رقّ قلبي لصوتهِ المبحوح من صياحِ الأيام الفائتة:_ ( الكيسُ بـ.....، الكيسُ بـــ..... ، الكيسُ بـ..... )، كان شرودُ عينيهِ وذهولُ صمتهِ يشيانِ بسرّْ،اقتربتُ منهُ، مسحتُ على شعرهِ المجعدِ من رُكامِ أتربةِ الفَقرِ ، حنوتُ على صِغرهِ فصافحتهُ للتشجيع، فاثارني وجودَ نُدبةٍ بكفهِ ، جرتنّي للتساؤل ؟؟؟ردَّ بابتسامةٍ ميتةٍ:
انهُ مِسمارٌ ياسيدي!
واستعصتْ دَمعةٌ في عَينيهِ، بالكاد خَفَتَ بريقُها وانذوى تحتَ ألمٍ مكبوت؛
أرّختْ لهُ الشَمسُ في وجناتهاِ زَمنَ انتظار.
وكيف وصل لها؟قلت له:
قالَ: كنتُ اضربُ بشكلٍ لا شعوري على (تابوتِ) والدي، وكما تَعلمْ، ما عادتِ التوابيتُ متماسكةَ المساميرِ لِكثرةِ استخدامها هذه الايام في البلد.
تمالكتُ نفسي من البكاء، مَددتُ يدي في جيبي لأُدخن سيجاره فبادر مسرعا لا لا لا ومدَّ يده ليمنعني لا ياسيدي الحمد ، لله إن والدتي سَيقْضى عليها إن عَلِمتْ أنَّ دواءَها صدقةٌ.
جلستُ على الأرض استهزاءاً بنفسي أو اكباراً لهما.
ناداه احدهم فهرول له وتركني غارقاً في افكاري، ذهبتُ في طريقي، وبعدَ زمنٍ عُدتُ أدراجي له، لمْ استطع تركهُ هكذا، لابدَّ من مُساعدتهِ ، رَغم كثرتهم... انا أُساعدُ أَحدَهُم على الاقل .
بينما أنا غارقٌ بأفكاري قطعَ سلسلتها صوتُ انفجارٍ ،هرعتُ إلى هُناك وكما العادة... حزامٌ ناسفٌ يَتَقرّبُ بهِ أَحدُهُم ....، أنصافُ جُثَثِ الأطفالِ مُركبةٌ على رؤوسِ النساءِ ، وسيقانُ الشُيوخِ في....، لا أعرفُ التصنيفَ الذي يُطلقُ على تلكَ المجازرِ؛
ولكن لفت انتباهي ثمةُ كفٌّ مُغـلَـقَـةٌ بقوةٍ يَبرُزُ منها شَريطُ دواء؛ نَعَم كانت مُحترقةٌ قليلاً ولكن هناكَ نُـدبَـةٌ ظاهرةٌ بشكلٍ جَــلـيّ.
التعليقات (0)