النداهه.....
في احدي الليالي الصيفيه الحاره جافي النوم عيوني مرارا حاولت اجتذابه ليتمكن من جفوني ولكنه أبي وتجبر فتملكني السهد والسهاد.....
جاوز الوقت منتصف الليل بكثير .. لا أعرف كم بلغت الساعه ولكن شعور بالاختناق تملكني من شده الحراره والرطوبه...
خرجت الي شرفتي وجلست علي مقعدي...هدوء تام وسكينه.. كل الكائنات نيام .. والسماء معتمه ولا أثر للقمر الذي يغري علي السهر...
حتي النجمات تمنعن و أبين أن يظهرن في تلك الليله..
استلقيت علي مقعدي في الشرفه .. حاولت استراق السمع لأي صوت ولكن صمت القبور فقط ما كان يلف المكان...
أغمضت عيناي باحثا عن بوادر نوم تجتذبني.. لا اعرف كم مضي من الوقت حتي هبت علي وجهي نسمه ريح خفيفه ولكنها ليست بارده...
ولكنها كانت ممتعه جففت بعض قطرات العرق التي دثرتني…..
ثم...لحن جميل لفيتاره يأتي من الأفق البعيد وتلتقطه أذناي بالكاد...أسترق السمع أكثر علني أستوضح نغماته...
رويدا وريدا يدنوا مقتربا ...أتلمس أوتار الفيتاره ونغماتها في حلكه الظلام ... تأتي من أغوار الكون السحيق..
من أغوار التاريخ السحيق تأتي .. تحمل عبق الماضي لممالك وامبراطوريات لم تكن تعرف لحنا الا من فيتاره هي مصدر الوحي والالهام والانامل الرقيقه تتلاعب بأوتارها …
فجأه توقف اللحن..امتنع النغم خفتت نسمه الريح.. فتحت عيوني أتلمس الفضاء عسي أن أجد قبسا يهديني الي مصدر اللحن.... صامته هي السماء مصمطه معتمه حالكه ..عله الصوت قادم من أكوان أخر …
هنيهه من الوقت لم أعرف لها مقدار...سكون ...سكون
جائني بعدها صوت عذب رقراق هو أعذب من الفرات جاء من بعيد ..جاء وكأنه صدي لصوت قادم من أعمق أعماق الكون …
جاء يناديني يطلبني يدعوني …
تعال..تعال..قم معي واترك أرضك..رافقني واترك جسدك.. انطلق وتحرر .. هيا لنجوب عالم الأرواح عالم اللا محدود.. أرض الخلود .. لا تتردد ..لا تفكر.. أنا بالانتظار..
بدأ علي اثرها الصراع.. روحي تنازع جسدي .. تنسل من بين حواسي.. تبغي الانطلاق
تبغي التحرر.. والجسد يأبي ويغلق الحواس ويجذب الروح اليه..
مسلوب الاراده مغيب أنا.. روح وجسد أنا متصارعان .. جسد يعلم تمام العلم بأن الروح له هي مصدر الحياه وبدونها لا شيئ سوي الفناء.. فيصارع ويصارع تحكم صراعه غريزه حب البقاء...
وروح ملت قيود الجسد.. ملت رغباته.. ملت شطحاته.. ملت مغامراته.. ملت جراحاته.. تبغي التحرر من قيده.. ترنوا للانطلاق .. تشتاق الي عالم الروح .. عالم الخلود .. تنشد الرحيل
يقترب الصوت .. يدنوا.. يهمس في أذني.. يغريني.. يغويني.. يدعوني.. تعال.. تعال.. قم من رقادك.. أخرج من جسدك.. أنفض عنك غباره .. تحرر من ترابه.. فهو من تراب والي تراب يعود..
رافقني الي أرض الخلود.. هناك لا الم ولا أحزان..بعيدا عن دنيا الانسان
الي دنيا الروح نذهب.. بلا وهاد نحيا بلا مأكل ولا مشرب ولا ملبس ولا دثار... نحيا بلا كلل أو ملل .. بلا قيد ولا انتماء ..احرار .. احرار
سرمدي في الخلود سوف تحيا روحك يا انسان....
اشتد واحتدم الصراع بين الروح والجسد... الجسد ينتفض بعنف محاولا اغلاق الحواس حتي لا تخرج منها الروح والروح ثائره بعنف تتلمس مخرجا من الجسد.... لا أعرف كم مضي من الوقت في هذا الصراع ولكن سرعان ما جائت النهايه...
بدأ الجسد يضعف ويوهن ويسكن وتخور قواه .. والروح بدأت تنفض عنها غبار الجسد سعيده منتشيه بانتصارها علي الجسد تنظر اليه نظره وداع غير عابئه بما سيحدث له ..ليس شأنها..هي منطلقه الي غايتها الي عالمها متحرره من قيد كبلها سنين طويله …
انها الحريه والانطلاق..
ولكن فجأه ينتفض الجسد مره أخري بفعل خارجي وكأنه تيار كهربي عالي الفولت سري في الجسد.. ينتفض يهب من رقاده .. من ثباته .. من موته .. مقتنصا الروح والتي كانت قد خرجت منه وتنظر اليه النظره الاخيره قبل الانطلاق ليجذبها بعنف لم تكن تتوقعه الي داخل الجسد مره أخري...
لتبدأ الحواس بالادراك وتنفتح عيوني وأجد نفسي راقدا فوق سرير في غرفه الانعاش وحولي مجموعه من الناس بلباس أبيض .. انهم أطباء
قال لي أحدهم حمدلله علي السلامه يابطل انت مت وعدت الي الحياه مره أخري.....
مجدي المصري
التعليقات (0)