الناسخ و المنسوخ في القرآن : ؟
إن ما تراءى للمسلمين القدامى و المحدثين بأن آيات القرآن تنسخ بعضها بعضا ؟ بمعنى أن مواقف القرآن تجاه بعض القضايا البشرية يتطور و يتغير ... ليس صحيحا مطلقا .. كما لم يرد مثل هذا المعنى مطلقا في القرآن و إنما ذكر القرآن المعنى التالي للنسخ : "ما ننسخ من أية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" . سورة البقرة الآية 106
فالله يقر أن نسخ آية يوجب الإتيان بخير من الآية المنسوخة أو بمثيل لها لا تغييرها أو تفنيدها بأخرى... وهو أسلوب معجز لا يقدر الجن و الإنس عن الإتيان بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا.. و سنسوق أمثلة للنسخ الوارد في القرآن :
يقول الله عز وجل في سورة البقرة الآية 219 : " يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون "
إن ظاهر هذه الآية لا يحرم الخمر و الميسر وهو ما يعتمده ضعيفو الإيمان من المسلمين بدعوى أن النص القرآني لم يذكر أنه قد حرم الخمر و الميسر .. ؟ و الحقيقة التي يدركها المؤمنون الصادقون و العقلاء من المسلمين أن أي سلوك فيه مجلبة للإثم هو محرما شرعا و لا يجب اقترافه مهما كانت الظروف ... و هذا ما وضحه القرآن في آية أخرى من آيات الذكر الحكيم : إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه .." ففي هذه الآية الثانية التي ظنها المسلمون الأوائل و المحدثين ناسخة للآية الأولى هي في الحقيقة قد أعادت التأكيد على تحريم الخمر و الميسر .. على المسلمين بأسلوب أكثر وضوحا لكن المضمون واحد مع الآية الأولى .. أو هي آية شارحة للآية الأولى بأكثر وضوح .
كذلك كل الآيات التي تراءت للمسلمين القدامى و المحدثين أنها آيات ناسخة بعضها لبعض ما هي إلا آيات قد شرحت بعضها بعضا و لم يحدث أن غيرت آية تالية المعنى الوارد بآية أولى مطلقا ... فكل آيات القرآن تبقى صالحة لكل زمان و مكان . فالآيات التي تحدثت عن تحديد القبلة وجهة للمسلمين لا تنسخ مطلقا الآيات التي تتحدث عن : "فأينما تولوا فثم وجه الله" لأن المسلم قد يحتاج هذه الآية لما يكون في حالة حرب أو سفر .. أو في حالة الأسر.. فإن عدم توجهه للقبلة أثناء الصلاة و ذكر الله لا يفسد صلاته.. بل إن صلاته صحيحة بإذن الله عز وجل .
التعليقات (0)