مواضيع اليوم

النبوءة و الجراد.......جيجيكة إبراهيمي

lol ariki

2010-12-25 19:18:27

0

 

 

 

النبوءة و الجراد


- إذا وقعت أسيرا بين أيدي الغزاة الفرنسيين هل تعزفين عن مواصلة الجهاد يا لالة فاطمة ؟ هكذا سأل الشّريف بوبغلة لالة فاطمة نسومر.
- أتصبح لحيتك حشيشا يا أيها الشّريف ؛ لا والله لن تصبح كذلك . هكذا أجابت لالة فاطمة.

بدت جبال جرجرة في زرقتها كأنها سلسلة من أحجار الفيروز الفارسي و كانت كتل الثّلج الموزعة على قممه كأنّها سبحة من اللّؤلؤ البحريني تسبّح بأسماء الله الحسنى و تذوب في حسن و جمال منطقة القبائل. و الشّجر و الزّهر و الطّير تتلوا جميعها سورة الرّحمان تماما كما كان الشّيخ محند امزيان يتلو سورة يوسف ( يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ) سمعت فاطمة هذه الآية فجثمت بالقرب من والدها تقصّ عليه رؤياها ؛ حدقت في وجهه بتوجّس طفولي و قالت :" يا أبتي إني رأيت أسرابا من الجراد تغطي عنان السّماء و تقبل على السنابل تأكل منها اليابسة و الخضراء... «. وضع الشّيخ المصحف الشّريف جانبا و احكم على حبات سبحته و قد لاح له شيء ما في الأفق يؤكد صدق الرّؤية. عدّل عمامته و قطب حاجبيه و هو ينظر بعينين غائرتين، كانت نظراته تغسل جدران البيت بصمت مطبق. فاضت مدامعه وشعر بعواطفه تنشطر إلى أحزان و أوجاع. هزّت فاطمة يدّه و هي تطالبه بتأويل رؤياها. جمع الشّيخ أطراف برنوسه و هو شارد الذّهن يتأمل في الجمر الذي يلمع كأنه أحجار ياقوت شرقي ثم قال: رؤية الجراد في المنام يعني الجيوش يا فاطمة.
تهامس النّاس هذه الرّؤية و تأويلها فقالو: إن لالة فاطمة تربت في كنف عائلة عرفت بالتقوى و الورع فأبوها محند امزيان مقدم الزاوية الرحمانية ؟ستصدق رؤياها لقد قال النّبي صلى الله عليه و سلّم :    " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " .
اقبل الجراد يغطي عنان السّماء فنادى منادي أن رؤية لالة فاطمة قد تحقّقت. سمعت فاطمة المنادي فقصت من شعرها قيد أنملة ... ثمّ اعتلت صهوة الجواد تطوف على القرى و تنادي: و حق الله و بجاه الحبيب محمد صلى الله عليه و سلّم سأجاهد ضدّ فرنسا..
قاطع الرّجال طريقها : امرأة تعلن قيادة الرّجال في منطقة القبائل لن يحدث هذا أبدا؟
أحكمت فاطمة لجام جوادها و هي تضرب على جبهتها : و حقّ هذه الجبهة التي تعانق تربة هذه الأرض في كل صلاة و حقّ الصّبح إذا تنفس و حقّ اللّيل إذا عسعس سأجاهد ضدّ فرنسا و إنّي لقاهرة قادة جيوشها الواحدة تلوى الأخرى حتّى اهزمن التسعة منها .
هزّ الجواد رأسه فانزاح الشّعر من جبينه فبانت غرته كأنها اثر السّجود ، أرخت فاطمة حبل لجامه فانطلق و تبعه النّاس يعلنون الفارسة قائدة لهم. أحرقت فاطمة أجنحة الجراد فراح الفرنسيون يقولون : هذه التي تلحق بنا كل هذه الهزائم ليس بشرا هذه جنيّة ...لا بل إنها نبيّة. .. تحققت نبوءة فاطمة حول هزيمة قادة الجيوش التّسعة ... وقعت أسيرة بين أيدي الغزاة. ارتعدت جبال جرجرة اثر سماع نبأ أسرها و انتفضت أشجار الصنوبر و أعلنت أشجار الزيتون الحداد وراحت تبكي ألفتها. وراء القضبان أصبحت فاطمة سجينة و لما شارفت على الموت سألها السّجان ما تريد . نظرت إليه ساخرة : أريد أن أواصل قتل الجراد و الغوغاء. حدّق السّجان في جدران السجن الرطبة و قال لها :
ما الذي تريناه يا أيتها النّبية؟ أترين الموت و الجحيم ...ستموتين يا أيّتها النّبية
بصوت هادئ إجابته : إنّي أرى بأنّ نبوّة نساء الجزائر لن تنقطع فستأتي نبيات من بعدي : حسيبة ، فضيلة ، وريدة ، لويزة ، جميلة و إنّي أرى الجراد راحل عن هذه الأرض بلا رجعة .
تحققت رؤيا لالة فاطمة بدخول الجراد الذي أكل الأخضر و اليابس و تحقق تنبوؤها أيضا بظهور نساء عظيمات يبيدون هذا الجراد .

 

 

 

جيجيكة ابراهيمي

جامعة الجزائر

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !