الناس جاعت ..
مقوله مصريه شهيره يرددها المصريون منذ الآف السنين .. منذ أن تولي سيدنا يوسف عليه السلام خزائن فرعون في السبع سنوات العجاف عندما حلت المجاعه بأرض مصر ولكن حكمه سيدنا يوسف إستطاعت العبور بمصر لتلك الأزمه بسلام ..
فهل نحن اليوم في أشد الإحتياج الي سيدنا يوسف في مصر مره أخري ؟
يحكي لنا التاريخ أن مصر تقريبا كل قرن من الزمان تمر بأزمه مجاعه منذ أيام الفراعنه حتي أن التاريخ يذكر لنا أنه في بعض تلك الأزمات أو المجاعات أكل الناس لحوم بعضهم البعض من شده وطئه المجاعه ..
فهل مصر مقبله علي مثل تلك المجاعه ؟
سؤال بدأ الآن يتردد وبقوه في بر مصر .. عندما عادت تلك المقوله الي الظهور علي ألسنه الناس بكثره هذه الأيام .. "الناس جاعت"
ربما يمكن أن لا نسمع ذلك الصوت جليا في المدن الكبري لأن الأخبار لا تنتقل بنفس سرعه إنتقالها في الريف .. ولكن الإحصائيات التي نادرا ما تنشرها وزاره الداخليه تشير الي زياده معدلات الجريمه في مصر بطريقه غير مسبوقه هذه الأيام وخاصه جرائم السرقه من نشل وسطو وسرقه بالإكراه وسرقه منازل وأمتعه ومتعلقات بل وجرائم قتل من أجل بضعه جنيهات أو حتي موبايل بل وفرض إتاوات ونفوذ .. الي آخره..
ولكن في الريف الرؤيه تختلف كثيرا فقد إنتشرت عصابات الضواري بصوره مخيفه تسرق كل شيئ وأي شيئ ..
الغسيل من الشرفات .. والمواشي من الحظائر .. وتقطع الطرق وتسرق الماره ليلا بالإكراه .. وتسطوا علي مزارع الدواجن .. وتسرق المنازل .. وحتي المحاصيل من الحقول والحدائق سرقوها .. لم يتبقي شيئ لم يسرقوه ..
مما حدا بأهل الريف لشراء وإقتناء الأسلحه الناريه الغير مرخصه للدفاع عن أنفسهم وأموالهم وما الداعي للتقدم بطلبات ترخيص لتلك الأسلحه وهم يعلمون مسبقا أن طلبهم مرفوض ..
وهناك سنه حميده تلحظها الأعين في الريف .. وهي أنه عندما يستشعر فرد بتواجد لصوص يبدأ في إطلاق الأعيره الناريه .. وفي ثواني تجد أناس كثيرين من الجيران المحيطين به يصعدون فوق أسطح المنازل ويطلقون أعيره ناريه مما يربك اللصوص ويجعلهم يفرون من المكان ..
أما الخفراء والدرك والحمايه الأمنيه فكلها تستطيع أن تشاهدها في الأفلام القديمه الأبيض والأسود مثل فيلم الزوجه الثانيه لصلاح منصور وسعاد حسني وشكري سرحان ..
نعود الي نفس المقوله السابقه "الناس جاعت" .. والي نفس السؤال السابق هل مصر مقبله علي مجاعه ؟
التفاوت الفاحش في الدخول بين غالبيه شعب مطحون لا يجد قوت يومه وفئه أثرت ثراءا فاحشا وربما مفاجئ دفعها الي الإنفاق الترفي المفرط في البذخ والمثير لحفيظه السواد الأعظم من الناس ..
فلل وسرايات فقط لقضاء الأجازات يقابلها بيوت "مجازا" لا تجد لها عروشا تقي أهلها من برد الشتاء وحر الصيف ..
سيارات أثمانها ملايين تسير وتسير بجوارها سيارات نصف نقل تكتظ بلحوم البشر المتكدسه في نزال غير متكافئ ..
ومع إختفاء الطبقه المتوسطه والتي كانت هي صمام الأمان والسياج العازل بين من هم فوق السحاب ومن هم تحت الأرض ..
إنتشار البطاله .. وإنعدام الإنتماء .. وإنتشار الكره المجتمعي .. وإستشراء التيارات الوافده التي تلعب علي الأوتار العاطفيه للسواد الأعظم وتقلبه علي الأوضاع السائده وتؤجج نقمته علي كل شيئ وأي شيئ وتؤجج الفتنه بين أفراده ..
إنتشار سرطاني للعشوائيات في كل مكان دون وجود أبسط حقوق الانسان من مياه تصلح للشرب أو مرافق أو أي خدمات بداخلها ..
وإختفاء القدوه والإحترام .. وإدمان المخدرات .. وإستمراء الربحيه السهله والمكسب السريع .. وإعلاء قيمه المال دون السؤال عن مصدره .. كل هذا بخلاف العوامل المجتمعيه كالتفكك الأسري مثلا كل ذلك أدي الي أن .. "الناس جاعت" ..
وعندما تجوع الناس .. تبدأ بالتعدي علي بعضها البعض .. والإستلاب والسرقه .. ويظهر البلطجيه والفتوات في الأزقه والحارات ويفرضون علي الناس الإتاوات .. وحتي إزهاق الأرواح يسهل عليهم .. وهذا أول الغيث ..
بل ويجد الفتوات والبلطجيه رزقهم في قوتهم الجسديه حتي أن الكبار يستأجرونهم ويحتموا بهم ويستخدمونهم في ترهيب وإرهاب الضعفاء ..
الناس جاعت وعندما تجوع الناس وتصل بها الأمور مبلغها .. ولا تجد ما تسرقه من حولها .. يحدث الحراك .. وتنشب ثوره الجياع كالنار في الهشيم تأكل الأخضر واليابس .. ولا تبقي في طريقها شيئ .. فالجياع ماذا يملكون ليخافوا عليه .. حتي أرواحهم تصبح بلا قيمه عندهم ..
"الناس جاعت" …..
يا أولو الأمر منا .. إقرأوا التاريخ إن أردتم الموعظه والعبره .. فما يحدث اليوم حدث بالأمس وأول الأمس وأول أول الأمس ..
أفلا تجتنبوه !!!!
مجدي المصري
التعليقات (0)