مواضيع اليوم
انقاذ مصر 17/01/2009 |
أنت ستدفع ثمنا باهظا اذا لم تأتِ الى لقاء المصالحة، حذر عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية، خالد مشعل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. مشعل لم يتأثر. وفد حماس لم يصل الى اللقاء الذي بادر اليه حسني مبارك والنار التي وعد بها سليمان حماس تحرق الان مصر ايضا. الرئيس مبارك علق في مشكلة، كان حذر اسرائيل منها ايضا. ثلاث مرات صدت مصر محاولات اسرائيلية لالحاق غزة بها. الان يصاب جنودها على الحدود مع غزة، اراضيها الاقليمية في سيناء مهددة بغزو فلسطيني، شوارع القاهرة تهدد بالانفجار، النظام المصري يتعرض للهجوم من المعارضة - الدينية واليسارية على حد سواء - ومبارك يبتعد عن تحقيق تطلعه لنقل الحكم الى ابنه جمال دون أزمات زائدة. البادرات الطيبة المصرية تجاه غزة تعتبر خفيفة القيمة، مقابل القتل والدمار الهائلين في القطاع وحيال وصم اسم مصر كمتعاونة مع اسرائيل في فرض الاغلاق على غزة. الحربان الاخيرتان، في لبنان وفي غزة تثيران الشك في قدرة الدول الكبرى والهامة مثل مصر او السعودية على حل أزمات اقليمية فقط بفضل كونها دولا قيادية. مصر او السعودية لم تنجحا في حل الازمة في لبنان، التي اندلعت قبل الحرب وتعاظمت بعدها، وفشلتا في محاولاتهما عقد مصالحة داخلية فلسطينية، منع الحرب في غزة، اقناع سورية بالتعاون معهما في الضغط على حماس او على حزب الله وصياغة خطة عمل عربية متفق عليها. واذا ما استجيب لدعوة قطر بعقد مؤتمر قمة عربية او حتى اجتماع لوزراء الخارجية، وهي الدعوة التي تعارضها السعودية ومصر، فان من شأن هذا أن يسجل الشرخ النهائي في الوحدة العربية الاسطورية. محاولة عرض الادارة السياسية للازمة في غزة وكأنها لا تزال بيد مصرية فقط، او على الاقل عربية، تلقت هذا الاسبوع ضربة واحدة. في لقاء ممثلي حماس في بداية الاسبوع في القاهرة حضر أيضا مهمت دفتالو، المستشار السياسي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، والذي نسج بكلتي يديه الحوار بين اسرائيل وسورية. كتلة جديدة مصر اعلنت ان تركيا تحضر اللقاءات فقط ولكنها ليست شريكا فاعلا. وليد معلم، وزير الخارجية السوري، سارع الى مناقضة الايضاح المصري واعلن بان تركيا، سورية وفرنسا (نسي ان يذكر قطر) تنسق بينها المساعي لاحلال انهاء للازمة. هل حضرت تركيا في القاهرة كي تضمن الا تظلم حماس، كي تنقل الى سورية - التي لا تجري علاقات حوار مع مصر - آخر التطورات عن المحادثات او كمندوبة عن كتلة شرق أوسطية جديدة تضم ايران ايضا، وتتنافس مع الكتلة التقليدية التي لعبت فيها دور النجم مصر، السعودية، الاردن ودول الخليج؟ مصر تقف الان وحدها ليس فقط حيال حماس، بل ضد معظم العالم العربي والاسلامي. فقدت قوتها لان تفرض الامور او حتى لتنسيقها، جاء في موقع انترنت للاخوان المسلمين في مصر. موقع ديني متطرف يحمل اسم انقاذ مصر يصف مبارك كمن يداه ملطختان بدماء المصريين والفلسطينيين. كما أن مصر ترى كيف ان دولا كانت متعلقة بها وتعمل حسب تعليماتها تقطع نفسها عن الدائرة التقليدية وتنطلق في حملة مستقلة. مثال على ذلك هو ايران، التي كانت في هذه الحرب بين القلائل الذين امتنعوا عن انتقاد حماس. الاردن ايضا ترك المتظاهرين يخرجون الى الشوارع، رئيس حكومته تحدث عن اعادة نظر للعلاقات بين الاردن واسرائيل وهو لا يزال لم يسمح بعودة سفيره الى تل أبيب. قطر، التي حظيت بمكانة سياسية هامة في اعقاب نجاحها في حل الازمة اللبنانية، تحاول الان المساعدة في المساعي في ايجاد حل في غزة لا يستوي بالضرورة مع موقف مصر وهو أقرب الى موقف سورية. يتبين أيضا أن المدلول السياسي من مدرسة الولايات المتحدة واسرائيل ليس دقيقا. في أعقاب الحرب في غزة من الصعب رسم خط يفصل بين الدول المعتدلة والدول المتطرفة. ففي أي جانب من الخط توجد مثلا الاردن وتركيا؟ واحدة تدير قصة غرام مع حماس ولكنها تحافظ جيدا على الحدود بينها وبين اسرائيل، واخرى تشتم اسرائيل ولكنها تتوسط بينها وبين سورية. وما هي مكانة قطر، صديقة سورية، التي مع ذلك تواصل الابقاء في اراضيها على ممثلية اسرائيلية وعلى القاعدة الامريكية الاكبر في الشرق الاوسط؟ ماذا عن قطر؟ لمساعي مبارك للتوسط بين اسرائيل وحماس توجد، بالتالي، أهمية اكبر بكثير من مسألة اذا كانت هذه ستؤدي الى وقف النار. هذه فرصة مبارك لان يعيد الى مصر قدرتها على أن تقرر السياسة في الشرق الاوسط، اخضاع المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين تحت رعاية مصرية بدلا من رعاية سورية ايرانية، موضعة مصر كمرساة مركزية استعدادا لتسلم باراك اوباما منصب الرئاسة وعلى نفس القدر من الأهمية: تهدئة المعارضة الداخلية استعدادا لتغيير الحكم في المستقبل. هذه الاهداف كانت مسلما بها حتى قبل اشهر معدودة. ولكن عندما يبدأ اوباما بالتلميح بنيته تغيير سياسة الولايات المتحدة بالنسبة للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني وحين تكون ايران مرشحة جدية للحوار مع الولايات المتحدة وتكون سورية كفيلة بان تدفع للبيت الابيض ثمنا كبيرا في شكل حوار مع اسرائيل، فان مصر العجوز مطالبة بان تقف في منافسة لم تعتد عليها. تسفي برئيل هآرتس 16/1/2009 مراسل الصحيفة للشؤون العربية |
التعليقات (0)