مواضيع اليوم

المهووس الأحمق يقع فى مأزق والثعلب لا يترفق

حسن توفيق

2009-04-14 22:25:55

0

المهووس الأحمق.. يقع في مأزق .. والثعلب لايترفق

 من مقامات مجنون العرب

لن أسمح أبداً لمجنون أو عاقل.. أن يناقشني فيما أنا فاعل.. وطالما أني
أحب النساء.. فلابد أن أتزوج منهن كما أشاء.. وقد جربت المرأة العربية
الحسناء.. لكني طلقتها بسرعة.. لما فضحتني وقالت إني سييء السمعة.. وحين تنازلت
وقررت الزواج من امرأة منحطة.. تسمي نفسها «مالطة».. وجدتها تتحول فجأة
إلى أشرس قطة.. وابتعدت عني قائلة إن هذا الزواج أكبر غلطة.
خوفاً من أن يقتلني الرجال.. أحطتُ نفسي بفتيات يعرفن فنون القتال..
وأحطتُ نفسي بالماعز والجمال.. وأخذت أتغزل في امرأة من إفريقيا.. رغم أنها
تعاني من فقر الدم والأنيميا.. وقلت لها بنبرة فيها ما فيها من إغراء.. إني
أحبك أيتها الجميلة السوداء.. وسأظل أحبك دون انتهاء.. وسأدفع مهرك
بالملايين.. حتى لو قال أعدائي إني صرت من المجانين.. لكني - كما قلت - لن أسمح
لمجنون أو عاقل.. أن يناقشني فيما أنا فاعل.


قالت المرأة الأفريقية في الحال.. إن زواجنا الآن محال.. فلابد أولا أن
تتحسن الأحوال.. ولا يمكن أن تتحسن هذه الأحوال.. إلا إذا بعثرتُ عليها وعلى
أقاربها الأموال.. حتى يتجنبوا بؤس الحياة في الأدغال.. ويهربوا مما
يواجههم من أهوال.


فجأة وجدتُ نفسي في العراء.. بعد أن انفضحتُ أمام الأصدقاء والأعداء..
خصوصا بعد أن رفضتني نساء كثيرات.. ورغم أن فيهن جميلات.. إلا أني اعتبرتهن
رذيلات.. لأنهن رفضن الزواج مني.. وابتعدن - واحدة تلو أخرى - عني.. وقد
أغاظتني إحداهن.. وتركتني أتوجع وأئن.. حين قالت لي أني مهووس أحمق.. ولهذا
أقع دوما في مأزق.. كما اغاظتني امرأة أخرى لئيمة.. لكنها تزعم أنها
حكيمة.. مؤكدة أن الثعلب لايترفق.. بأي مهووس يوقع نفسه في مأزق.. خصوصا حين
تظل الحفرة تتعمق.. ولم تتردد هذه المرأة اللئيمة.. أن تقول إني ارتكبت ضد
أهلي أبشع جريمة.. وإني قد قتلتُ من قتلت.. ونسفتُ ما نسفت.. كما فشلتُ في
الزواج ممن أحببت.. وأخيرا فإني ركعتُ واستسلمت!.


أحس المجنون أن الهواء. لا يحمل إليه غير رائحة المآسي السوداء.. وأخذ
يبكي ويضحك حين تأمل الصحراء.. فوجد أنها تتشابه مع رأسه الصلعاء.. ولمح
المجنون رجلا يهذي ويصيح.. وتبدو عيناه زائغتين في الفضاء الفسيح.. فاندفع
إليه بكل فضول.. وسأله وهو في شبه ذهول:
- لماذا تأكل قشر البطيخ؟
= لأني كنت أحلم أن تصبح هذه الصحراء.. أرضا خصبة خضراء.. وحين يئست من
الأحلام.. حكمتُ عليها بالإعدام.. فأنا لا أطيق هذا اللون الأصفر.. ولهذا
تراني ألتهم الآن قشر البطيخ لأنه أخضر!.
- لكني رغم ما يقال عن جنوني.. من جانب الذين رافقوني أو صادقوني.. أحب أن
أؤكد لك الآن.. أن العين لاتستمتع إلا بتنوع الألوان.
= أتحاول أن تجعل إيماني بالأخضر يتزعزع.. هذا محال أيها المجنون الأصلع..
وإلا ضربتك كما يضربون حمارا يتعثر في مطلع!.
خاف المجنون من لجوء الرجل للعنف.. بعد أن لمح قربه ألف سيف وسيف.. لكنه
اطمأن لما رأى السيوف يكسوها الصدأ.. كأنها تؤكد أن نور المجد قد انطفأ..
وانطلق المجنون في قلب الصحراء.. وفجأة ثارت عاصفة سوداء.. وشوهد الثعلب
يتقدم في قلب العاصفة.. دون أن تمنعه من التقدم أية اشجار واقفة.. لأن
الاقنعة الخضراء كانت زائفة.
- لماذا أتيت أيها الثعلب؟
= هل تظن يامجنون أني ألهو أو ألعب.. إن المهووس الأحمق.. قد أوقع نفسه في
مأزق.. وأنت تعلم أني لا أترفق.. إن المهووس يطلب الزواج من أمريكية
بيضاء.. بشرط أن تأكل قشور البطيخ الخضراء.. لكنه ارتعد من العاصفة السوداء..
وتخلى عن شرطه دون إبطاء.. والآن عليك أن تبتعد يامجنون عن طريقي.. حتى لا
أصب عليك سيول حريقي.
غلت نار الغضب عند المجنون وثار.. وقال ساخرا من الثعلب المكار.. إنك
تتقدم الآن ولكن من غير ذيل.. بعد أن ذقتَ ماذقتَ من أطباق الويل.. وذات يوم
سيتوحد لقتلك الكل.. وساعتها سأقدم للكل الياسمين والفل.. وما هي إلا
لحظات.. حتى انطلق صوت ساخر النبرات:

رفع الثعلبُ كأساً
من كؤوس الماكريناَ
شربَ المهووسُ منه
فتداعَى مستكينا
وتلوى فوق رملٍ
لاعقا ًذلاً وطينا
والزواجُ الآن أضحى
وَهمَ مهووسٍ أهينَا
ليسَ للثعلب عهدٌ
لا ولا يعرفُ دينا
ها هي الحفرةُ تبدو
كي تواري الساقطينا




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !