كلُّ شيءٍ في زمننا أصبح يُباعُ بالتقسيط ، بدءاً بالمسكن ، والملبس ، والمأكل والمشرب ، والتجهيز الكهرومنزلي ، والسيارة ، وينتهي بحبال العبودية حول الأعناق ، ومُوالاة أربابٍ كُثر يتحكمون في حيواتنا بضرورياتها وكمالياتها بأجهزة شبيهة بأجهزة (الريموت كونترول) أي التحكم عن بعد.
ورغم أن (سياسة التقيسط )هذه وفرت علينا عناء الشح والإقتصاد، برواتبنا الشحيحة أصلا ، إلا أنها في حقيقتها إمتدادا لسياسة تعمل عكسيا من أجل إراحتنا من الحياة ، لأن التقسيط يشمل الموت أيضاً.
نعم أصبح الموت في عالمنا اليوم يتم بالتقسيط ، وتجاره يعرفون جيدا أين يدسون بضاعتهم ، ويعرفون أيضا كيف يصنعون الأزمات الكفيلة بتسريب بضاعتهم ...وحتى تعرفهم يكفيك أن تكون عربيا أو مُسلما لتأتيك العروض وبدون طلب.
فالأوطان العربية رُوضت جيدا لتصبح مُستهلكة لكل شيء ، وتستقبل كل شيء ، رغم طاقاتها وإمكانياتها التي كان من الممكن أن تجعلها حضارة قائمة على إنتاجها المحلي .. ولأنه يصعُب فصل العروبة عن (الإسلام) ، فقد تم التركيز على الهدف المُزدوج : العرب ودينهم معاً...لذا لم تعُد الأوضاعُ في الشارع العربي مُستغرَبة ، ولا الإستفزازات ، والركلات ، واللكمات ، في باحات المساجد مصدر تعجب ، لأن كل قتيل ، وكل جريحٍ في صفوف العرب والمسلمين يعني جُرعة زائدة من جُرُعات الموت المُقسّطة والمُوزعة على كل حفنةٍ من المواطنين .
تاج الديـــن : 2009
التعليقات (0)