كنت ولازلت انصب العداء لدرس مادة الرياضيات واضمر الكراهية الشديدة لها حتى اني لااطيق النظر الى كتاب يحمل هذا الاسم ولا اعرف السبب الحقيقي الذي تنبع منه الكراهية..وقد يتسأل البعض كيف تمكنت من اجتياز هذه المادة في الدارسة الثانوية تحديدا, باعتبارها البوابة الاصعب نحو افاق الدراسة الجامعية, بصراحة كانت درجاتي فيها خلال تلك المرحلة ضعيفة جدا, وبالكاد كانت تتخطى عتبة الخمسين, وكنت احسب ذلك في قرارة نفسي انجاز كبير قمت بتحقيقه..لااخفي عليكم ان درجة الخمسين لم تتحقق بمجهودي الفردي بل كانت موشحة بمساعدة استاذ المادة الذي تربطني به علاقة طيبة وطالما كان يقول لي (متى اتخلص منك) وبالفعل تخلص مني عندما وصل الامر الى امتحان البكالوريا.. وحينها لم يكن هناك من يساعدني, او يشفع لي سوى الاعتماد على نفسي والجد والاجتهاد لتخطي هذه العقبة.
المشكلة اني لم افتح كتاب الرياضيات واقرءه سوى مرتين او اكثر ولم اكن احضر الدرس الا مرات قليلة لا تتجاوز عدد الاصابع طيلة السنة الدراسية. ماذا افعل ؟ لم يبقى على الامتحان الا يومان ,اغلب زملائي قد انخرطوا في صومعة الدروس الخصوصية. هل اضحي بسنة دراسية كاملة بسبب كسلي وتقاعسي؟ الرسوب يعني الالتحاق بالخدمة العسكرية الالزامية . الوقت يمضي.. افضل الحلول ان اسبر اغوار عالم الارقام والقواعد الرياضية خلال يومين ! هل استطيع ذلك ؟ من يعلمني ؟ لاغيره انه صديقي فيصل فهو قد اتقن هذه المادة بدرجة كبيرة من خلال الدروس الخصوصية. وبالفعل ذهبت اليه وبدأت ادرس واياه من الصباح الى المساء..حتى تشابهت علي المواضيع والقواعد ولم اعد اميز بين موضوع واخر..
وما كان علينا الا ان نجد طريقة لتلافي ذلك الامر, في نهاية المطاف
وجد صديقي الحل الكفيل لخلاصي من هذا المأزق.. قال لي اكتب خطوات حل السؤال فقط او على الاقل خطوة او خطوتين او اكتفي بكتابة قاعدة السؤال.. اياك اياك ان تذكر النتيجة النهائية للحل.. فان كانت الخطوات الاولى صحيحة والنتيجة خاطئة فانك تحصل على (صفر)لان المصحح يعتمد على النتيجة النهائية اذا كانت مكتوبة! لذا احذرك من كتابة النتيجة اذا لم تكن متأكد منها.. اكتفي فقط بكتابة القاعدة او بعض الخطوات.. عندها ستحصل على نصف الدرجة وهذا افضل الحلول! وبالفعل فعلت ذلك وجرت الرياح بما تشتهيه سفني وتمكنت من النجاح في تلك المادة اللعينة حتى اني تخطيت عتبة الخمسين ووصلت الى درجة الستين! ان الامر الذي دعاني لسرد هذه التجربة التي لم تبرح من مخيلتي هو وجود اوجه من التشابه في قضايا اللجان التحقيقية التي يتم تشكيلها عند حدوث عمليات فساد مالي واداري او خروقات امنية او هروب سجناء وغيرها من الاحداث والقضايا التي تستوجب تشكيل لجان تحقيقية فيها فنرى ونسمع ان تلك اللجان تسير وفق خطوات وقواعد صحيحة وستعلن في الايام القادمة نتائج التحقيق النهائي.. والايام تجر الايام.. حتى تركن القضية على رفوف النسيان دون ذكر النتيجة النهائية.. لازلت اجهل السبب.. هل هو خوف من النتيجة النهائية لعدم التأكد منها ؟ ام هناك اسباب اخرى؟ اعتقد ان الخشية من اعلان النتيجة النهائية مشابهة لخشيتي من كتابة النتيجة النهائية لاسئلة مادة الرياضيات !! والله اعلم
التعليقات (0)