مواضيع اليوم

الموت لامريكا ... اللعنة على الغرب الكافر

حسنين السراج

2011-12-30 07:06:31

0

 

أحتد النقاش وتعالت الاصوات هذا يقول كل مصائبنا من الغرب الكافر والاخر يقول هناك مخطط غربي لأفساد الامة من خلال الانترنت والموبايل والستلايت . وثالث يقول يريدون أبعادنا عن ديننا . اجابه أحدهم مؤيدا ( والله كلامك عين العقل فعلا وقعنا بالفخ ونجحت المؤامرة ) . بعد قليل وقع بيد أحدهم خبر منشور في الجريدة يتحدث عن تمكن شخص ألماني من أختراع ضمادة تشعل ضوء أحمر أذا ألتهب الجرح . قرأ الخبر علينا منبهرا . اجابه احدهم بسرعة : (كذب هذا سارق ان من أخترع هذه الضمادة هو في الحقيقة شيخ مسلم لكن هذا الالماني سرق برائة الاختراع منه . تفاجأ الجميع وسأله احدهم من هذا الشيخ ومتى سمعت بالخبر . فقال له ( أن احد الشيوخ دعى في صلاته أن ينزل الله من السماء ضمادة تضيء في حال ألتهاب الجرح) ويبدو أن الضمادة نزلت قرب هذا الالماني فأدعى كاذبا أنه اخترعها ) نظر الجميع أليه نظرة أستغراب وأستفهام .

فقال لهم : ( عجيب أمركم ! قبل قليل كان الغرب الكافر يخطط لهدم الدين والان لا تصدقون أن أحدهم سرق أختراع من رجل دين مسلم . انتم تعلمون جيدا أن الله لن ينزل أختراعات من السماء وتعلمون جيدا أن رجل الدين لم ولن يخترع أبرة والفضل في كل ما نعيش فيه من تطور يعود للغرب الكافر . كيف لا يستحي رجال الدين ومن يتناغم معهم حين يصرخون باعلى صوتهم متمنين أن يقتل الله الكفار وهم يتمتعون بأختراعاتهم . ( أجاب احدهم بغيظ – يا أخي مسارقين منهم شي مشتريهة بفلوسنة - ) أجابه : ( لو أراد الغرب أحتكار التطور لنفسه والأستغناء عن الفائدة المادية التي يجنيها منا لفعل وتخيل كيف سيكون وضعنا حينها ) .

قبل فترة كان أحد رجال الدين يصرخ باعلى صوته مناديا بموت الغرب الكافر . من حقه ذلك لكن عليه اولا أن يعيش في خيمة أو في بيت من الطين أو اللبن ويستخدم الفرس في التنقل ويستغني عن المكيف الهوائي ويستخدم الزير ( الحب ) لشرب الماء ولا يستخدم التلفاز لأيصال صوته ألينا لأن كل هذه الأمور من أختراع الغرب الكافر هذا فضلا عن استخدام السماعات المكبرة للصوت . 

أستغني عنهم بشكل كامل ولا تستفيد من أبداعاتهم بعد ذلك ليغرد لسانك في سبهم . من المعيب أن تقلل من شان أمة وأنت لا تستطيع الاستغناء عن أنتاجها . قبل فترة كنت أقلب في الفيس بوك فلفت أنتباهي صفحة أسمها ( دولة العراق الاسلامية ) وهي كما نعلم تمثل تنظيم القاعدة في العراق . هل وجدتم خسة أكبر من هذه الخسة ؟ في ان يستخدمون التقنية الامريكية ( الحاسوب ) والخدمة الأمريكية ( الانترنت ) والموقع الامريكي ( الفيس بوك ) في معاداة الأمريكان . كيف تريدني ان اؤمن بافكارك وأعادي امريكا وأنت لا تملك ما تواجهه بها سوى مخترعاتها . هذا يعني أنك لا تملك شيء سوى الموت والكراهية وامريكا تملك حتى أدواتك الخاصة للتواصل مع مريديك ولولا أمريكا لما عرفنا ما هي افكارك . كيف تواجه أمريكا وتريد قتل شعبها وأنت لا تملك حتى أدوات خاصة بك تنشر بها أفكارك ؟ 


أما الصفحة الاكثر أثارة للسخرية هي صفحة (الموت لأمريكا قاطعوا البضاعة الامريكية ) يطلب من الناس مقاطعة البضاعة الامريكية وهو يستخدم تقنية أمريكية وتكنلوجيا أمريكية وموقع أمريكي هل وجدتم وقاحة أكثر من هذه ؟ 

الاولى بهؤلاء ومن لف لفهم أن يرسلوا رسائلهم التحريضية عبر الحمام الزاجل أو على ظهر الحمير (أو يرسل منادي يحمل طبل كبير يظرب عليه مناديا يا قوم ...) لان هذه الادوات هي الوحيدة التي يستغنون بها عن الغرب الكافر . هل وجدتم في حياتكم رجل دين أخترع شيء مفيد للناس ؟ هل وجدتم في حياتكم نظرية علمية من أكتشاف رجل دين وأقصد رجل دين مجرد وليس رجل دين متعلم لان هناك رجال دين يدرسون أختصاصات أخرى ويبدعون في مجال أختصاصهم . 
لم ولن يتمكن رجل الدين من تطوير المجتمع تقنيا . وهذا ليس شيء معيب على رجل الدين فليس من أختصاصه أختراع ادوات وليس من أختصاصه أكتشاف نظريات علمية . لرجل الدين أختصاص اخر مختلف . 

لنتخيل للحظة أننا نعيش وحدنا بدون غرب كافر ويقودنا رجال الدين فقط . تخيلوا شكل الحياة . هل لكم أن تتخيلوا عدم وجود كل المخترعات الغربية ؟ سنكون أقوام بدائية تعيش على الصيد والرعي وسنبدع في كتابة الشعر والتمنطق في الكلام وكل عام سيأتي زغيم جديد يقتل الزعيم السابق ليترأس علينا . على رجل الدين ومن يؤيده أن يمتدح النعمة التي يتنعم بها من الغرب الكافر ويفرق بين أنتقاد سياستهم الخارجية تجاهنا وبين مجهودهم الحضاري القيم .

 
ان رجل الدين يعتقد أنه يستطيع أن يوفر نظام متكامل للانسان . لكنه في الحقيقة لم يرينا ولو نموذج بسيط من هذا النظام المتكامل الذي يستغني به عن الاخرين بل لم يتمكن هو على الصعيد الشخصي من الاستغناء عنهم . قد يقول أحدهم رجل الدين مهتم بتوفير الرفاهية للانسان في العالم الاخر . في الاخرة وهي الاهم كونها أبدية أما الدنيا فهي زائلة وغير دائمة . 

الحقيقة أن الانسان يبحث عن حياة مريحة ومستقرة ويبحث عن العدالة الاجتماعية فليس من المعقول أن يقول له رجل الدين ( كن كعلي أبن أبي طالب وليقتصر طعامك على الخبز والماء ) في حين أن رجل الدين نفسه ياخذ على المحاضرة الواحدة التي مدتها ساعة ما مقداره 50000 دينار عراقي ما يعادل 40 دولار . رجل الدين أنسان ومن حقه أن يبحث عن لقمة العيش لكن هل ما يتحدث به واقعي ؟ هل ألتزم هو بأسلوب حياة علي أبن أبي طالب . رجل الدين يتحدث بمثاليات لا واقع لها في حياته .
قبل فترة شاهدت رجل دين يتحدث مع الناس عن الاخلاق الحميدة والالتزام بمنهج الاسلام الأخلاقي . بعد فترة مررت قرب بيته فسمعت أحد أبنائه الصغار يسب ويشتم في الشارع بطريقة مثيرة للاشمئزاز وابسط كلمة قالها ( أنعل أبوك لابو... ) ولك أن تتصور الحد الاعلى . 

نسبة كبيرة من رجال الدين يتحدثون بلغة مثالية لا يستطيعون الوصول لعشرها في واقعهم الشخصي . رجل الدين يتمتع بمشاهدة التلفاز وبأستخدام الهاتف النقال وبكل الرفاهية الاجتماعية التي يوفرها الغرب . لكنه لا يجرؤ على مدحهم وأنصافهم من باب الجحود مرة ومن باب الخوف من خسارة شعبيته مرة أخرى .

والامر طبعا لا يقتصر على رجال الدين فظاهرة لعن الغرب الكافر والتمتع بكل قيمهم التقنية ظاهرة عامة . الكثير من الناس من يعتقد أن الغرب يعادي الدين الاسلامي ويحاربه ويبيت النية لتشويهه . السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يفعل الغرب ذلك ؟ والجواب ضاع مني مع الأسف الشديد . 

المنتمين للتيار القومي يركبون في نفس القارب مع المنتمين للتيار الديني . فهم أيضا يمجدون بأنتمائهم القومي ويسبون الأمبريالية ثم يصلون الى بيوتهم ليتابعوا الاخبار عبر تلفاز امبريالي ويأخذون القيلولة على مكيف هواء أمبريالي ويتصلون بأشقائهم بالعروبة عبر تقنية أمبريالية ويدخلون الماسنجر الامبريالي . 

أعلم أن الأستفادة من هذه الخدمات ليست مجانية وكل شيء بثمنه . لكن لو أراد الغرب حجبها عنا من البداية لم ولن نتمكن من أختراع سيارة وتلفاز وأنترنت ولا بعد ألف عام . ان الشعور بالامتنان أمر أخلاقي كما أن أنتقادهم سياسيا وأجتماعيا أمر ضروري عند الحاجة اليه . حين أتخيل نفسي بدون مخترعات الغرب ومحاط برجال الدين والقوميين فقط لا أتخيل نفسي الا (أنا والصحراء والوجه الحسن ). 

أن المشكلة تكمن في أحساس وهمي بالسمو ينتاب القوميين والمتدينين يجعلهم يشعرون أنهم محور العالم وكل العالم يحوك حولهم المؤامرات والدسائس لأسقاطهم من اعلى القمة لكن الواقع يقول غير ذلك . 

أحد الاشخاص يعمل مع شركة أمريكية . حين يتجاذبون أطراف الحديث يتحدث عن المقاومة ودور فلان الفلاني في حماية شرف العراق والحفاظ على ماء وجه العراقيين ويكرر كثيرا جملة : ( بس فلان بطل بس فلان شريف ) قال له أحدهم مرة : ( يا أخي ليش متترك الامريكان وتروح لفلان الفلاني هو ينطيك راتب ما دام أنت هيجي معجب بي بعدين صاحبك يحرم العمل مع الامريكان ليش ما تمتثل لاوامره ) لم يجيبه طبعا لسبب بسيط وهو أنه يريد أن تسري المثاليات والوطنيات والحلال والحرام على غيره ويكتفي هو بشرف ترديد شعارات فارغة طالما أن القيمة العليا بالنسبة له هي المصلحة ثم المصلحة ثم المصلحة .

المشكلة الاكبر تكمن في هؤلاء الذين يعيشون في دول أوربية ويحرضون عليها في الجوامع التي شيدوها على أراضيها . والتقصير الحقيقي يكمن في هذه الدول التي تعطي حق اللجوء لمجموعة من الجاحدين المارقين . من المستغرب أن تقوم هذه الدول بمنح هؤلاء حق اللجوء ! ولا ادري ماذا تستفيد من وجودهم ؟ 


لو كان هناك تفوق حقيقي يجعل العرب والمسلمين مصدر خطر لكانت قصة المؤامرات الغربية معقولة , لكن الواقع يقول اننا نعتمد في كل شيء من الابرة الى الصاروخ على الغرب . ولو كان الفكر الديني والقومي يؤدي الى تحول العرب والمسلمين الى أسياد العالم فلم يستفيد العرب والمسلمين من هذه النعمة ألبتة . وكل ما لديهم هو ملاحقة التطور الغربي وربطه بايات قرانية بأسم الاعجاز العلمي ولو لم يكتشف الغرب النظرية التي ربطوها بالاية الفلانية لما قالوا أنها تشير الى أكتشاف علمي ولا بعد مليون سنة . نعم حين كان عندنا عالم أسمه أبن الهيثم كنا منافسين حقيقيين بل كنا رواد . فمن بوادر أختراعاته وصلت التقنيات البصرية الى ما هي عليه الان لكننا مع شديد الاسف لا نملك أبن الهيثم الان .

أنها عقدة الشعور بالتفوق القومي والديني في ظل تفوق الاخرين التكنلوجي تؤدي الى النكوص والشعور بالمظلومية الذي يؤدي الى تخيل وجود مؤامرات ودسائس . وحتى على فرض وجود مؤامرة للأطاحة بالمسلمين فهذا ليس شيء جديد ولاغريب فهذا هو الانسان يحارب أخيه الانسان منذ الازل ولا يوجد جديد في هذا الامر و سيبقى الانسان يسير وفق منطق القوي ياكل الضعيف الى اشعار اخر . 

 

أحتد النقاش وتعالت الاصوات هذا يقول كل مصائبنا من الغرب الكافر والاخر يقول هناك مخطط غربي لأفساد الامة من خلال الانترنت والموبايل والستلايت . وثالث يقول يريدون أبعادنا عن ديننا . اجابه أحدهم مؤيدا ( والله كلامك عين العقل فعلا وقعنا بالفخ ونجحت المؤامرة ) . بعد قليل وقع بيد أحدهم خبر منشور في الجريدة يتحدث عن تمكن شخص ألماني من أختراع ضمادة تشعل ضوء أحمر أذا ألتهب الجرح . قرأ الخبر علينا منبهرا . اجابه احدهم بسرعة : (كذب هذا سارق ان من أخترع هذه الضمادة هو في الحقيقة شيخ مسلم لكن هذا الالماني سرق برائة الاختراع منه . تفاجأ الجميع وسأله احدهم من هذا الشيخ ومتى سمعت بالخبر . فقال له ( أن احد الشيوخ دعى في صلاته أن ينزل الله من السماء ضمادة تضيء في حال ألتهاب الجرح) ويبدو أن الضمادة نزلت قرب هذا الالماني فأدعى كاذبا أنه اخترعها ) نظر الجميع أليه نظرة أستغراب وأستفهام .

 

 

 

فقال لهم : ( عجيب أمركم ! قبل قليل كان الغرب الكافر يخطط لهدم الدين والان لا تصدقون أن أحدهم سرق أختراع من رجل دين مسلم . انتم تعلمون جيدا أن الله لن ينزل أختراعات من السماء وتعلمون جيدا أن رجل الدين لم ولن يخترع أبرة والفضل في كل ما نعيش فيه من تطور يعود للغرب الكافر . كيف لا يستحي رجال الدين ومن يتناغم معهم حين يصرخون باعلى صوتهم متمنين أن يقتل الله الكفار وهم يتمتعون بأختراعاتهم . 
( أجاب احدهم بغيظ – يا أخي مسارقين منهم شي مشتريهة بفلوسنة - ) أجابه : ( لو أراد الغرب أحتكار التطور لنفسه والأستغناء عن الفائدة المادية التي يجنيها منا لفعل وتخيل كيف سيكون وضعنا حينها ) .



قبل فترة كان أحد رجال الدين يصرخ باعلى صوته مناديا بموت الغرب الكافر . من حقه ذلك لكن عليه اولا أن يعيش في خيمة أو في بيت من الطين أو اللبن ويستخدم الفرس في التنقل ويستغني عن المكيف الهوائي ويستخدم الزير ( الحب ) لشرب الماء ولا يستخدم التلفاز لأيصال صوته ألينا لأن كل هذه الأمور من أختراع الغرب الكافر هذا فضلا عن استخدام السماعات المكبرة للصوت . 

أستغني عنهم بشكل كامل ولا تستفيد من أبداعاتهم بعد ذلك ليغرد لسانك في سبهم . من المعيب أن تقلل من شان أمة وأنت لا تستطيع الاستغناء عن أنتاجها . قبل فترة كنت أقلب في الفيس بوك فلفت أنتباهي صفحة أسمها ( دولة العراق الاسلامية ) وهي كما نعلم تمثل تنظيم القاعدة في العراق . هل وجدتم خسة أكبر من هذه الخسة ؟ في ان يستخدمون التقنية الامريكية ( الحاسوب ) والخدمة الأمريكية ( الانترنت ) والموقع الامريكي ( الفيس بوك ) في معاداة الأمريكان . كيف تريدني ان اؤمن بافكارك وأعادي امريكا وأنت لا تملك ما تواجهه بها سوى مخترعاتها . هذا يعني أنك لا تملك شيء سوى الموت والكراهية وامريكا تملك حتى أدواتك الخاصة للتواصل مع مريديك ولولا أمريكا لما عرفنا ما هي افكارك . كيف تواجه أمريكا وتريد قتل شعبها وأنت لا تملك حتى أدوات خاصة بك تنشر بها أفكارك ؟ 


أما الصفحة الاكثر أثارة للسخرية هي صفحة (الموت لأمريكا قاطعوا البضاعة الامريكية ) يطلب من الناس مقاطعة البضاعة الامريكية وهو يستخدم تقنية أمريكية وتكنلوجيا أمريكية وموقع أمريكي هل وجدتم وقاحة أكثر من هذه ؟ 

الاولى بهؤلاء ومن لف لفهم أن يرسلوا رسائلهم التحريضية عبر الحمام الزاجل أو على ظهر الحمير (أو يرسل منادي يحمل طبل كبير يظرب عليه مناديا يا قوم ...) لان هذه الادوات هي الوحيدة التي يستغنون بها عن الغرب الكافر . هل وجدتم في حياتكم رجل دين أخترع شيء مفيد للناس ؟ هل وجدتم في حياتكم نظرية علمية من أكتشاف رجل دين وأقصد رجل دين مجرد وليس رجل دين متعلم لان هناك رجال دين يدرسون أختصاصات أخرى ويبدعون في مجال أختصاصهم . 
لم ولن يتمكن رجل الدين من تطوير المجتمع تقنيا . وهذا ليس شيء معيب على رجل الدين فليس من أختصاصه أختراع ادوات وليس من أختصاصه أكتشاف نظريات علمية . لرجل الدين أختصاص اخر مختلف . 

لنتخيل للحظة أننا نعيش وحدنا بدون غرب كافر ويقودنا رجال الدين فقط . تخيلوا شكل الحياة . هل لكم أن تتخيلوا عدم وجود كل المخترعات الغربية ؟ سنكون أقوام بدائية تعيش على الصيد والرعي وسنبدع في كتابة الشعر والتمنطق في الكلام وكل عام سيأتي زغيم جديد يقتل الزعيم السابق ليترأس علينا . على رجل الدين ومن يؤيده أن يمتدح النعمة التي يتنعم بها من الغرب الكافر ويفرق بين أنتقاد سياستهم الخارجية تجاهنا وبين مجهودهم الحضاري القيم . 
ان رجل الدين يعتقد أنه يستطيع أن يوفر نظام متكامل للانسان . لكنه في الحقيقة لم يرينا ولو نموذج بسيط من هذا النظام المتكامل الذي يستغني به عن الاخرين بل لم يتمكن هو على الصعيد الشخصي من الاستغناء عنهم . قد يقول أحدهم رجل الدين مهتم بتوفير الرفاهية للانسان في العالم الاخر . في الاخرة وهي الاهم كونها أبدية أما الدنيا فهي زائلة وغير دائمة . 

الحقيقة أن الانسان يبحث عن حياة مريحة ومستقرة ويبحث عن العدالة الاجتماعية فليس من المعقول أن يقول له رجل الدين ( كن كعلي أبن أبي طالب وليقتصر طعامك على الخبز والماء ) في حين أن رجل الدين نفسه ياخذ على المحاضرة الواحدة التي مدتها ساعة ما مقداره 50000 دينار عراقي ما يعادل 40 دولار . رجل الدين أنسان ومن حقه أن يبحث عن لقمة العيش لكن هل ما يتحدث به واقعي ؟ هل ألتزم هو بأسلوب حياة علي أبن أبي طالب . رجل الدين يتحدث بمثاليات لا واقع لها في حياته .
قبل فترة شاهدت رجل دين يتحدث مع الناس عن الاخلاق الحميدة والالتزام بمنهج الاسلام الأخلاقي . بعد فترة مررت قرب بيته فسمعت أحد أبنائه الصغار يسب ويشتم في الشارع بطريقة مثيرة للاشمئزاز وابسط كلمة قالها ( أنعل أبوك لابو... ) ولك أن تتصور الحد الاعلى . 

نسبة كبيرة من رجال الدين يتحدثون بلغة مثالية لا يستطيعون الوصول لعشرها في واقعهم الشخصي . رجل الدين يتمتع بمشاهدة التلفاز وبأستخدام الهاتف النقال وبكل الرفاهية الاجتماعية التي يوفرها الغرب . لكنه لا يجرؤ على مدحهم وأنصافهم من باب الجحود مرة ومن باب الخوف من خسارة شعبيته مرة أخرى .

والامر طبعا لا يقتصر على رجال الدين فظاهرة لعن الغرب الكافر والتمتع بكل قيمهم التقنية ظاهرة عامة . الكثير من الناس من يعتقد أن الغرب يعادي الدين الاسلامي ويحاربه ويبيت النية لتشويهه . السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يفعل الغرب ذلك ؟ والجواب ضاع مني مع الأسف الشديد . 

المنتمين للتيار القومي يركبون في نفس القارب مع المنتمين للتيار الديني . فهم أيضا يمجدون بأنتمائهم القومي ويسبون الأمبريالية ثم يصلون الى بيوتهم ليتابعوا الاخبار عبر تلفاز امبريالي ويأخذون القيلولة على مكيف هواء أمبريالي ويتصلون بأشقائهم بالعروبة عبر تقنية أمبريالية ويدخلون الماسنجر الامبريالي . 

أعلم أن الأستفادة من هذه الخدمات ليست مجانية وكل شيء بثمنه . لكن لو أراد الغرب حجبها عنا من البداية لم ولن نتمكن من أختراع سيارة وتلفاز وأنترنت ولا بعد ألف عام . ان الشعور بالامتنان أمر أخلاقي كما أن أنتقادهم سياسيا وأجتماعيا أمر ضروري عند الحاجة اليه . حين أتخيل نفسي بدون مخترعات الغرب ومحاط برجال الدين والقوميين فقط لا أتخيل نفسي الا (أنا والصحراء والوجه الحسن ). 

أن المشكلة تكمن في أحساس وهمي بالسمو ينتاب القوميين والمتدينين يجعلهم يشعرون أنهم محور العالم وكل العالم يحوك حولهم المؤامرات والدسائس لأسقاطهم من اعلى القمة لكن الواقع يقول غير ذلك . 

أحد الاشخاص يعمل مع شركة أمريكية . حين يتجاذبون أطراف الحديث يتحدث عن المقاومة ودور فلان الفلاني في حماية شرف العراق والحفاظ على ماء وجه العراقيين ويكرر كثيرا جملة : ( بس فلان بطل بس فلان شريف ) قال له أحدهم مرة : ( يا أخي ليش متترك الامريكان وتروح لفلان الفلاني هو ينطيك راتب ما دام أنت هيجي معجب بي بعدين صاحبك يحرم العمل مع الامريكان ليش ما تمتثل لاوامره ) لم يجيبه طبعا لسبب بسيط وهو أنه يريد أن تسري المثاليات والوطنيات والحلال والحرام على غيره ويكتفي هو بشرف ترديد شعارات فارغة طالما أن القيمة العليا بالنسبة له هي المصلحة ثم المصلحة ثم المصلحة .

المشكلة الاكبر تكمن في هؤلاء الذين يعيشون في دول أوربية ويحرضون عليها في الجوامع التي شيدوها على أراضيها . والتقصير الحقيقي يكمن في هذه الدول التي تعطي حق اللجوء لمجموعة من الجاحدين المارقين . من المستغرب أن تقوم هذه الدول بمنح هؤلاء حق اللجوء ! ولا ادري ماذا تستفيد من وجودهم ؟ 


لو كان هناك تفوق حقيقي يجعل العرب والمسلمين مصدر خطر لكانت قصة المؤامرات الغربية معقولة , لكن الواقع يقول اننا نعتمد في كل شيء من الابرة الى الصاروخ على الغرب . ولو كان الفكر الديني والقومي يؤدي الى تحول العرب والمسلمين الى أسياد العالم فلم يستفيد العرب والمسلمين من هذه النعمة ألبتة . وكل ما لديهم هو ملاحقة التطور الغربي وربطه بايات قرانية بأسم الاعجاز العلمي ولو لم يكتشف الغرب النظرية التي ربطوها بالاية الفلانية لما قالوا أنها تشير الى أكتشاف علمي ولا بعد مليون سنة . نعم حين كان عندنا عالم أسمه أبن الهيثم كنا منافسين حقيقيين بل كنا رواد . فمن بوادر أختراعاته وصلت التقنيات البصرية الى ما هي عليه الان لكننا مع شديد الاسف لا نملك أبن الهيثم الان .

أنها عقدة الشعور بالتفوق القومي والديني في ظل تفوق الاخرين التكنلوجي تؤدي الى النكوص والشعور بالمظلومية الذي يؤدي الى تخيل وجود مؤامرات ودسائس . وحتى على فرض وجود مؤامرة للأطاحة بالمسلمين فهذا ليس شيء جديد ولاغريب فهذا هو الانسان يحارب أخيه الانسان منذ الازل ولا يوجد جديد في هذا الامر و سيبقى الانسان يسير وفق منطق القوي ياكل الضعيف الى اشعار اخر . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !