البعض يتساءل عن الموقف الروسي تجاه ما يدور في سوريا، وتلميحات موسكو باستخدام حق النقض الفيتو على أي قرار غير مقنع لروسيا، والغير مقنع لروسيا هو ما يرفضه النظام السوري، وهذا بات واضحاً من خطاب السفير السوري والروسي في مجلس الأمن قبل أيام.
فما هو شكل التحالف الروسي السوري...؟ وإلى أين تسير الأزمة السورية...؟
التحالف بين الدول يقوم على المصالح، وهنا لابد من معرفة ما هي المصالح الروسية في سوريا حتى نستطيع الكشف عن مبررات الدب الروسي من الأزمة السورية، وهي على النحو التالي:
1- تجاوزت نسبة الصادرات العسكرية الروسية لسوريا خط الــ 9% من مجمل الصادرات العسكرية الروسية.
2- وجود قاعدة بحرية روسية في مدينة طرطوس الساحلية التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، وهذا بعد استراتيجي هام لروسيا في ظل الهيمنة الأمريكية والغربية على منطقة الشرق الأوسط، وتكمن أهمية القاعدة البحرية في طرطوس كأحد الركائز الإستراتيجية في البحر المتوسط والتي وصفها الأميرال الروسي إيغور كاساتونوف بأنها تمنح القوات الروسية الوصول السريع إلى البحر الحمر والمحيط الأطلسي.
3- تجربة روسيا في تعاطيها مع الملف الليبي وموافقتها على القرار الأممي رقم 1973، والتي سمح للناتو بالتدخل في ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي أحد حلفاء موسكو.
4- موقع سوريا الجيو استراتيجي وفي حال تم تدويل الأزمة فإن انعكاساتها لن تبقى في حدود سوريا، فهناك اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين الحليفين الاستراتيجيين سوريا وإيران، وهناك موضوع الأقليات في سوريا فعلى سبيل المثال يعيش في سوريا أكثر من مليون كردي، وفي حال اندلاع أزمة قد تتأثر مناطق في تركيا والعراق وإيران، وقد يمتد إلى القوقاز، وهذا سيهدد مصالح موسكو لأن جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً مؤهلة للإصابة بعدوى الربيع العربي، بالإضافة إلى تحفيز الانفصاليين للانفصال عن روسيا مثل أزمة الشيشان.
5- قد يكون الموقف الروسي له ارتباط بالدرع الصاروخي الأمريكي في تركيا.
6- سقوط نظام الأسد هو بمثابة تضييق الخناق على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى حزب الله اللبناني، وهنا سوف تخسر روسيا نفوذاً هاماً في منطقة الشرق الأوسط عموماً، والخليج العربي بشكل خاص.
7- قد تتدخل الأسباب الروسية الداخلية في صياغة القرار الروسي، فروسيا مقبلة في شهر آذار المقبل على انتخابات رئاسية، وسيكون الموقف الروسي القوي في مجلس الأمن من أجل حماية الحلفاء هو بوابة الدخول إلى الكرملين.
مما سبق يأتي إصرار الموقف الروسي على دعم الحليف السوري، حتى وإن وصل الأمر لاستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار العربي في مجلس الأمن...
إن الأزمة السورية مقبلة على تفاعلات خطيرة، سيدفع ثمنها الشعب السوري، والأمة العربية والإسلامية كونها ستستنزف كل مقدرات سوريا البشرية والمادية، ولذلك نتمنى أن يتم التوصل إلى توافق بين القوى الكبرى على مشروع قرار يحمي سوريا من ويلات حرب أهلية، ولذلك ينبغي على بعض الدول العربية أن تنحي فكرة تصفية الحساب مع النظام السوري، وأن تعمل بكل ما لديها من إمكانيات لوقف مسلسل القتل في سوريا، والعمل على ذلك بدون تدويل الأزمة واللجوء إلى الخيار العسكري لإسقاط نظام الأسد، لأن انعكاسات تلك الخطوة ستعبر الحدود، ولن تبقى داخل الفضاء السوري...
التعليقات (0)