الموقف الوطني للتيار الصدري!
بقلم رياض الحسيني: كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
مرة اخرى يبرز هذه الايام على الساحة السياسية العراقية وبقوة عنوان التيار الصدري وتطفو مرة بعد اخرى ذات الاتهامات لهذا التيار بـ "البعثية" تارة و "العبثية" اخرى! طبعا الايادي الامريكية ليست بعيدة عن استعادة هذه الاتهامات المفضوحة وعزف الاسطوانة العتيقة مستفيدة من بعض الببغاوات المحلية لتسويقها بقصد او بدونه!
أما السؤال المحيّر حقيقة فهو ان الدكتور اياد علاوي صاحب الجذور البعثية الضاربة في عمق تحركاته وأجندته وفكره لايلومه أحد على رفضه للأتفاقية وعدم التصويت لها بينما يصب المؤيدون لها جام غضبهم على التيار الصدري! أليس هذا الموقف حري بالتوقف عنده ومناقشته؟!
ياسادة ياكرام تبدل الازمان والمصالح لايعني تبدل المواقف الاخلاقية والثوابت الوطنية واذا كان بعض مؤيدي واتباع هذا التيار قد نهجوا بعض المواقف المتصلّبة في وقت ما فلايعني ذلك ان هؤلاء اناس منبوذون مشوهون غير وطنيين لايهمهم امر العراق وشعبه بدليل اننا لازلنا نتعامل مع من هم ابشع واسوء من اتباع التيار الصدري بحجة لملمة الشمل العراقي ورفدا لمساعي حكومة الوحدة الوطنية واستعادة المواطنة العراقية فضلا عن شعارات المصالحة الوطنية، والامر كذلك فلماذا يُستثنى التيار الصدري من هذه المعادلة ويُلقى به خارج هذه الشعارات وكأنه هو واتباعه ليسوا بعراقيين لهم مالغيرهم من الحقوق وعليهم ماعلى العراقيين من واجبات؟! من له مصلحة في ذلك؟!
اذا ماأردنا حقيقة مع شئ من الحيادية والموضوعية حساب التجاوزات فلايمكن ولابأي حال من الاحوال ان نبرّئ طرفا ما مما حصل ويحصل في العراق الفرق الوحيد هو ان التيار الصدري واضح في مواقفه المعروفة منذ اليوم الاول وعلى طول الخط من الاحتلال الامريكي واجندته بينما تتغير مواقف الاخرين وفقا لمصالحهم الحزبية وتبعا لاملاءات مموليهم من رجال الاعمال ومخابرات الدول الداعمة لهم. فهل من الانصاف هنا ان نثمّن مواقف الذين يقفون مع تحرير الوطن من المحتل ام نصفق ونلوك شعارات الحرية والديمقراطية الزائفة التي يلقّننا بها المحتل ليل نهار وهو يدوس بدباباته كل بشر وحجر وشجر؟! هل من الوطنية في شئ محاربة اكبر مكون في الشارع العراقي لالشئ سوى ان له رؤية مغايرة لما نراه بينما نركض لاهثين وراء اشخاص معدودين هاربون الى دول الجوار بثروات الوطن وايديهم ملطّخة بدماء المواطنين لثلاثة عقود واكثر بحجة "المصالحة الوطنية"؟! هل من الحكمة محاربة العراقيين لبعضهم البعض حتى يصل الامر ان يحارب الاخ اخيه في العائلة الواحدة بحجة "بعثية" عمر و "اسلامية" زيد ونحن جميعا نعلم علم اليقين ان عمر ليس بعثيا كما ان زيد ليس اسلامويا؟! هل من الاسلام في شئ ان يستحوذ طرف ما على كل مقدرات الدولة ويتحكّم في مصائر الناس بحجة "الافضلية" تارة و "العقلانية" اخرى و "الوسطية" ثالثة؟! أسئلة باتت ملحة وتبحث عن اجابات.
موقف التيار الصدري الاخير بغض النظر عن مواقفه المحلية من الاخرين واجنداتهم واسلوبهم في التعامل مع بعضهم البعض ومع التيار، لايختلف اثنان من العقلاء انه موقف وطني مشرّف وان اختلفنا معه! هم يرون ان التمديد لسنة اخرى افضل من توقيع اتفاقية يرون فيها اذلال وانصياع لاوامر المحتل بينما يرى مخالفيهم انها فرصة وغنيمة يجب استغلالها، فهل نحن بحاجة الى عبارات التخوين وشعارات العمالة ومحاولات الشطب على الاخر بالقلم العريض بحجة الوطن والوطنية؟! بيد ان توجيه السهام ضد طرف واستهدافه بكل الوسائل والتجاوز عن طرف اخر لديه نفس المواقف واحيانا أبشع نتفق جميعا انه ليس من الوطنية في شئ! من هنا يمكن للعاقل الاستدلال ان شعارات الوطن والوطنية ليست هي محل الشاهد وليست المحور بل صراع المناصب والكراسي والمنافع الحزبية والمكاسب الفئوية لازالت هي المحرك للكثير من الاطراف التي لو قُدّر لها ان تسحق نصف الشعب العراقي بالدبابات الامريكية لما تأخرت بحجة حماية الوطن ورفاهية المواطن حتى يبقى "الشرفاء" منا فقط تماما كما قالها علي حسن المجيد من قبل! وها نحن في العام السادس من الاحتلال الامريكي للعراق فلا سيادة ولاديموقراطية ولاحرية بل قهر وظلم وانحطاط وتمزّق حتى وصل الامر بكم الى ان يكره الاخ اخيه لدرجة قطع الاعضاء التناسلية لمعارضيكم فهل هذا من الوطنية في شئ وانتم تروون ان "المثلة حرام ولو في الكلب العقور"؟ أفتونا ياقادة الاحزاب الاسلامية؟! "فَوَرَبِّكَ لنَسأَلنَّهُم أجمَعِينَ عَمّاَ كَانُوا يَعمَلوُن" الحجر 93،92!
التعليقات (0)