مواضيع اليوم

النار وأسماؤها

أحمد الشرعبي

2012-10-01 17:41:22

0

 النار وأسماؤها . للمفكر / إبراهيم أبو عواد .

 

لا شك أن النار هي العذاب الذي أعده اللهُ تعالى للكافرين عقوبةً لهم على رفضهم الإيمان ، وسيرهم في طريق الغواية رغم كل الإرشادات الإلهية . وقد أوردت الشريعةُ أوصافاً كثيرة للنار لكي يعتبر الناسُ ويرتدعوا عن فعل المعاصي . فتصبح النارُ حافزاً على الالتزام الإيمان ، وذلك باجتناب ما يُغضب اللهَ ، وما يوجب دخولَ النار . فكلما ازداد المرءُ هروباً من النار كان ذلك مؤشراً على صلاحه . ولكنْ ينبغي أن يترافق القول والعمل معاً . فالخوف من النار ليس شعاراً على الألسنة فحسب ، بل هو أيضاً سلوك عملي يتضمن التزام الطاعات واجتناب المحرمات .
وقد وردت أسماء كثيرة للنار _ أجارنا الله منها _ . وكل اسم يوضِّح جانباً من هذا العذاب الأبدي لكي يَعتبر المعتبِرون .
أ _ الآخِرة :
قال الله تعالى : (( يَحْذر الآخِرةَ )) [ الزمر : 9] .
أي : يحذر النارَ لعلمه بعدم قدرته على تحملها ، وهذا يدفعه إلى العمل _ جاهداً _ لنيل الجنة. وهذا الحذرُ يُبقي المرء على أُهبة الاستعداد . فالشخصُ الْحَذِرُ يراقب جميع المداخل والمخارج خوفاً من مجيء العدو . والمؤمنُ يراقب نفسَه فلا يَسمح باختراق الشيطان أو الأهواء أو يقع فريسة نفسه الأمارة بالسوء . لذلك فإن أسلحته الإيمانية على أتم الجهوزية خوفاً من الاختراق فتزل قدمُه ويسقط في المحظور . فالنارُ _ على الدوام _ موجودة في ذهنه ، لذا يعمل جاهداً للابتعاد عن كل طرقاتها المهلِكة .
وقال ابن الجوزي في زاد المسير ( 7/ 167 ) : (( [ يَحْذر الآخِرةَ ] أي عذاب الآخرة )) .
ب _ الجحيم :
قال الله تعالى : (( ولا تُسْأل عن أصحاب الجحيم )) [ البقرة : 119] .
فالجحيمُ هي النار الشديدة التي حذّر منها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . ولا يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كُفر من كَفَرَ ، فهو لا يتحمل مسؤولية أصحاب النار ، فقد دعاهم بكل إخلاص وتفانٍ ، وأقام عليهم الْحُجّةَ ، وكان لهم خيرَ الناصح والمعلم . أخذ بيد الناس إلى خالقهم ، وأرشدهم إلى صراطه المستقيم . فمن تنكّب الطريقَ فهو يتحمل المسؤولية كاملة غير منقوصة ، ولا يلومنّ إلا نفسه .
وكما قال الله تعالى : (( ما على الرسول إلا البلاغ )) [ المائدة : 99] .
و (( إنما سُمِّيت النار جحيماً لأنها أُكثر وقودها ، من قول العرب : جحمت النار أجحمها ، إذا أَكثرتَ لها الوقود )).
[زاد المسير ( 1/ 138 ) .].
ج _ جهنم :
قال الله تعالى : (( فَحَسْبُهُ جَهَنم )) [ البقرة : 206] .
إن جهنم هي النار الكافية المعاقِبة للعُصاة . فمن أخذته العزةُ بالإثم وطغا وتجبر فإن جهنم هي الكافية الوافية التي ستكون الرد القاطع على غروره وطغيانه .
قال القيسي في مشكل إعراب القرآن ( 1/ 413 ) عن لفظ " جهنم " : (( لا ينصرف لأنه اسم معرفة أعجمي . وقيل : هو عربي ولكنه مُؤَنث معرفة ، ومن جعله عربياً اشتقه من قولهم : ركية جهنام إذا كانت بعيدة القعر ، فَسُمِّيت النار جهنم لبُعد قَعْرها )) اهـ .
د _ الْحُطَمة :
قال الله تعالى : (( وما أدراكَ ما الْحُطَمَة )) [ الْهُمَزة : 5] .
فالحطمة هي النار الشديدة التي تُهشِّم العِظامَ وتأكل اللحمَ . وسُمِّيت كذلك لأنها تحطِم كلّ ما يُلقى فيها . وهذه الحركةُ المرعبة تشير إلى شدة غليانها وشدتها الكاسرة .
وقال القرطبي في تفسيره ( 20/ 172) عن السياق القرآني : (( [ وما أدراكَ ما الْحُطَمَة ] على التعظيم لشأنها والتفخيم لأمرها )) اهـ .
وفي الحديث المتفق عليه . البخاري ( 1/ 260 ) ومسلم ( 2/ 618 ) : عن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( فرأيتُ جهنم يَحطِم بعضُها بعضاً )) .
أي يأكل بعضُها بعضاً من شدة الحرائق . إنها الْحُطَمة التي تلتهم ما يُلقى فيها وتلتهم نفسها .
هـ _ السعير :
قال الله تعالى : (( وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً )) [ النساء : 10] .
فالسعيرُ هي النار العظيمة المستعرة . أي إنهم سيُحرَقون بالنار الملتهِبة شديدة التوقد .
و _ سَقَر :
قال الله تعالى : (( ذُوقوا مَس سَقَرَ )) [ القمر : 48] .
أي : ذوقوا أيها الكافرون عذابَ النار . ويُقال : " سَقَرَ " من قولهم : سَقَرَتْهُ الشمسُ إذا أذابته . أي إنها تذيب الأجسامَ ، فلا يقف في طريقها جسمٌ أو مانع . فهي تُغيِّر صفاتِ الأجسام وتنقلها إلى حالة الذوبان والانصهار ، فيتحول الجسمُ إلى شيء آخر لا علاقة له بحالته الأولى .
وقال البيضاوي في تفسيره ( 1/ 270 ) : (( أي يقال لهم : ذُوقوا حر النار وألمها ، فإن مَسها سبب التألم بها ، وسقر عَلَم لجهنم ، ولذلك لم يُصرَف )) اهـ .
وفي صحيح مسلم ( 4/ 2046 ) : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : جاء مشركو قريش يُخاصمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في القَدَر ، فنزلت (( يومَ يُسحَبون في النار على وجوههم ذُوقوا مَس سَقَرَ ( 48) إنا كل شيء خلقناه بِقَدَر (49) )) [ سورة القمر ] .
وقال الطبري في تفسيره ( 11/ 568 ) : (( فإن قال قائل : وكيف يُذاق مَس سقر أو له طعم فيُذاق ؟ ، فإن ذلك مختلف فيه ، فقال بعضهم : قيل ذلك كذلك على مجاز الكلام ، كما يقال : كيف وجدتَ طعم الضرب ، وهو مجاز. وقال آخر : ذلك كما يقال : وجدتُ مَس الحمى يراد به أول ما نالني منها ، وكذلك وجدتُ طعم عَفْوك ، وأما سَقَر فإنها اسم باب من أبواب جهنم ، وتُرك إجراؤها _ صرفها _ لأنها اسم لمؤنث معرفة )) اهـ .
ز _ السموم :
قال الله تعالى : (( وَوَقَانا عَذابَ السمُوم )) [ الطور : 27] .
والسموم ( لغةً ) : هي الريح الحارة النافذة في المسام .
وفي تفسير القرطبي ( 17/ 62) : (( قال الحسن : السموم اسم من أسماء النار وطبقة من
طباق جهنم ، وقيل : هو النار ، كما تقول جهنم . وقيل : نار عذاب السموم ، والسموم الريح الحارة تؤنث ، يقال منه : سم يومنا فهو مسموم والجمع سمائم ، قال أبو عبيدة : السموم بالنهار وقد تكون بالليل ، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار ، وقد تستعمل السموم في لفح البرد ، وهو في لفح الحر والشمس أكثر )) اهـ .
والمؤمنون قد أكرمهم اللهُ تعالى بأن وقاهم عذاب النار ( السموم ) النافذة في المسام كالريح الحارة، فهي مخصصة للكافرين الذين تمتعوا في الدنيا بضلالهم وشهواتهم . وجاء الوقتُ لكي يدفعوا الثمنَ .
ح _ لظى :
قال الله تعالى : (( كلا إنها لَظَى )) [ المعارج : 15] .
وسُمِّيت النار لظى لأن نيرانها تتلظى ( تلتهب ) . فهي شديدة الاشتعال والتوهج .
وقال القرطبي في تفسيره ( 18/ 249 ) : (( واشتقاق لظى من التلظي، والتظاء النار التهابها، وتلظيها تلهبها . وقيل : كان أصلها لظظ ، أي ما دامت لدوام عذابها ، فقُلبت إحدى الظائين ألفاً فبقيت لظى، وقيل: هي الدركة الثانية من طبقات جهنم ، وهي اسم مؤنث معرفة فلا ينصرف )).
ط _ الهاوية :
قال الله تعالى : (( فَأُمهُ هَاوِيةٌ )) [ القارعة : 9] .
فمصيرُه إلى النار ( الهاوية ) التي يهوي فيها بشدة ، أي يَسقط . فقد رفض أوامرَ الله تعالى ، وأعرض عن الإيمان ، واتبع شهواتِه وأهواءه بغير عِلْم ولا حُجة . فجاءت العقوبة جزاءً وِفاقاً .
والهاويةُ اسمٌ للنار يدل على عمقها الشديد ، حيث يسقط الكافرون فيها .
والعربُ تقول للرجل إذا وقع في شدة : هَوَت أُمه . أي هَلَكَت . كما قال الغنوي :
هَوَت أُمه ما يبعث الصبح غادياً
وماذا يرد الليل حين يــؤوب
وقال ابن كثير في تفسيره ( 4/ 702 ) : (( قيل : معناه فهو ساقط هاوٍ بأم رأسه في نار جهنم ، وعَبّر عنه بأُمه يعني دماغه ، رُوِيَ نحو هذا عن ابن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة ، وقال قتادة : يهوي في النار على رأسه ، وكذا قال أبو صالح : يهوون في النار على رؤوسهم ، وقيل : معناه فأُمه التي يرجع إليها ويصير في المعاد إليها هاوية ، وهي اسم من أسماء النار . قال ابن جرير : وإنما قيل للهاوية أُمه لأنه لا مأوى له غيرها ، وقال ابن زيد : الهاوية النار ، هي أُمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوي إليها )) اهـ .
وفي صحيح مسلم ( 4/ 2184 ) : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبةً _ سقطةً _، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تدرون ما هذا ؟))، قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : (( هذا حجر رُمِيَ به في النار منذ سبعين خريفاً، فهو يهوي في النار ، الآن حتى انتهى إلى قَعْرها )) .
وهذا يشير _ بوضوح _ إلى معنى الهاوية التي هي اسم للنار ، فهي شديدة العمق ، الأمر الذي أدى إلى استغراق الحجر لمدة سبعين سنة حتى يصل إلى القعر .

http://www.facebook.com/abuawwad1982




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات