مواضيع اليوم

الموقوفون في مراكز التأهيل والإصلاح الفلسطينية إلى متى؟

محمد أبوعلان

2009-10-01 09:48:38

0

بقلم:محمد أبو علان:
http://blog.amin.org/yafa1948

في إطار مشروع " جسر الفجوات: الأجهزة الأمنية وحقوق الإنسان" الذي تنفذه "شبكة أمين الإعلامية" بتمويل من الاتحاد الأوروبي تم الأربعاء تنظيم جولة ميدانية لنحو ثلاثين إعلامياً من كافة المحافظات في الضفة الغربية تم خلالها زيارة مركز التأهيل والإصلاح في مدينة نابلس، وعقد لقاءات مع كل من العقيد محمود رحال مدير عام مراكز التأهيل والإصلاح في الشرطة الفلسطينية، والمستشار القانوني للإدارة العامة لمراكز التأهيل والإصلاح الرائد محمد سمور.
زيارة يمكن وصفها بالمفيدة جداً لدرجة المصارحة التي امتاز بها المسئولين الذين تم اللقاء بهم، ولأهمية التعريف الذي حصل عليه الإعلاميون حول عمل الإدارة العامة لمراكز التأهيل والإصلاح في الضفة الغربية، وبيّن مدير عام مراكز الإصلاح والتأهيل أن "الشرطة الفلسطينية تسعى للتفاعل مع الصحفيين دون قيد أو شرط باستثناء ما يحذره القانون"، وأوضح العقيد رحّال أن هناك نقلة نوعية في عمل الشرطة في العامين الأخيرين، وقال:"تسعى الشرطة لإشراك المجتمع المحلي في عملها من خلال مشروع الشرطي الصغير" .

 


الزيارة عرّفت الإعلاميين على الكثير من الجوانب ذات العلاقة بمراكز التأهيل والإصلاح السبعة في الضفة الغربية، حيث قدّم الرائد سمّور في بداية الزيارة صورة عن آلية إدارة هذه المراكز، والظروف المعيشية للنزلاء، والمحكومة جمعيها بقانون مراكز الإصلاح والتأهيل رقم (6) للعام 1998 المعتمد من المجلس التشريعي الفلسطيني، وتم خلال الزيارة اللقاء مع بعض النزلاء، والإطلاع على مرافق مركز تأهيل وإصلاح نابلس وشملت المطبخ، ومشغل الخياطة الجاري تجهيزه، وهذا المشغل جزء من خطة تطويرية للمديرية العامة لمراكز التأهيل والإصلاح التي تهدف لتأهيل النزلاء والتي تشمل أيضاً فتح مشغل تنجيد كنب، وافتتاح مخبز.
كما تم التطرق خلال اللقاء للمعيقات التي واجهتها مراكز التأهيل والإصلاح طوال الفترة الماضية نتيجة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والتي أدت لتدمير كامل أو جزئي لكافة مراكز التأهيل والإصلاح في كافة محافظات الضفة الغربية، بالإضافة لمعاناة مراكز التأهيل والإصلاح من مسألة الاكتظاظ في هذه المرحلة، ولتجاوز هذه المعيقات تبذل السلطة الوطنية الفلسطينية جهوداً كبيرة لترميم بعض مراكز التأهيل والإصلاح، والعمل باتجاه بناء مراكز تأهيل وإصلاح جديدة كما هو الحال في مدينتي نابلس وأريحا وبتمويل هولندي تتجاوز تكلفتهما الإجمالية نحو ثمانية مليون يورو.
وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة للنهوض الدائم والمستمر بواقع مراكز التأهيل والإصلاح إلا أنني شخصياً خرجت بصورة كاتمة السواد عما يتعلق بحال الموقوفين بالنسبة لمدة التوقيف في مراكز الإصلاح والتأهيل والتي تعود لأسباب وعوامل خارجة عن إطار مسئولية الإدارة العامة لمراكز التأهيل والإصلاح بشكل خاص، والشرطة الفلسطينية بشكل عام، وعلى علاقة مباشرة بالجوانب القانونية والتشريعية التي هي من اختصاص الجهاز القضائي والسلطة التشريعية الفلسطينية بالدرجة الأولى والأخيرة.
العقيد رحّال بيّن أنه من بين (899) نزيلاً موجدين اليوم في مراكز التأهيل والإصلاح، من بينهم فقط(239) محكوماً، والباقي لا زالوا موقوفين وهذا مؤشر غير جيد حسب تعبيره، مما يعني أن ما يقارب ثلثي النزلاء لا زالوا ينتظرون المحاكمة، وما يثير القلق أكثر وأكثر هو وجود موقوفين على ذمة قضايا منذ فترة زمنية طويلة، وفي هذا السياق أوضح العقيد رحّال أنه يوجد في مراكز التأهيل والإصلاح (285) نزيلاً موقوفين لحين المحاكمة منذ أكثر من سنة، (77) منهم في محافظة رام الله وحدها، لا بل أن هناك نزيلاً في سجن الظاهرية معتقل لحين المحاكمة منذ ست سنوات، تم اللقاء بدكتور موقوف في مركز تأهيل نابلس منذ (34) شهراً بتهمة الشروع بالقتل.
وعند الاستفسار عن سبب تكدس القضايا في أروقة الجهاز القضائي الفلسطيني، القائمون على مراكز الإصلاح والتأهيل كانت إجابتهم: أنهم ملتزمون بنص وروح قانون مراكز الإصلاح والتأهيل، وبما يصدر من قرارات عن الجهاز القضائي الفلسطيني الذي أشادوا بنزاهته وعدالته، وإن كافة النزلاء في مراكز التأهيل والإصلاح في الضفة الغربية موجودون وفق مذكرات قضائية تتوافق مع روح ونص قانون العقوبات المعمول به في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا يستقبلون أي نزيل إن لم يكن توقفيه وفق مذكرات قانونية سليمة.
وأن أردنا تحليل صورة الواقع في مراكز التأهيل والإصلاح بناءً على ما حصلنا عليه من معطيات، وفي ظل وجود قانون عصري يحكم إدارة هذه المراكز، وبشهادة خبراء دوليين مختصين في هذا المجال وفق ما صرح به العقيد رحّال، ، يمكن الاستنتاج ودون عناء أن رداءة وسوء الواقع القانوني الذي يعيشه هؤلاء الموقوفين يعود لسببين رئيسيين.
السبب الأول لقصور في عمل وأداء السلطة التشريعية ذات العلاقة بالقوانين المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية (قانون العقوبات الأردني 1960، وقانون منع الجرائم الخطيرة)، حيث يتم معاملة الموقوفين وفق قوانين مرّ عليها ما يقارب نصف قرن من الزمان، مع العلم أن للشعب الفلسطيني سلطة تشريعية قائمة منذ العام 1996.
والسبب الثاني يمكن تحميله للجهاز القضائي الفلسطيني مع أنه ليس الجهة المسئولة عن وضع التشريعات، وتحميل المسئولية يأتي من زاوية ضرورة قيام الجهاز القضائي بتسريع إنجاز الملفات القضائية، والبت في قضايا الموقوفين لتجاوز الثغرات القانونية في قانون العقوبات المعمول به في المحاكم الفلسطينية، لا أن تكون هذه الثغرات المبرر لحالة الترهل وعدم الإسراع في إنجاز القضايا، وإن لم يكن هذا هو الأمر كيف يقبل القضاء الفلسطيني بوجود أشخاص لسنوات طوال موقوفين على ذمة قضايا قد يكونون أبرياء منها في نهاية المحاكمة، ومن يتحمل المسئولية عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق المواطن الفلسطيني في مثل هذه الحالات بغض النظر عن أي قانون معمول به.
بالتالي تكون الكرة في ملعب الجهاز القضائي الفلسطيني، وملعب قانون العقوبات المعمول به في الأراضي الفلسطينية وهو قانون العقوبات الأردني لعام 1960، وقانون منع الجرائم الخطيرة الأردني الذي يتم بموجبه ما يعرف بالاعتقال على ذمة المحافظ، مع الإشارة إلى أن قانون العقوبات الأردني لعام 1960، تم تعديله في الأردن، وقانون منع الجرائم الخطيرة قد ألغي بينما لا زالت هذه القوانين نافذة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية
في جميع الأحوال، ومهما كانت الأسباب على جميع الجهات ذات العلاقة الانتفاض بالسرعة الممكنة للخروج من هذا الواقع المأساوي، والعمل باتجاه سن قوانين عصرية تمنع المس بكرامة وحقوق المواطن الفلسطيني، وفي حال بقاء المؤسسة التشريعية في حالة موتها السريري على الرئيس الفلسطيني أن يأخذ الأمر بيدية، وأن يعمل على إصدار قرار بقانون يكون البديل عن قانون العقوبات المعمول به، وعلى الجهاز القضائي الفلسطيني العمل على تعزيز كادره القضائي بالشكل الذي يمكنه من تجاوز ثغرات القوانين الحالية ذات العلاقة بمدد التوقيف للمتهمين لحين سن قانون عقوبات فلسطيني.
moh-abuallan@hotmail.com


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !