ماهر حسين.
قدر الله عز وجل لي أن افقد والدي في فترة مبكرة في حياتي ولقد شكل هذا أساس لبناء شخصيتي حيث أمنت دوما" بضرورة ممارسة دور اكبر على صعيد الأسرة وبكل صدق لا أدعي القيام بــدور خارق ولكن في ظل عظمة تضحيات والدتي رحمها الله أعتقد بأنني كنت مساعدا" لها لاستقرار الأسرة ولاستمرار المسيرة .
قبل وفاة والدتي رحمها الله بأيام قالت لي ...أخيرا" أنا جاهزة للقـــاء (أبوك حسين ) لأقول له (لقد أكملت مشوارك ) ...هذه الكلمات البسيطة تتجاوز في معنـــاها الحب العادي وتتجاوز كل ما تعارفنا عليه من كلمـــات للتعبير عن المسؤولية ...(أكملت المشوار ) تلك هي المهمة ولقد تمت وحان موعد اللقاء من جديد ...وبعد أعوام وأعوام من الفراق الطويل ....رحم الله والدي ووالدتي .
وبالطبع وبحكم غيـــاب الأب المبكر تأثرت بالعديد من الشخصيات ...منها من يبحث عنك وصلا" لرحم ومنها من هو راغبا" بنجاحك ومنها من هو محبا" أو صديقا" لوالدك ... كنت أتعامل مع كل الشخصيات بحثا" عن والدي ..فأجده بقصه من هنا أو موقف من هنــــاك .....كنت وما زلت أحب أن استمع لأي قصــــة عنه وأخرها كانت منذ أيام ...وبكل الأحوال كان والدي رحمــــه الله كثير الحب لوصل الرحم وفي ظل كل تلك الشخصيات ..كان هناك رجـــل ....رجلا" له طابعا" خاصا" ... له موقفا" خاصا" وحضورا" كبيرا" ...هيبة وخوف واحترام وتقدير وبالطبـــع حب كنت أراه وأحسه ...هو رجل أحببته كثيرا" وخشيته وتعلمت منه الكثير الكثير فشكل لي الناصح والصديق والكبير الذي اعتبر مواقفه منهاج اجتماعي وعائلي هو ذلك الرجــــل الذي كان (الجد)و(العم)و(الصديق) والناصح ...هو حبيبي وصديقي وعمي ..هو الحاج أحمد الناصر (سيدي أبو ناصر ) الذي تعلمت منه كيف يكون الانتماء للوطن وللبلدة وللحارة وكيف يكون الموقف في العائلة ...تعلمت منه بان مواقف الرجــال لحظات للقاء مع التاريخ ولا يجب أن تمر تلك اللحظات مرور الكرام بل يجب أن تحمل بصمة لصاحبهــــا ...لتكون تعبيرا" عن رجولة وإيمـــان ....هو حبيبي وصديقي وعمي (سيدي أبو ناصر) ذلك الرجل الذي ستفتقد الرجولة من قيمتهــــــــــا من بعده فلقد كان مثالا" للرجولة ...هو حبيبي وصديقي وعمي (سيدي أبو ناصر ) ...الذي قدر الله عز وجل له أن يفارق الحياة البارحة الموافق 25/3/2012 ... حيث كان يتمنى رحمه الله أن يكون قبره إلى جانب أمـــه وأبيه في بلدته التي أحب فلقد عشق تلك البقعــــة من الأرض وعاشهـــــــــــــا في فكره وقلبه وعقله بأيام حياته كلـــها وكان يذكرها كثيرا" بأيامه الأخيرة مما جعل أخي وأبنه ناصر يستخدم حبه لأرضه وأرض الأجداد لإفاقته من الغيبوبة ولقد نجح في ذلك حيث استجاب سيدي له بمجرد ذكره لـــ(صيدا) ....أخذني يوما" معه إلى هناك فعانق شجرة وقال لي (تلك الشجرة زرعتها ستك عندما ولد أبيك ) ..ولقد تم سؤاله رحمه الله منذ أيــــــــــام عن الشخص الذي وودت بلقائه لوقت أكثر ....فقال رحمــــــــــــــه الله (أبو عمــــار) ...لقد كان رجلا" ...فلسطينيا" ....ينتمي لبلده ولحارته ولعائلته ........ أراه الآن في عقلي وروحي أعز الرجـــال وواحد من أعظم الرجــــال وأراني أحاول أن أٌقبل يديه فيرفض على عادتـــــه ولا أقول سوى ...رحمك الله يا سيدي أبو ناصر ....ولا حول ولا قوة إلا بالله ....
فالموت يلتقي من نحب ومن لا نحب ....ويلتقي القريب والبعيد ...و يلتقي الصديق والعدو ..والغني والفقير ...بل أن الموت يلتقي الجميع ولكن في لقاء الموت مع الأحبة يكون لنا كلمـــــة...هي كلمة للتاريخ لعل أحفاده يقرءوها يوما" ....فانا لا أخشى على من عرفوه منهم ولكني أخشى على من لم يعرفوه ...وأخيرا"
أقول سيدي أبو ناصر ....وداعا" والى لقــــــــــــــــــاء فاللقاء مع الموت حق ...وفي مصيبتنا نقول لا حول ولا قوة إلا بالله و نستذكر المصيبة الكبرى التي حلت بالإنسانية بوفاة سيد الخلق ..الحبيب والقائد والمعلم والرسول محمد بن عبدا لله صلى الله عليه وسلم .
التعليقات (0)