النجاح بالفصــل ؟!

التركيبة البشرية مُهيأة للنجاح وعلى جميع الأصعدة الممكنة ، واستبعاد نظرية الفشل للوصول إلى تحقيق الأهداف الإنسانية المنشودة أمر مهم بل وضروري لإستكمال الإستعدادات النفسية لبدء رحلة صعود القمة ..

فالإنسان هو جملة من الآليات المختلفة والمتكورة على بعضها البعض في تناسق متعدد الألوان والأشكال ، والمتصلة ببعضها البعض في شكل كيان موحد هو الإنسان ، وهي في ذلك شبيهة بالدولة المصغرة المتعددة المراكز والوظائف ، وإختلاف الوظائف لاينفي إتصالها جميعا بمركز رئيسي يتحكم بها ..

ولكي ينجح الإنسان في أي شيء يرغب به ينبغي عليه إدراك هذه الحقيقة ، ليس للتمسك بها بل للفصل بين مكوناتها في مختلف الظروف المسايرة لرحلة بحثه عن النجاح ..

فوقتما حان موعد الوجبة الغذائية (مثلا) ينبغي أن لا يكون الإنسان مرتبط الذهن بأمور أخرى خارجة عن نطاق (الموعد المحدد) للأكل ، لأن التفكير في مقال لم يستكمله ، أو عمل عالق لم ينهه ، أو مشكلة خاصة أوعامة ما ، كل ذلك ينعكس على نفسيته ويمنعه من إستكمال وجبته ، وإن إستكملها فهو لن يستفيد منها شيئا لأنه بقلقه سيحرق كل العناصر الضرورية والمغذية ... فشل هنا في الإستفادة من الغذاء لأنه خلط موعده بمواعيد تقل أهمية عن الموعد المتاح لحظتها ..

هكذا يفشل أغلب البشر لأنهم لايدركون ضرورة الفصل بين المواعيد التي يسطرونها في عقولهم ما ينعكس سلبا على نفسياتهم ، ويثبط إراداتهم في مواصلة كل ما يبدؤونه .. لذا ينبغي الإستفادة من تجارب النجاح التي تُجمع كلها (وإن إختلفت) على ضرورة التنظيم ، فالتنظيم هو قاعدة مهمة لترتيب الأولويات والتحكم المثالي في البرامج ، والخلط وعدم الترتيب هو ما يُثني من عزيمة كل إنسان يقول بأنه فاشل ..

فالمكتب ومكان العمل للعمل ومشاكله تبقى خلف باب الخروج منه ، وحملها إلى البيت وتحميل العائلة طائلتها فيه من الإجحاف الكثير إضافة إلى الخلط الذي يسببه ذلك في علاقات العامل أوالموظف بأطراف كان من الممكن أن يحافظ على نجاح علاقته بهم لو تخلص من آثار مشاكله المهنية وتركها في محيطها ، ومثال العامل ينطبق على كل الأصعدة الأخرى في حياة كل إنسان ..

ومتى تعلم الإنسان ترتيب أجزاء حياته في عقله وجنّبها النزول والإنعكاس الإعتباطي على نفسيته ، أدرك أن سر النجاح هو في الإدارة الممنهجة لأفكاره ، والتعبير عن عواطفه كلٌّ في مكانها وزمانها الصحيحين .

ــــــــــــــــــــــ

تاج الديـن : 02 - 2010