من منا ينكر دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منع التجاوزات غير أخلاقية في مجتمعنا، وكذلك دورها المشهود في منع المنكر بجميع صوره ولله الحمد والمنة، بل ان انجازاتها تجاوزت دورها المنوط بها ليشمل ادواراً أخرى هي من اختصاص أجهزة حكومية مستقلة تعنى بأمور مثل مكافحة المخدرات أو الشرط أو حتى الجوازات، وهذا الأمر يحسب لها وليس عليها بشهادة المختصين بتلك الأجهزة، ولكن بالمقابل هذا يشكل عبئاً على الهيئة ويلصق بها تهماً هي براء منها، فتجد ان هناك من يصور الهيئة بجهاز بوليسي سري يقوم بكل شيء ويبتعد عن دوره الأصلي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعلي هنا أتوقف عند المسمى وعلاقته بدور الهيئة فبرأيي الاجتهادي الخاص ان دور الهيئة هو (الحث على المعروف والنهي عن المنكر بالمعروف) وهذه هي الحسبة، ولكن لعل هناك من يقول ان الآية القرآنية تقول "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"، وفي هذه الآية سبق الدعوة إلى الخير الأمر بالمعروف، والفقهاء منهم من قال ان (من) في الآية بيانية أي كل الأمة عليها الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنهم من قال إن (من) تبعيضية أي فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن البقية، وأنا حقيقة أرجح الرأي الأول، فالله سبحانه وتعالى يأمرنا كأمة ان نتصف بهذه الصفات الحميدة مقارنة ببقية الأمم.
ولذلك وجب الاهتمام بهذا الجهاز وتحسين مستواه والرقي بمهارات أفراده ودعمه بكل ما يحتاجه لتحقيق رسالته السامية، وهذا لن يتأتى إلا إذا أصبح جزءاً من منظومة كبيرة لها عضوية بمجلس الوزراء مثل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، لتحصل على ما تحتاجه وتعرض مشكلاتها مباشرتا الي مقام خادم الحرمين وولي عهده الأمين وتحصل على التنسيق المطلوب من الوزراء في القطاعات الأخرى بطريقة قانونية رسمية،بالإضافة إلى أنه يحقق مفهوم الآية الكريمة (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير...الآية) وهذا هو اختصاص! الوزارة في الدعوة والإرشاد، والأمر والحث على المعروف والنهي عن المنكر هو أيضا إرشاد وتقويم وتعليم وتذكير بنفس الوقت، لان من قام بمنكر هو غافل أو ناس أو مكابر لأوامر وتعاليم الدين الحنيف ،فيجب إرشاده بالحسنى او تطبيق أوامر الدين فيه
وعادة تعطى استقلالية للهيئات إذا كانت تقوم بدور لها فيه منافس من القطاع الخاص، حتى تحصل على حرية الحركة والمنافسة، وهذا بالطبع لا ينطبق على هيئة الأمر بالمعروف، وتعطى الاستقلالية أيضا للهيئات التي تقوم بعمل خاص لا علاقة له بأي دائرة أو وزارة حكومية، وهذا أيضا ينافي الحقيقة، فوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تقوم بنفس الدور وان كان بشكل اشمل وهذا ما يجعل دخول هيئة الأمر بالمعروف تحت مظلتها أمراً مستساغ بل مستحسن، حيث يكون هناك وكيل للوزارة لشؤون الحسبة، كما حدث لرئاسة تعليم البنات حين انضمت لوزارة التعليم وهي التي كانت تعاني الأمرين في توصيل طلباتها لمجلس الوزراء وتجعل وزارة المعارف سابقا تقوم بهذا الدور، وكما هو معلوم صاحب الحاجة اخبر بمشاكله وطريقة عرضها، على أن ولاة الأمر ولله الحمد أبوابهم مفتوحة لكل المسئولين بل والشعب ولكن كما يقال لكل " مقام مقال".
وانأ أعتقد ان انضمام الهيئة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لن يعطل أي دور من ادوار الهيئة الحالية بل سيزيد من فعاليتها ويقوي التنسيق مع الدوائر الأخرى ويرفع كفاءة موظفيها، ويركز على الأدوار المهمة التي تحقق أهدافها، مثل تحسين سمعتها وتنقيتها من الأكاذيب التي تلصق بها، وإيجاد عنصر نسائي متدرب تابع لها، وزى خاص بأفرادها يميزهم حتى لا يندس من يعتبر نفسه متعاوناً بحسن نية ويدخلهم في إشكالات تحسب عليهم، ولعل من يريد ان يلصق تهماً بعد الآن او يدعو إلى إغلاق الهيئة ستقفل أمامه الأبواب ويجد نفسه أمام وزارة هي من الأسس والأركان التي قامت عليها هذه الدولة الفتية، ولعل جهاز الهيئة يكون له برئاسة تعليم البنات وكيف أصبحت بعد ضمها لوزارة التعليم خير دليل،، والله من وراء القصد.
عبد العزيز بن عبد الله الرشيد
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2008/07/29/article363545.html
التعليقات (0)