في جهل إذا لم يكن له

حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أجدت . لا يفضض الله فاك}.

فظل النابغة بقية عمره لم ينقص له سن ولا ضرس وأنه كلما سقطت له سن نبتت مكانها سن أخرى أجمل منها... وقد طال العمر بالنابغة وتوفى عن عمر قدره الرواة بـ 112 سنة .

 

الشعراء يتبعهم الغاوون:

ويقول البعض أن في قوله تعالى: {والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُم الغاووُن }؛ قيل في تفسيره: الغاوون الشياطِينُ، وقيل أَيضاً: الغاوُونَ من الناس.

والمعنى أَنَّ الشاعرَ إِذا هَجَا بما لا يجوزُ هَوِيَ ذلك قَوْمٌ وأَحَبُّوه فهم الغاوون، وكذلك إِن مَدَح ممدوحاً بما ليس فيه وأَحَبَّ ذلك قَوْمٌ  وتابَعوه فهم الغاوُون. .. والغواية هي الضلال.

وقد سبقت العرب تـفـلّت شعرائها وجماحهم الفطري فالتمست لهم العذر بقولها  أعْذَبُ الشِّعْرُ أكْذَبــَهَ .... فقد كان الشاعر ولا يزال مثل عدسة الكاميرا الخفية يلتقط مواقف قد لا يلتفت لها المجتمع في خضم مسيرته ولهثه خلف أبواب الرزق ومشاغل الحياة.

وقد جاء القرآن الكريم متسقا مع النظرة العامة للشعراء والتقييم  العادل لتركيبتهم النفسية التي لا يمكن لإنسان عاقل لديه الحد الأدنى من الحدس والظن أن يساوي بينها وبين عامة البشر ... ولم يصدر القرآن الكريم أحكاما قطعية على الشعر والشعراء تحديدا ولكن جعل اللفظ بالقول مسئولية شخصية يحاسب عليها المولى عز وجل وتكتب في صحف أعمال قائلها من الناس جميعهم على حد سواء شاعرهم وجاهلهم وكذلك جاءت السنة النبوية المشرفة وحيث لم يهدر سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من دماء الشعراء سوى بعض المشركين منهم وبعض شعراء اليهود ممن كان يتعمد هجاء المسلمين . وقد عفا صلى الله عليه وسلم لاحقا على بعض من هؤلاء بعد أن أعلنوا إسلامهم سواء قبل الفتح أو بعده.

وقد جاءت الآيات في خواتيم سورة الشعراء تحدد الإطار العام لشخصية الشعراء ومسيرة حياتهم العامة والخاصة بقوله : {والشعراء يتبعهم الغاوون (224) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون (225) وأنهم يقولون ما لايفعلون (226)}.

وهناك من يربط بين نظم الشعر وبين تنزيل الشياطين وكانت العرب في الجاهلية تعتقد أن الشعراء تسري أرواحهم ليلا إلى وادي عبقر حيث تسكن الجن فيملون عليهم ما يقولون .... وهناك بعض الجهلاء من ربط بين هذه الخرافة الجاهلية وبين قوله عز وجل قبل الآيات السابقة مباشرة من سورة الشعراء في قوله: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين (221) تنزل على كل أفاك أثيم (222) يلقون السمع وأكثرهم كاذبون (223) والشعراء يتبعهم الغاوون(224)} ... إلى آخر الايات.

والشِّعْرُ حسب تعريف الأقدمين هو منظوم القول ، الموزون والمقفى وقد ظل هذا التحديد محتفظا للشعر بخصوصيته لفترة طويلة ولكن مع اختلاط العرب الحضاري مع غيرهم من شعوب وثقافات دخلت على الشعر العربي تغيرات كثيرة. وباتت هناك تعريفات متعددة وصيغ وقوالب مختلفة للشعر جرى رفضها رفضا قاطعا في البداية ولكن كان لابد للثقافة ان تواكب التطور الحضاري وتغيّر مفاهيم المُتلقّي فكان أن نال المُسْـتَجَدّ حظه من الترحيب والاعتراف من قبيل شعر التفعيلة وقصيدة النثر . وكذلك لقدرة هذا النوع من الشعر على تناول الواقع الحضاري الجاري ومواكبته على العكس من أدوات الشعر القديم البدائية بحسب البيئة الصحراوية التي نشأت فيها .... والتي ما عادت تصلح لعرض قضايا العصر أو توثيقها على النحو الفضفاض الشديد التعقيد.....

وقد جرى اشتقاق كلمة شاعر من معنى الشعور والعلم والإدراك و جاء في محكم التنزيل قوله تعالى: {وما يُشْعِرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون} والمعنى هو : وما يدريكم....

وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِـرٌ لأَنه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم.

والشعراء عامة تجدهم دائما على النقيض في الحالتين والثلاثة والأربعة وهكذا دواليك ..... فهو يفرح كالطفل ... ويغضب كالطاغية .... ويهدأ كالنسيم العليل ... ويثور كالبركان .... وربما نجد في قصة الملك الضليل وموقفه الفاصل بين المجون الصارخ والثار والانتقام المبالغ فيه لمقتل أبيه ربما نتلمس بعض ملامح شخصية الشاعر .... وكذلك موقف المهلهل (أمرؤ القيس بن ربيعة) الشاعر التغلبي الرقيق زير النساء بعد مقتل اخيه كليب على يد جَسّاس بن مرّة (من بني شيبان) ومدى المبالغة في مواقفه المتناقضة وتحوله من ماجن مسالم مهادن إلى زاهد في الخمر والنساء موغل في التشدد وسفك الدماء خلال قيادته لبني تغلب في حرب البسوس .. وهي إمرأة كانت جارة لرجل يدعى سعد الجرمي وهو صاحب الناقة ( سراب )... والقصة طويلة لكن المفيد أن البسوس هذه هي التي أشعلت الحرب بشعرها الساخر المحرض لجاريهما جَسّاس رغم أنه لم يكن لها ناقة ولا جمل في الأمر سوى أن سراب ناقة جارها ماتت في فناء دارها .

والطريف أن كليب المشار إليه كان زاهدا في قول الشعر مهتما بالزعامة في ربيعة وتغلب وتكديس الثروة والمال وكان حاد الطباع يلوم أخيه المهلهل كثيرا على مجونه وبوهيميته .... ولكنه وبعد أن طعنه جساس ووقع عن صهوة جواده وهمّ عمرو بن الحارث بذبحه طلب شربة ماء فلم يجبه عمرو فقال بيتا واحدا خلده عبر التاريخ وهو قوله:

المستجير بعمرو عند كربته ....

كالمستجير من الرمضاء بالنار

وفي الإتجاه المعاكس نجد أخيه المهلهل شاعر الغزل الرقيق لم يخلد للتاريخ من كلامه سوى جملة من أبشع الجمل وأقساها وذلك قوله لبجير إبن أخت الحارث بن عباد زعيم بني بكر وقد أرسله إليه خاله فداءاً ليقتله أو يهبه حياته بدلا عن كليب .. فإذا بالمهلهل يطعنه برمحه ويقتله قائلا له: (بـُـؤأ بشِـسْعِ نَعْل كُـلَيْب) .. والبَوَاءُ: السَّوَاء، يُقال: دم فلان بَوَاءٌ لدم فلان: إذا كان كُفْؤاً له، أو بما معناه إنك لا تسـاوي من كليب سوى سيـر نـَعْلِـهِ الجلدي وهو أرخص ما تضرب به العرب الأمثال .. والشِّسْعُ: أَحد سُيُور النّعل، وهو الذي يُدْخَلُ بين الإِصْبَعَيْن ويُدخل طَرَفُه في الثَّقْب الذي في صدر النعل المشْدود في الزِّمامِ، والنعل غير الحذاء وهو في زماننا الحالي يسمى (الشِّبْشِبْ) أعزّكم الله.

الطريف أن موقف الشاعر المهلهل عند تـَقـبّل خبر مقتل أخيه كليبا كان على نفس شاكلة إبن شقيقته وربيبه الملك إمرئ القيس حين تلقى خبر مقتل أبيه ... فقد كان المهلهل وقتها يقارع الخمر مع صديق عمره (هَمّام بن مرة) شقيق جسّاس . فجاءت أم جسّاس إليه وأسرّت لولدها تخبره أن أخيه قتل كليب .... فأخبر همّام المهلهل فرد عليه المهلهل ساخرا في برود : (بَاعُ أخيك أقصر من ذلك) ثم واصل الشراب ودعا همام لمواصلته معه حتى أستبد بالمهلهل السكر فهـرب همّام .

..................

يتبع :  الحلقة (2)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات