تعاني الفيدراليه الروسيه اليوم من مشكله خطيره جدا وهي "المصداقيه" فقد كتبنا من قبل العديد من المقالات المادحه والشارحه للإنجازات الهائله التي حدثت في روسيا خلال عقد من الزمان والتي تعد بكل المقاييس من المعجزات ومازلنا عند رأينا بأن ماحدث في الفيدراليه الروسيه بعد أن تولي زمامها "فلاديمير بوتين" هو معجزه بكل المقاييس ولكن كتبنا أيضا وفي نفس السياق وحذرنا في مرات عديده من أن جينات الإنهيار يحملها الشعب الروسي بين جنباته ويجب تدارك هذا الأمر وبأقصي سرعه حتي لا تنهار الإنجازات العملاقه التي حدثت في فتره وجيزه كما إنهار الاتحاد السوفييتي السابق وكتبنا أيضا بإعتبارنا أصبحنا من المتخصصين في الشأن الروسي مقال بعنوان "روسيا اليوم" أوضحنا فيه بعض جوانب تغلغل الفساد في الدوائر الحكوميه الروسيه والتي ورثته عن الاتحاد السوفييتي السابق ..
وبالرغم من كل الانجازات التي تحققت لم تستطع روسيا التخلص أو حتي التقليل من جبروت الفساد الذي إستشري في كل مناحي الحياه هناك وكان هذا المقال والذي نشرناه أيضا في مدونات قناه روسيا اليوم بمثابه الإعلان عن تجاوزي للخطوط الحمراء وتم إيقافي عن التدوين في مدونتي هناك منذ ذلك الحين ..
ولم يمر من الوقت الكثير حتي طالعتنا كل وسائل الإعلام ووكالات الأنباء بشهاده شاهد من أهلها وهو ليس بمجرد شاهد عادي بل هو ضابط شرطه برتبه ميجور إسمه "ألكسي ديموفسكي" فما هي قصه الكسي هذا ..
ألكسي ضابط شريف محترم يحمل من القيم والمبادئ والضمير ما جعله ينأي بنفسه عن أن يصبح مثل الكثير من زملائه ولكن لم يعد النأي بالذات بعيدا عن أوجه الفساد يكفي فقد بلغ السيل الربي كما يقولون ولكونه ضابط شرطه في المقام الأول فقد جمع الأدله الدامغه علي تورط قيادات شرطيه كبري في هذا الفساد بالصوت والصوره وحتي لا يتهم "برمي المحصنات" بالروسي نشر أدلته علي اليو تيوب حتي لا يتم التلاعب بها أو تزييفها وأوضح أن الكثيرين ينخرطوا في سلك الشرطه فقط من أجل الحصول الي الرشاوي وأن كبار الضباط يدفعون مرؤوسيهم لتلفيق التهم لأناس أبرياء من أجل أن يثبتوا للقيادات الأعلي أنهم يُجدون في عملهم من خلال أرقام الإحصائيات الشرطيه الشهريه ..
ثم ناشد اليكسي رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين التدخل ومحاربه الفساد المستشري ولكن هذا الضابط الأمين النزيه لم تشفع له نزاهته ولم يتشفع له أحد ليجد نفسه وحيدا في مواجهه غيلان الفساد ليتم فصله من الخدمه كإجراء أولي ليصبح عاطل بكل ما تعنيه كلمه عاطل في روسيا ثم يحال الي المدعي العام للتحقيق معه ويتم إحالته الي المحاكمه بتهمه "الاحتيال من خلال إستغلال منصبه الرسمي" وهذا الضابط اليوم معرض للسجن بسبب موقفه ولا أمل له سوي تدخل بوتين شخصيا في الأمر ..
ولكن هل يتدخل بوتين وينصف هذا الضابط علي حساب "سُمعه روسيا" وهي ما قضي بوتين سنوات طوال يجاهد من أجل تحسينها أمام العالم كله ..
تلك المعضله الروسيه الكبري اليوم وهي "المُساتره" أي محاوله إخفاء المساوئ والانحرافات والفساد المستشري وبقوه هناك والحفاظ علي الصوره الجميله التي إكتسبتها روسيا من خلال جهود بوتين ..
ولكن إذا تغلبت لغه "المُساتره" علي الحدث وزج بالنزيه في السجن فسيصبح قدوه سيئه لأي شريف والانهيار قادم لا محاله والعوده الي المربع الأول قادمه وبسرعه لأنه مهما تعاظمت الإنجازات فإن الفساد غول نهم لا يرحم ولا يشبع بل يبتلع بسهوله عظائم الانجازات …
مجدي المصري
التعليقات (0)